لقاء تلقينهم ما يجب عليهم القيام به، من تصريحات ملتوية وبيانات مفبركة ضد وطنهم وأخوتهم أبناء الوطن الذين يحملون جميعهم هويته الواحدة.
من المؤسف أن يعلو صوت أحد السوريين الذين خانوا وطنهم لقاء وعود باهتة بسلطة مبهمة وحفنة من الدولارات لن ترافقه إلى مثواه الأخير، حين يرذله التاريخ، وحين يلحقه العار حتى إلى القبر الذي سيأويه يوما، بعد أن يرث أبناؤه عنه الذل الذي سيرافقهم مدى الحياة.
هذا ما بدا واضحا أمام كل من راقب مجريات ما حدث في مؤتمر جنيف، الذي عُقِد بين المعارضة والدولة السورية لوضع الأسس المستقبلية لوطن ما زال شعبه يعاني منذ خمس سنوات حربا كونية شرسة لم تبقِ ولم تذر، ومع هذا كانت الكرامة الوطنية ثابتة في النفوس، والصمود قوياً من الدولة والقائد والجيش والشعب بشكل أذهل العالم كله، وحتى أولئك الذين راهنوا على اندحار سورية في أيام قلائل. . لهذا كانت الصدمة قوية ومضاعفة في جنيف، حين أذيع نبأ فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء المحاصرتين منذ ثلاثة أعوام من الإرهابيين والمرتزقة، الذين رفعوا شعار المعارضة زورا، و ظن أفرادها الخونة أنهم قادرون على الجلوس وجها لوجه أمام شرفاء سورية وعلى رأسهم السفير القدير بشار الجعفري، الذي أثبت قدرات هائلة في الصمود والتصدي والتربية الوطنية القادرة على مقارعة الحجة بالحجة، من أجل وطنه سورية، التي آمن بها وطنا موحدا لجميع أبنائه.
كان المشهد هزيلاً، خصوصاً أن هياكلَ ما سمي بالمعارضة لا قيمة لهم على أرض المعركة ولا أنصار لهم في الميدان الشعبي، ما أوقع أميركا وحلفائها في شر أعمالهم وطويات أنفسهم وسواد ضمائرهم حين رهاناتهم على أولئك الخونة والضعفاء، لم تجلب لهم سوى الانهزام والانكسار في معارك حشدوا لها المال والسلاح والثروات الفائضة ومع هذا كانت، في المقابل، علامات النصر ترتفع على الأرض السورية من قبل سورية وحلفائها الأوفياء، وكل من آمن بدورها العربي الوطني الطليعي، الذي لا يمكن لقوة في الأرض مهما علت راياتها، أن تهزم جيشا وشعبا وقيادة آمنوا بالوطن وبالدفاع عنه ضد كل معتد وخائن. . اذ لا كرامة لمواطن يخون وطنه مهما علا ضجيجه المرسوم بدقة.
هكذا بدا رياض حجاب اللعين، هذا الإبليس الذي أخذ من الدولة السورية ما لم يحلم به مطلقا، ومع هذا انهار أمام إغراءات أعداء وطنه، فالتجأ إليهم صاغرا ذليلا، ناشدا جعب المال كي يغرف منها ما يستطيع في الوقت الذي فشل في جنيف من ضبط أعصابه، وشهد الجميع على انهياره وصراخه الهستيري، حين علم بتحرير بلدتي نبل والزهراء وإحكام الطوق حول حلب من قبل الجيش العربي السوري وحلفائه في الميدان.
غريب أمر هؤلاء الخونة الذين لا يقرؤون التاريخ، ولا يراقبون تسلسل الأحداث منذ بداياتها وحتى تاريخه ولا يدركون قراءة موازين القوى ولا حتى لعبة الأمم. فأميركا لا يمكن أن تجاري حلفاءها المهزومين بدليل اندفاعاتها القوية نحو إيران، وقد شكل هذا النجاح الإيراني خلال مفاوضات النووي توقيع معاهدة رفع العقوبات والإفراج عن الأموال الإيرانية الضخمة دون أي مساس بقدراتها القائمة على احترام سيادتها وكرامة شعبها وأخلاقيات مسؤوليها الوطنية. كما أن أميركا لا يمكن أن تتجاهل قوة الصمود والتصدي للجيش السوري في حرب كونية دولية فاجرة، كما أنها أقرت ولو بصعوبة بصمود القيادة السورية وحكمتها في التصدي للمؤامرة، التي أطل من خلالها الرئيس بشار الأسد كقائد عربي مستقبلي يشار له بالبنان، حيث من المستحيل بعد الآن، تجاهل قدراته وقوة حنكته السياسية، القائمة على العلم والمعرفة الموثقة بقراءة التاريخ قديمه وجديده.
كما أنه يبدو من خلال الانتصارات التي تسجل في الميدان السوري، وحتى العراقي، وما يبدو من تماسك القوتين الهائلتين في لبنان في وجه كل ما يحاك من مؤامرات تبقي لبنان ساحة للفساد والمفسدين، عنيت بهما حزب الله والتيار الوطني الحر، الذين أثبتا بعد عشر سنوات مضت على ورقة التفاهم بينهما، أنهما عرفا كيف يبنيان قاعدة شعبية مؤمنة بالوطن وبالعداء لإسرائيل ولكل من تسول له نفسه الاعتداء على سورية العروبة بأسلوب مقياسه وحكمته الأخلاقيات والكرامة والوجدان الوطني، وأنّ المؤامرة الكونية فشلت وان تباشير هزيمة الأعداء قائمة وثابتة في الميدان.
وها هو جنيف يثبت فشلهم قبل أن يبدأ اللقاء، وها هم المقتدرون في لبنان يفشلون مخططاتهم قبل أن يحصل ما يرمون إليه، وها هم قد فشلوا في شن الحرب على إيران، التي هي اليوم بوابة واسعة لرجال الاقتصاد العالميين من أوروبيين وأميركيين على حد سواء، لهذا باتوا لا يدرون ماذا يفعلون، حيث نجد ضجيجهم وصراخهم يعلو بالوعيد والتهديد، الذي لن يطعمهم نصرا مؤزرا كما يشتهون، فهل لتركيا القدرة على مهاجمة سورية بقوى برية هائلة وروسيا في الميدان؟ وهل للسعودية ووزير خارجيتها مهاجمة سورية بجيوش برية وهو لتاريخه منهزم في اليمن، ثم من يجيز له ولحكومته الدخول إلى سورية بقوى برية؟ هل تعلم الدرس من اجتياح صدام حسين للكويت! وهذه مسألة أدانها كل العالم بما فيهم السعودية، لعدم قانونية مهاجمة دولة عربية لدولة أخرى واختراق سيادتها حسب القوانين الدولية ! أغلب الظن أن الوزير الجبير الشاطر لم يقرأ جيدا الفروقات بين سورية واليمن بسبب ترعرعه في العاصمة واشنطن، علما أنه لا يمكن لعاقل ألا يطرح خرائط تحولاتها ومجرياتها على طاولة البحث، حين الهدف المرسوم مهاجمة سورية! هنا يمكننا القول انه لابد من العودة لما صرح به مؤخرا الوزير السوري وليد المعلم في مؤتمره الصحفي أمس حين أجاب إحدى الصحافيات بالقول : (المعتدون على سورية سيعودون إلى بلادهم بتوابيت خشبية).
حان الوقت يا سادة العرب النجباء، كي تعلموا أن سورية وحلفاءها هم اليوم القوة التي ستظهر تباشيرها عما قريب على الساحة الدولية وقد ظهرت وأنتم تعلمون وتكابرون، وأميركا تدرك هذا الأمر جيدا، وكذلك أوروبا، لهذا لا بد من إعادة القراءة جيدا لما ستأتي به الأيام والأشهر القادمة.. وعلى الخونة أن يستفيقوا قبل أن يسبق السيف العذل.