ولا للبدء بتحولات سلمية، تفضي في النهاية إلى بناء جسور ثقة بين الأطراف الدولية، للوصول إلى مشروع نهائي يشكل بوابة سلام نحو التغيير في الخطاب والأفكار والأسلوب والتوجه، والوصول إلى الدولة السورية المتماسكة، الموحدة، العلمانية.. كما جاء في مقررات فيينا، لم يحدث في جنيف أي تحرك حقيقي من قبل المعارضات، ولا من جهة الدول الراعية والداعمة للإرهاب، لا في الخطاب، ولا في الأسلوب، ماحصل أن تلك العناصر التي أسموها» معارضة باتت أكثر تبعية، وأكثر شراسة في خطابها الدموي والإلغائي، لها طريق واحد، وحلم واحد هو الوصول إلى دمشق الغارقة بالدم، وفق خطاب وهابي إخواني استسلامي.
فالانفجارات تواكب عقد كل مؤتمر، كما واكبت عقد هذا المؤتمر تفجيرات السيدة زينب.. لتكون رسالة للسوريين، وللدولة السورية، بأن الدم لن يتوقف إلا بتسليم قيادة الدولة لقوى الإرهاب، ومن بعد ذلك، أي تسلم قيادة دمشق، وضع السوريين على مقصلة الذبح وفق تصنيف «من مع الدولة ومن ضد الدولة» .
وبتعبير أدق:
من مع نهج الوهابية الصهيوني الأمريكي، ومن ضد هذا النهج، وليس ثمة تصنيف آخر .. فلا تصنيفات طائفية، ولا مذهبية، ولا قبلية، كما يريد بعضهم أن يروّج، أو كما يقرؤها البعض الآخر... فالتصنيف الوحيد المتبنى من كل الجهات التي تمسك بالسلاح، هو: «من مع القتلة، ومن ضدهم».
ووقائع الدم اليومية تقدم الدليل على هذا المنهج، وهذا ما أفسح المجال لتوافد عناصر إرهابية كثيرة من الخارج، مرتزقة، تحت علم أسود، وباسم الدين يمارسون القتل، وربط هذا القتل بالدين كإيمان وعقيدة، وعبر مغريات جنسية فاضحة، وفتاوى فاضحة.
إن مشاهد الحصار والدم والقتل المتكررة.. يومياً، وساعياً، دير الزور، والرقة، والحسكة، وحلب، وإدلب، ودمشق، واللاذقية، وحمص، وفي جميع القرى والبلدات التي وصلها الإرهابيون، تؤكد وجود مشروع لسفك الدم السوري، كل الدم السوري، لتدمير سورية بشرياً، وثقافياً، وتاريخاً، وفق مخطط مدروس ومعد جيداً في دوائر ومؤسسات استخباراتية اقليمية وغربية، لأن هذه القوى الدموية مرتهنة لهذه الجهات، مالياً، وفكرياً، ومذهبياً، حيث باتت المسحة الأميركية الصهيونية هي التي تلوّن أعمال القتل.. يرى وزير الخارجية الأميركي « كيري»
إن الإعمال العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري، بدعم من الطيران الروسي، ويقصد بها فك الحصار عن نبل والزهراء، هو الذي أفسد مؤتمر جنيف، ويوافقه الرأي وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا، وألمانيا الذي أكد في السعودية الحاضنة لقوى الإرهاب أن الدعم الروسي هو الذي افشل مؤتمر جنيف.. هذه التصريحات العدوانية، تفضح مواقف الغرب، وتظهر نفاقه، وكذبه، لأن هذا الغرب، يريد استمرار نزيف دماء السوريين على يد الإرهاب.. واستمرار حصار السوريين، وتجويعهم، كان عليهم لو كانوا صادقين، وجادين في تخليص سورية من الإرهاب، والتجويع، والفقر، ولو كانوا حقاً مع حقوق الإنسان، عليهم أن يباركوا فك الحصار عن نبل والزهراء، وان يدعموا اي خطوة تفضي إلى خلاص السوريين من هذا الواقع المؤلم، والتأكيد على الدول المحيطة بسورية جغرافياً، وإغلاق كل النوافذ التي يعبر منها القتلة والسلاح إلى سورية، ومنع سرقة النفط السوري، والاقتصاد السوري، وتهريبه إلى تركيا ومنه إلى إسرائيل وأوروبا، لتمويل هذا الإرهاب، الذي تمر أمواله عبر المصارف الدولية التي تمارس المقاطعة على البنوك والمصارف السورية.
إذا قرأنا تصريحات وزراء خارجية النظام السعودي، والتركي، وتصريحات كيري وحلفائه في أوروبا العجوز.. لوجدنا أن الاتجاه يقوم على دعم المعارضات المسلحة إعلامياً وعسكرياً وسياسياً ومالياً إلى ابعد الحدود للوصول إلى السلطة، وليس ثمة حلول أخرى، تجنح إلى السلم، ووفق هذه الرؤية.. نجد توجه قوى مايسمى بالمعارضة.. وبخاصة معارضة الرياض هو السلطة، وهذا أمر محرّم عليهم، يقول الوزير «المعلم»: لن نسمح لهم ان يحققوا عبر مؤتمر جنيف، مافشلوا في تحقيقه ميدانياً على الأرض.