تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الرومانسية المفقودة!!

مرايا اجتماعية
الخميس 8-3-2012
ثورة زينية

قرأت وبالصدفة قصة على احد مواقع الانترنت تحكي حال الرومانسية المفقودة بين زوجين، هذه القصة دفعتني للتساؤل هل مثل هذه التفاصيل الصغيرة يمكن ان تكون مهمة لهذه الدرجة في استمرار العلاقات الزوجية بشكل صحيح؟

وهل إهمال مثل هذه التفاصيل هو سبب مانشهده من ارتفاع لحالات الانفصال والطلاق في مجتمعاتنا ؟‏

قد تكون مثل هذه القصص ذات دلالات تنم عن مدى افتقار معظم العلاقات الزوجية الى الدفء والرومانسية الغائبة لدى الأزواج والزوجات وغيابها يعني غياب الأوقات والصور التي تنعش وتذكي الحب وتقرب القلوب في أجواء من الحميمية الشاعرية و بدلاً من ذلك تتسلل صور الملل والرتابة والخلافات والانشغال بظروف الحياة من عمل وأولاد والضغوط . بعكس ما كان عليه الزوجان في بداية حياتهما معاً.‏

تقول القصة: عندما عدت إلى المنزل ذات ليلة كانت زوجتي بانتظاري وقد أعدت طعام العشاء، أمسكت يدها وأخبرتها أنه لدي شي أخبرها به، جلست هي بهدوء تنظر إلي بعينيها أكاد ألمح الألم فيها،فجأة شعرت أن الكلمات جمدت بلساني فلم أستطع أن أتكلم، لكن يجب أن أخبرها أريد الطلاق خرجت هاتان الكلمات من فمي بهدوء، لم تكن زوجتي متضايقة مما سمعته مني لكنها بادرتني بهدوء وسألتني لماذا؟ نظرت إليها طويلاً وتجاهلت سؤالها ما دفعها للغضب بأن ألقت ملعقة الطعام وصرخت بوجهي أنت لست برجل.‏

في هذه الليلة لم نتبادل الحديث أنا وهي ، كانت زوجتي تنحب بالبكاء أني أعلم أنها تريد أن تفهم ماذا حدث لزواجنا لكني بالكاد كنت أستطيع أن أعطيها سبباً حقيقياً يرضيها في هذه اللحظة أحسست أن زوجتي لم تعد تملك قلبي فقلبي أصبحت تملكه امرأة أخرى.‏

أحسست أنني لم أعد أحب زوجتي فقد كنا كالأغراب إحساسي بها لم يكن يتعدى الشفقة عليها.‏

في اليوم التالي وبإحساس عميق بالذنب يتملكني قدمت لزوجتي أوراق الطلاق لكي توقع عليها.‏

ألقت زوجتي لمحة على الأوراق ثم قامت بتمزيقها الى قطع صغيرة، فالمرأة التي قضت 10 سنوات من عمرها معي أصبحت الآن غريبة عني، أحسست بالأسف عليها ومحاولتها لهدر وقتها وجهدها فما تفعله لن يغير من حقيقة اعترافي لها، وأخيراً انفجرت زوجتي أمامي ببكاء شديد الأمر الذي كان توقعته منها أن تفعله، بالنسبة لي بكاؤها كان مصدر راحة فهو يدل على أن فكرة الطلاق التي كانت تراودني أسابيع طويلة قد تصبح حقيقة ملموسة أمامي .. في اليوم التالي عدت الى المنزل في وقت متأخر من الليل لأجدها منكبةً تكتب شيئاً، لم أتناول ليلتها العشاء وذهبت على الفور للنوم، وسرعان ما استغرقت بالنوم فقد كنت أشعر بالتعب جراء قضائي يوماً حافلاً بصحبة حبيبتي فتحت عيني في منتصف الليل لأجدها مازالت تكتب، في حقيقة الأمر لم أكترث لها كثيراً وأكملت نومي مرة أخرى وفي الصباح جاءت وقدمت لي شروطها لقبول الطلاق، لم تكن تريد أي شي مني سوى مهلة شهر فقط، لقد طلبت مني أنه في هذا الشهر يجب علينا أن نفعل ما في وسعنا حتى نعيش حياة طبيعية بقدر الإمكان كأي زوجين سبب طلبها هذا كان بسيطاً بأن ولدنا سيخضع لاختبارات في المدرسة وهي لا تريد أن يؤثر خبر الطلاق على أدائه بالمدرسة.‏

لقد لاقى طلبها قبولاً لدي لكنها أخبرتني أنها تريد مني أن أقوم بشي آخر لها ، لقد طلبت مني أن أتذكر كيف حملتها بين ذراعي في صباح أول يوم زواجنا وطلبت أن أحملها لمدة شهر كل صباح من غرفة نومنا الى باب المنزل!!!‏

بصراحة الأمر اعتقدت لوهلة أنها قد فقدت عقلها!!!!‏

في اليوم التالي تصرفنا أنا وهي بطبيعية أكثر وضعت رأسها على صدري، استطعت أن اشتم عبقها، أدركت في هذه اللحظة أنني لم أمعن النظر جيداً في هذه المرأة منذ زمن بعيد، أدركت أنها لم تعد فتاة شابة على وجهها رسم الزمن خطوطاً ضعيفة، غزا بعض اللون الرمادي شعرها، لدقيقة تساءلت ماذا فعلت أنا بها ؟....‏

في اليوم الرابع عندما حملتها أحسست بإحساس الألفة والمودة يتملكني اتجاهها، إنها المرأة التي أعطتني 10 سنوات من عمرها.‏

في اليومين الخامس والسادس شعرت أن إحساسنا بالمودة والألفة أصبح ينمو مرة أخرى.‏

وأصبحت أحمل زوجتي صباح كل يوم وحملها يكون سهلاً أكثر وأكثر بمرور مهلة الشهر التي طلبتها أرجعت ذلك إلى أن التمارين هي من جعلتني قوياً فسهل حملها.‏

فجأة استوعبت أنها تحملت الكثير من الألم والمرارة في قلبها ، لاشعورياً وضعت يدي على رأسها بحنان، في هذه اللحظة دخل ولدنا وقال« أبي لقد حان الموعد لتحمل أمي خارج الغرفة» بالنسبة إليه رؤية والده يحمل أمه أصبح جزءاً أساسياً من حياته اليومية، طلبت زوجتي من ولدي أن يقترب منها وحضنته بقوة، لقد أدرت وجهي عن هذا المنظر لخوفي أنني سأغير رأيي في هذه اللحظة الأخيرة، ثم حملتها بين ذراعيي أخرجتها من غرفة النوم إلى الباب الخارجي مروراً بغرفة المعيشة وهي تطوق عنقي بيديها بنعومة وطبيعية، ضممت جسدها بقوة كان إحساسي بها كإحساسي بها في أول يوم زواج لنا، لكن وزنها الذي أصبح خفيفاً جعلني حزيناً.‏

في آخر مرة عندما حملتها بين ذراعيي لم استطع أن أخطو خطوة واحد، ولدنا قد ذهب الى المدرسة ضممتها بقوة وقلت لم أكن أتصور أن حياتنا كانت تفتقر إلى المودة والألفة إلى هذه اللحظة.‏

قدت السيارة وترجلت منها بخفة ولم أغلق الباب خلفي خوفاً مني من أن أي تأخير قد يكون السبب في تغيير رأيي الذي عزمت عليه... صعدت السلالم بسرعة ...فتحت حبيبتي الباب وهي تبتسم وبادرتها قائلا:« أنا آسف لكني لم أعد أريد أن أطلق زوجتي»‏

وقفت عند محل بيع الزهور في الطريق واخترت حزمة من الورد جميلة لزوجتي، سألتني بائعة الزهور ماذا تكتب في البطاقة؟ فابتسمت وكتبت « سوف استمر أحملك وأضمك بين ذراعيي كل صباح إلى أن يفرقنا الموت»في هذا اليوم وصلت إلى المنزل وحزمة ورد بين يدي وابتسامة تعلو وجهي ركضت مسرعاً إلى زوجتي الى أني وجدتها وقد فارقت الحياة في فراشها.‏

لقد كانت زوجتي تكافح مرض السرطان لأشهر طويلة دون أن تخبرني وأنا كنت مشغولاً لكي لا ألاحظ، لقد علمت أنها ستموت قريباً وفضلت أن تجنبني أن ردة فعل سلبية من قبل ولدنا لي وتأنيبه لي في حال مضينا في موضوع الطلاق، على الأقل هي رأت أن أظل أكون الزوج المحب في عيون ولدنا.‏

وعن الرومانسية يقول علماء النفس: هي ذلك الاحساس الجميل الذي ينسينا الشعور بمن حولنا وهي التي تجعل الحياة رغم صخبها هادئة ومتناغمة فهي حلقة مهمة وفقدانها قد يفاقم المشكلات الأسرية لتصل إلى الطلاق، فالرومانسية ليست هي شموع وورود فقط بل هي انعكاس لما بداخلنا من عواطف جياشة ومشاعر صادقة متبادلة بين الطرفين فهي تمنح الاحساس بالدفء والمودة والرحمة و تقتصر أهمية الرومانسية على جوانب عدة أهمها أنها تمنح الشعور الذي يجعل الزوج يرغب بزوجته وتجعل الزوجة ترغب بزوجها ونحن لدينا و الرجال عموما لا يتمتعون بحس رومانسي بقوة الحس الرومانسي لدى المرأة، لهذا نجد الرجال يعبرون عن رومانسيتهم بطرق مختلفة وقليلة جداً وكثيراً ما نجد أن المرأة تنشد الرومانسية من الرجل في كل وقت فهي لا تطمع في باقة ورد أو قصيدة شعرية بل يكفيها كلمة رقيقة او لمسة حنان وكلمة احبك تسعدها كثيراً. ومن النتائج المترتبة على فقدان الرومانسية:الخيانة الزوجية وتعدد الزوجات وحالات الطلاق الكثيرة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية