تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المنطقة بين نار الحروب والفوضى الهدامة

دراسات
الأربعاء 22-4-2015
حسن حسن

الانسداد النسبي في العلاقات بين القوى العظمى يفجر في العادة حروباً إقليمية محدودة، لكن الانسداد الكامل يؤسس لحروب مفتوحة قد تتدحرج إلى كوارث.

حين انتصرت الولايات المتحدة مع حلفائها على ألمانيا النازية واليابان وحلفائهما في الحرب العالمية الثانية لم تستطع الإدارة الأميركية في ذلك الوقت من فرض شروط انتصارها على الجميع لأن منتصرين آخرين مثل الاتحاد السوفييتي وقف في وجه املاءاتها ومحاولة سيطرتها على العالم، وتراجعت القدرة العسكرية لدول مثل بريطانيا وفرنسا، وظهرت قدرات عسكرية أخرى منافسة.‏

واليوم بعد مرحلة استفردت خلالها منذ عام ١٩٩٠ الولايات المتحدة بمحاولة السيطرة على العالم ومؤسساته الدولية (الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي وغيرهما).‏

بدأت الساحة الدولية تحمل مؤشرات تتزايد فيها احتمالات وقوع صدام في منطقة ما يؤدي إلى صدام على طريقة الحروب العالمية.‏

الكل يرى أن المنطقتين اللتين تزداد فيهما احتمالات الصدام بين دول كبرى مثل روسيا والولايات ومثل إيران وحلفائها هما: أوروبا في الأزمة التي خلقتها في أوكرانيا والشرق الأوسط في الأزمة التي تخلقها تجاه الموضوع النووي الإيراني والملاحظ أن إدارة أوباما تسير باتجاه حافة هاوية الصدام مع روسيا في أزمة أوكرانيا ولا تستطيع السير بالطريقة نفسها في الأزمات في الشرق الأوسط وهذا ما زاد من الارتباط العضوي بين المنطقتين أي أوروبا والشرق الأوسط وفي كلتا المنطقتين تجد واشنطن نفسها بعيدة عن ساحة أي حرب محتملة أو أي حرب تسعى إلى اشعالها بعد تزايد أشكال التدخل العسكري بالقوات أو بإرسال المعدات والأسلحة في كلتا المنطقتين من الإدارة الأميركية وبما يشبه التدخل البريطاني في أوروبا قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية عام ١٩٣٩ في أوروبا، لكن نقاط الاختلاف بين ظروف تلك الحرب مع الظروف الراهنة بدأت تولد قواعد لعبة تستخدم فيها واشنطن كل أشكال الحصار والتهديد والعزل على أي هدف تمهيداً لتفتيت قدراته تدريجياً دون الاشتباك المباشر معه.‏

ففي أوكرانيا يشتبك وكلاء أميركيون مع المدافعين عن مصالحهم التي تلتقي وتترابط مع مصالح موسكو بطريقة تجعل السكوت الروسي هزيمة لموسكو والاشتباك المباشر مع أي وكيل لواشنطن انتقالاً محتملاً لحرب عالمية.‏

أما في منطقة الشرق الأوسط فالظروف مختلفة ولا تنطبق عليها قواعد اللعبة في أزمة أوكرانيا لأن القوى الإقليمية قابلة بقدراتها مع حلفائها في الشرق الأوسط على مجابهة الاشتباك المباشر مع واشنطن لأن دول الوكلاء غير مؤهلة للقيام بهذا الاشتباك المباشر باستثناء «إسرائيل»، فواشنطن بعبارة أوضح تجد أن إيران وسورية والمقاومة قادرة على الاشتباك المباشر مع القوة الأميركية وهذا ما كاد يحدث في آب وأيلول ٢٠١٣ حين حشدت واشنطن قوتها البحرية والجوية للاشتباك المباشر مع سورية ثم تراجعت في اللحظة الأخيرة.‏

من هنا فإن العاصمة الأميركية تعاني نقطة ضعف بسبب كتلة القوة العسكرية والمعنوية والبشرية التي يمثلها محور المقاومة وأطرافه، وهي لهذا السبب لا تزال تراهن على دور الوكلاء المحليين أو من الدول المجاورة لكن وضعاً كهذا لا يمكن التكهن بما يمكن أن يحمله من خطر على جميع الأطراف وخصوصاً لجهة أي احتمال يفجر اشتباكاً واسعاً ومباشراً بين أي من هذه الأطراف الثلاثة (سورية وإيران والمقاومة) و«إسرائيل».‏

إن الإصرار الأميركي للسيطرة على المنطقة يتجلى في سورية حيث تقود أميركا مجموعة حروب مشتركة على أراضيها وما إن تتكشف ورقة إرهاب تدعمه تستبدلها بورقة إرهابية أخرى تمنع تركيا وتسمح لـ«إسرائيل» بالتورط في سورية وتشجع الأردن على تأدية أدوار سورية وتهاجم إيران وحزب الله لدفاعهما عن سورية فمجمل التنظيمات الإرهابية إنما دعمت من أصدقاء أميركا الشرق أوسطيين والإقليميين وكل ما تفعله واشنطن ليس أكثر من تبديل جلد الأفعى لأن مشروعها هو تدمير الدولة السورية أي تدمير حليف لروسيا بحيث لا يعود لأساطيلها موطئ قدم شرق أوسطي.‏

ويبدو أن واشنطن كانت تنتظر نتائج المفاوضات الجارية مع طهران بخصوص الموضوع النووي لكي تحصل على إحدى نتيجتين: إما التوقيع على اتفاق بين الغرب وإيران يؤدي إلى ابعاد واشنطن عن خطر المجابهة المباشرة ليزداد دور الوكلاء وإما أن تفشل المفاوضات فتنتقل المنطقة كلها إلى خطر المواجهة المباشرة مع القوات الأميركية التي أصبحت في العراق في مرمى النيران الإيرانية والعراقية وتتسارع التطورات لتشمل مواجهة مباشرة وواسعة بين سورية والمقاومة من جهة و«إسرائيل» من الجهة الأخرى وهذا التداخل بين أي اشتباك تنفذه واشنطن مباشرة على إيران أو سورية أو المقاومة وبين ضرورة اتساع الحرب باتجاه «إسرائيل» وتنوع أشكال المجابهة العامل الذي يجب وضعه في كل الحسابات المقبلة من جميع الأطراف.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية