وفي المقابل تجد صفحات لنساء وفتيات وفتيان غير معروفين حتى في البناء الذي يقيمون فيه، تستقطب مساهماتهم التافهة، والمقرفة في أكثر الأحيان، على مئات اللايكات...
ومنذ دخولي في عمق أدغال غابة الوحوش هذه، وأنا أعيش حالة متواصلة من التساؤل، عن الفائدة التي يجنيها مشترك الفيس بوك، من وجود آلاف الصديقات والأصدقاء المزيفين على صفحته (بأسماء حقيقية أو مستعارة).
أقول مزيفين لأن هؤلاء يمكن وصفهم بأي شيء، ماعدا وصف صديقة أو صديق، لاسيما وان الإنسان يعيش، في أحيان كثيرة طيلة حياته، ولا يجد من يستحق أن يقول عنه أنه صديق أو صديقة (رغم وجود بعض الحالات الاستثنائية والنادرة).
فمن لديه على صفحته 4000 ممن نسميهم تجاوزاً أصدقاء، يتابعه من 40 الى 60 مشتركاً كحد وسطي، ومن لديه ألف يتابعه من 10 الى 20 مشتركاً كحد وسطي، أي بمعدل واحد او اثنين في المئة.. أليس هذا شيئاً مفجعاً ومريعاً ومخجلاً، وكافياً لأن نحذف غير آسفين، كل الباقين الذين لايتابعون، أو يتابعون ويعتبرون انفسهم في مرتبة لاتسمح لهم بوضع لايكات للآخرين، وهم في الواقع ليس عندهم شيء مفيد يقولونه للمجتمع، وفي أحسن الأحوال ليسوا افضل، على الصعيدين الثقافي والإبداعي، ممن يتابعون ويعترفون بتميز الآخرين، والأسوأ من كل ذلك ان نتلقى في كل يوم عشرات الألبومات والصور والروابط من أشخاص لم نسمع بهم من قبل، ويطلبون منا لايك كحسنة أو كصدقة، وان نتلقى أيضا عشرات الدعوات في اليوم الواحد، من اشخاص، لم نسمع بهم من قبل للمشاركة بألعاب وكأننا في روضة أطفال.
ان أمة بلا عباقرة أفضل الف مرة من أمة لاتلتفت لمبدعيها وعباقرتها، وبعض كبار المبدعين العرب لديهم صفحات على الفيس بوك، ولا يصلهم ولا لايك واحد، لسبب تعرفونه هو ان العرب مشغولون دائما، بما هو أسمى من الفن الرفيع،
ومشغولون أيضا بتدبير المكايد لبعضهم البعض، ولاسيما أدعياء المواطنة والدين.
facebook.com/adib.makhzoum