وهل يكفي ان نعتمد افكارا لكتاب مسرحيين عالميين, لنضمن شيئاً من نجاح العرض?
أوليس( النص- الاخراج- الأداء) المسرحي, عناصر متلازمة ومتلاحمة لا يقوم احدها دون الآخر, لتحقيق العرض الامثل المراد, وبالطبع دون نسيان العناصر المسرحية الاخرى (سينوغرافيا , موسيقا...)
في عرض ( رجال محترمون) , المقدم كعرض افتتاح لمهرجان الهواة المسرحي الاول (الدورة الثانية) في مسرح القباني, كتب على البروشور( عن تشيخوف ) وأما النص والاخراج والتمثيل فهي: لقصي قدسية ونضال صواف, اذا نحن امام افكار تشيخوفية, واعداد محلي, كما هو مفترض. والعرض ككل هو عبار عن لوحات مشاهد مسرحية تعتمد تقديم مفارقات حياتية تسلط الضوء على السلبي المعاشي في حيواتنا .
تحكي اللوحة الاولى عن تكريم المبدعين, ولكن بعد ان يكون قد فات الاوان, ليأتي احتفال التكريم كتحصيل حاصل لا اكثر ولا أقل حيث الموت او المرض هو الحال الذي آل اليه المبدع .
وكأن في هذه المفارقة ايماءة الى ان شخص المبدع ذاك , مهما تلقى من اهتمام وحفاوة (متأخرة) فلن يمنحه ذلك ولو جزءا يسيرا مما يستحق, اذ لا تقدير حقيقيا للابداع والتميز.
بينما تصور اللوحة الثانية صدفة تقود شابا الى عنوان خاطئ ما يجعله مثار سخرية السيد الذي وقع بين يديه.
اما المفارقة الثالثة فتحكي عن احد الاحتفالات التأبينية وما حصل فيه من خلط بين اسم الميت , واسم أحد الحضور لحفل التأبين بمعنى ان كل الكلمات ( الخطب)التي تلقى في مثل هذه المناسبات, تصلح للجميع, هي من عموم الكلام , فلا اختلاف ولا تميز.
الرؤية الاخراجية اعتمدت تقنية /لعبة المسرح داخل مسرح, التي شكلت الرابط بين هذه اللوحات. بمعنى ان هناك ممثلين ( شخصيتين) يقدمان لنا بروفاتهما على الخشبة وهذه اللوحات المقدمة هي عرضهم الذي يشتغلون عليه, بالاضافة الى ان ما يحصل لديهما من مفارقات وخلافات كان وسيلتهما في إلقاء الضوء على ما يجري في الكواليس, خلف الخشبة, بين الممثلين .
تذكّر المشاهد المقدمة في (رجال محترمون) باللوحات التمثيلية في المسلسلات الكوميدية الناقدة, اذ لا جديد قدم, وكأننا امام لوحات ناقدة لمسلسل مرايا, وما استنسخ منه.
ومعلوم ان تقديم الجديد ليس شرطا مسرحيا لازما , فالمواقف والحالات الانسانية تتشابه في كل زمان ومكان..ولكن.. ألا يتوجب في المسرح تقديم ما هو ممتع مفاجئ ومدهش ذاك الادهاش الكائن في قلب الحقيقي. اذ لا دهشة حقيقة تصل الى المتلقي, هناك بعض ردود الافعال الضاحكة بفعل المفارقة فقط.
ولذلك فُقد عنصر الادهاش من العرض الذي شكل الاداء فيه المنقذ الأوحد لأفكار مطروقة سابقا لم يتمكن الاعداد المسرحي من النهوض بها .فعلى الرغم من الاداء الصوتي الحركي المميز للممثلين , إلا ان اعداد النص بدا نقطة الضعف في العرض.
وكأنما هناك نوع من الاستسهال بات يظهر في الاعداد للمسرح فالكثير من المخرجين يعدون نصوصا لكبار المسرحيين ( على هواهم) ليقدموا لنا ما يسمى ( مسرحاً).
فهل نحن امام ازمة نص مسرحي, ناجمة عن عدم وجود اقلام مسرحية كفوءة, أم أمام استسهال في العمل المسرحي أدى لوجود ظاهرة الفنان المسرحي الجامع لشخص الكاتب والمخرج والممثل في ذات الوقت ?