بدأ حديثه قائلا: لقد بكيت فيكم شبابي كل عيش بعد الشباب فضول, اسمحوا لي ان اكون مجنوناً فأنا أجهل لغة العقلاء وبأنه لا يملك سرية قطف النجوم معتبرا اصابعه شجرة منسية في قاع البحر الأحمر لا تورق في الفضاء الرحب وانما تتحول الى لؤلؤة في جوف محارة واصبح القلق المميت شعوره الدائم الذي يجعله يضطرب كالنوارس والريح العاصفة المجنونة فهما المحرضان على الحب والابداع والطمأنينة.
منوها الكاتب مينة الى وضعنا الراهن الذي يعطي الامل بالانتصار الموعود لأمة العرب ولكن الطريق طويلة ولا نملك القدرة على المشاهدة والحفاظ على عدم انكسارنا من الداخل فرغم كل المحن ما زال الشعب العربي غير منكسر من الداخل فهذا يشعره بفرح كبير وطالب بالتغير والتجدد ومواكبة الزمن وخوض التجارب وعدم الخوف من المعاناة وبأن اغلب معلومات الانسان يجمعها من التعليم والناس فالناس هم الارسخ وكل ثروات الارض لنقصان إلا ثروة المعرفة فهي الى زيادة وطالب بالعيش في الناس وبينهم للتعرف على كيفية الكتابة عنهم والمحلية هي التي تكشف العالمية ونعمة الابداع كالمطر هو غيث السماء ومنحتها الكبرى.
كما قال إن أمي أيام السفربرلك كانت في الاناضول رزقت بأول بنت وقالوا: عروس اتت بعروس. وعندما جاءت الثانية عصبت جدتي رأسها بالأسود ولدى قدوم الثالثة زادت العصابات السوداء ودعت والدتي ربها ان يرزقها طفلا وكان الطفل حنا مينه عانيت كثيرا عملت بحارا ومن يعمل على صارية مركب يعرف ان من يدخل البحر مفقود وشرف الريس ان يكون آخر الناجين ومن يخرج منه مولود وحلاق واجير وفي سن الأربعين بدأت الكتابة في تلك الايام لم يكن أحد يقرأ ما أكتبه لست خريج جامعات ومعاهد بل خريج سجون ومناف دخلت السجن ايام الاستعمار الفرنسي وخرجت معافى لكنني تعلمت وعانيت من الفقر الاسود والآن تحولت الى الفقر الابيض وهو الافضل.
وطالب الذين يريدون السير في درب الكتابة بضرورة اغناء معارفهم وتجاربهم والتمكن من لغتهم والعيش على حافة الخطر وعدم الخوف من الحياة وجعلها هي التي تخافهم دائما وبأنه قد بحث عن الغابة والثلج وحتى الموت لم يخشه بل جعله يخافه مؤيدا قول المتنبي من يطلب الموت توهب له الحياة.
ثم عرج خلال حديثه الى الشعراء المتنبي ووصفه بالشاعر العظيم ووصفي القرنفلي ونزار قباني مؤكدا بأنه ظاهرة لن تتكرر كان شاعرا كبيرا وبفضله دخلت القصيدة الى كل المنازل وعندما تحولت رواية ( نهاية رجل شجاع) الى مسلسل تلفزيوني دخلت لكل البيوت حتى أدهشت الناس هذا هو المرفأ الذي عملت فيه بحارا ذات يوم .
واشاد بالمرأة وبأنها جريئة بدءا من أمنا حواء التي بدأ التاريخ قبلها وماذا قالوا عن أول امرأة مشت الى جانب الرجل او رقصت معه ولكنها لم تبالِ فالشرف غير محصور في عليها انما الزنا هو زنا الاخلاق.
بعد معاناة الكتابة تأتي التجربة التي يعتبر الحدث الجاهز انه النطفة الابداعية الاولى فالورقة البيضاء مساحة افعوانية تنظر الي بعيون مخيفة تجعلني في صراع معها اغلق باب غرفتي ورائي وأمسد شعري وأضع الطيب لها لبدء الكتابة لقد شهدت محاكمة من أبطال رواياتي الذين سواء جسدتهم على الورق أم لم يظهروا بعد ونهاية المطاف لعدم اظهار كافة الشخصيات والابطال حتى الآن وتجسيدها على الورق حكموا علي بالاعدام ولكن أطلب منكم ان تحكموا علي بالابداع .