حيث ما كان ممنوعاً الحديث فيه والإشارة إليه، أصبح مسموحاً ومسلّماً به، يفرض ذاته ووجوده ولا بديل عنه أصلاً، وهذا ما نفض الغبار عنه جون كيري خلال لقائه الحجّاب المتزعمين الجدد في الرياض، بعد أن هددهم بفقدان حلفائهم إذا لم يذهبوا إلى جنيف.
وهذا بالتأكيد نتيجة حتمية لثبات الموقف السوري المدعوم من الحلفاء، ومؤشر كبير على الهذيان الذي يعانيه أعراب السعودية، والضياع الذي يعيشه الأتراك نتيجة انهيار أحلامهم، والارتباك والتخبط الأميركي الإسرائيلي الذي بلغ أوجه بعد فرض روسيا لوجودها، ولأن لكل طرف فيهم «مرجعية» خاصة لجهة، تتبناها وتدعمها وتدفع بها إلى الميدان دائماً، دون أن تشجعها ولو مرة واحدة على الجلوس إلى طاولة الحوار والإصغاء إلى ما يمليه العقل والمنطق، لأن ما تريده إطالة أمد الحرب في سورية إلى أجل غير معروف.
وما نتج عن تأجيل لمؤتمر جنيف، وما تم الإعداد له والحديث عنه منذ أسابيع، يؤكد بالدليل القاطع أن قوى إقليمية ودولية تحاول كسب الوقت لمصلحتها وإشغال السوريين بحربهم وجعلهم، كمن يطحن الرمل أو يعجن الحصى منتظراً الخبز، ويخض الماء معللاً نفسه بالزبدة، ما يؤكد جميع المؤشرات والدلائل، سواء أنتج جنيف حلاً أم لم ينتج، فالحل السياسي مرهون بجدية الأطراف الدولية في محاربة الإرهاب، وبالتالي على سورية والحلفاء أن يواصلوا العمل للقضاء على الإرهاب، عندها يجلس العقلاء وينتجون حلاً نموذجياً يرضي الجميع، حيث من يصرون على رفع السلاح بوجه الدولة من الإرهابيين يبدو أنهم لم يحققوا أهدافهم في التخريب والدمار، والوقت مازال أمامهم.
الضربة القاضية على الإرهابيين تتشكل لكمتها، وسورية وحلفاؤها يكسبون في ربيعة ضد أردوغان ومرتزقة الشيشان والقوقاز، ويتجهون إلى جسر الشغور، ويتقدمون في الشيخ مسكين، ومن ناصب العداء للسوريين يسعى للاقتراب منهم، والمصالحات الوطنية تجري على قدم وساق، في الوقت الذي تتعرى فيه قوى التآمر وتخسر كثيراً من النقاط الجغرافية والمعنوية.