تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لماذا نعيش مواسم القحط الأدبي ...?

شؤون ثقا فية
الخميس 26/4/2007
محمود فاخوري

الادب الصحيح - فيما يجمع عليه اناس- هو ذلك الادب الذي ينبع من البيئة التي ترعرع فيها اصحابه ,

ويمت الى تلك البيئة بصلة وثيقة في مختلف اجناسه الادبية كما يستمد عناصره من صميم الواقع ويعتمد على الصدق في التصوير, والعمق في المعالجة والاكتواء بنار التجربة والمعاناة.‏

هل تتكرر هذه القامات الإبداعية?!‏

ولكن هذه الواقعة في الادب لا تعني بحال من الاحوال ان يكون تصويراً فوتوغرافيا ولقطات آلية لما يجري في المجتمع, اذ لا بد للاديب ان يسكب فيها كل فنه وبراعته وما لديه من تقنيات ادبية وخبرات غنية حصل عليها بجهده وطول ممارسته, وشمول تأمله ونفاذ بصيرته. وعلى هذا فلن يكون لادب ادبا- بالمعنى الحقيقي لها- إلا اذا استمد مادته من هذه الحياة المتجددة كل يوم, بل كل ساعة, لا ان يكون صورة واحدة تتكرر دائما بحيث لا تجد فارقا واحدا ومميزا بين مرحلة واخرى, او بين زمن وآخر.‏

ولعل خير مقياس نستطيع ان نقيس به قيمة اثر ادبي في اية لغة من اللغات هو ان نتأمل في مدى صلاحيته لأن يكون اثراً عالمياً تتقبله العقول في جملتها, ويجد له نفاذا في النفوس, وصدى في القلوب على اختلاف مشارب اصحابها, أو ان نحاول ترجمته بصدق وبلاغة الى لغة اخرى, فإذا احتفظ بقوته الادبية واصالته الذاتية كان ادبا عالميا يستحق الحياة والخلود.‏

ولو رحنا - على هذا الأساس- نطبق ذلك المقياس الادبي او النقدي على كثير مما تجود به اقلام الكتاب والشعراء اليوم لما وجدنا مادة خصبة لهذه المحاولة تقاس بما في الاداب العالمية المتوثبة والمتجددة .‏

وأسباب ذلك كثيرة ومتداخلة ولا يمكن حصرها في زمن واحد, ولا في بلد واحد من بلدان الوطن العربي الكبير الذي يحوي من المواهب والامانات الابداعية الشيء الكثير, ولكنها لا تظهر للعين, ولا ينتفع بها ا لناس والشباب من الادباء والشعراء يستعجلون الشهرة والظهور قبل النضج والاثمار,وقبل اعداد نفوسهم اعدادا فكريا وثقافيا ونقديا ولو انهم صبروا قليلا وتعبوا كثيرا لأ يقنوا ان الظفر مع الصبر, والنجاح في التأني والتروي . آية ذلك ان كثيرا من الادباء والشعراء يستهجنون جملة ما كتبوه في ايام الشباب ويستغنون عنه او يتبرؤون منه اذا سئلوا عنه أفليس الاجدر بالمرء اذن ان ينتظر بعض الوقت حتى يشتد عوده في ميدان الادب او الشعر او النقد قبل ان يطلع على اناس بما يجود به قلمه, او تفيض به قريحته? وعندئذ يكون ادعى الى القبول والرضا.‏

لقد عرفت البلاد العربية في السنوات الماضية - على سبيل المثال- كثيرا من الصحف والمجلات التي كان لها ادور بارز في التوجيه الادبي والتيارات الثقافية والفكرية, فمنها ما احتجب ومنها ما لا يزال يصدر حتى اليوم والقارئ المتتبع يلاحظ درجات متفاوتة في المستويات العلمية والادبية وبين ما كانت عليه تلك الصحف والمجلات وما آلت اليه بعد ذلك .‏

وقل مثل ذلك في الادباء والنقاد والشعراء الذين ملؤوا الدنيا وشغلوا الناس في تلك الايام مبدأ مثال الاخطل الصغير واحمد شوقي وتوفيق يوسف عواد والعقاد ورئيف خوري وخليل مردم وعمر ابو ريشة وغيرهم .‏

لا أنفي وجود نظراء لهؤلاء اليوم ولكنهم قلة اذا قيسوا بعدد سكان ا لوطن العربي وبما ينتظر من ادب حي مبدع يصلح ان يترجم الى اللغات الاخرى ليكون ادبا عالميا.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية