لاسيما إذا كان هذا الاعلام غير رسمي وغير حزبي وغير ناطق باسم حكومات تتغير مواقفها السياسية تبعاً لمصالحها ما يجعله (يساير) هذا التغيير وإن اضطر إلى التنازل عن بعض حياديته.
بالتأكيد لا إعلام حراً بالمطلق في العالم, ولا حيادية مطلقة في أي اعلام, ولكن بعض الكحل ضروري للتخفيف أو التقليل من رؤية الاشياء بلون واحد, وفي اتجاه واحد!!
انقلبت قناة المستقبل في توجهاتها السياسية والفكرية عن الشعارات التي كانت تطرحها وحولتها الأمزجة ورغبات الانتقام إلى أقل من قناة حزبية ضيقة الأفق والمشروع بعد أن كانت إحدى الأقنية القليلة المشاهدة بكثرة في الوطن العربي.
لقد انحصر هم هذه القناة بكيل الشتائم لمعارضي مموليها, وهوس التنقيب عن هفوات خصوم أصحابها إلى درجة أوقعتها في مآزق اعلامية واخلاقية كبيرة, كرصدها الخائب للحدود السورية اللبنانية لمراقبة عدد السوريين الذين سيشاركون في تظاهرات وفعاليات المعارضة, وانتقالها المباشر إلى مكان الأحداث في 25/1/2007 لمتابعة شغب عناصر المعارضة فإذا العناصر أفراد ينتمون إلى مشىئتها السياسية ويشتمون المعارضة أمام الكاميرا على الهواء مباشرة!!
إن احراجاً كبيراً ينتاب بعض مؤيدي هذه القناة وهم يرون (استحقاق) المستقبل بقيادة المحقق علي حمادة, الصحفي في جريدة النهار, وشقيق مروان حمادة الغني عن التعريف بشخصه, ومواقفه العنصرية والمتطرفة تجاه اشقائه في الوطن. هذا الاستحقاق الذي يجند ضيوفه المنتقين بعناية كغلاة للتطرف, يقود حملة إعلامية مسايرة للحملة السياسية لتثبيت أمر واقع, ومشروع سياسي يرفضه أكثر من نصف الشعب اللبناني, وقوامه الانقضاض على مشروع المقاومة وتحريض الناس عليها, مستخدماً (عدة) المحتال من بريد الكتروني واتصالات هاتفية مفبركة ورسائل وغيرها من أدوات النصب الاعلامي.
لقد أصبح سلاح المقاومة برأي قناة المستقبل واستحقاقاتها سلاحاً غير شرعي وأصبح الاعتصام السلمي احتلالاً لقلب العاصمة, وأصبح الرأي الآخر جريمة ومعاداة للحياة واستغراقاً في الشمولية!
سبحان الله..
لقد كان تلفزيون المستقبل من أوائل التلفزيونات التي نقلت وقائع يوم التحرير في أيار ,2000 ووقائع حربي 1993 و1996 وما ارتكبت فيهما من مجازر ولاسيما مجزرة قانا, وكان سنداً اعلامياً للمقاومة ومشروعها في تحرير الأرض والأسرى.. وفي النظرة إلى المحيط سواء كان عدواً.. أو صديقاً أو شقيقاً!
فجأة انقلبت القناة على المشروع الوطني والعربي لمالكها الذي ما كان ليسمح أن تشتم المقاومة عبر أثيرها وهو القائل إنه على استعداد لاعتزال السياسة إن كان سيقف يوماً في مواجهة المقاومة!
لقد قالت هذه القناة مديحاً في المقاومة, شعراً ونثراً, ما يمكن جمعه في دواوين دون أن تكون مضطرة إلى الرياء أو النفاق.
واليوم تمارس كل أصناف النفاق والدجل والسحر الأسود والتنجيم, فهي إما أنها كانت تكذب في الحالة الأولى, وإما أنها تكذب الآن, ولكنها في الحالتين تتعارض مع دلالة اسمها الذي سيبقى -بفعل القائمين عليها- في أذهان كثيرين مقترناً باسم إذاعة كانت تبث اغنيات لأم كلثوم في السادسة والنصف مساء من كل يوم, لأن لكل منهما امتيازات خاصة, وأسهماً في مشروع قادم لن يكتب له النجاح أبداً, لأن الحماقة لا يمكن أن تتحول مع مرور الوقت إلى حكمة, ولأن الأكاذيب الصغيرة والكبيرة لا يمكن أن تتحول.. ببساطة إلى حقائق!!
إنها تعرف الحقيقة.. ولكنها لا تجرؤ على إذاعتها.. لأن الكلفة.. أفراد.. ومشاريع.. و(مستقبل).