يهرب المواطن نحو الأماكن الفسيحة السرمدية, ويقنع نفسه بأن الحياة بلا جدوى, وأن الإنسان فانٍ على هذه الأرض, وبأنه ضيف لأيام معدودات, وسيرحل من مملكة التراب هذه نحو مملكة الضوء, التي لن يكون فيها بحاجة إلى سعي دائم ومضن. إذاً, فالحصول هناك على مكان فسيح, أهون بمليون مرة من الحصول على متر واحد, أو أقل بقليل, على الأرض التي ولد فيها.
يحكي أحد النصوص العظيمة, عن رجل ذهب إلى مملكة الضياء, بعد أن نزع عن نفسه ثوب اللحم والدم, وتعمم بعمامة النور, وحين وصل قال: (حزنت على الذين تركتهم قرب ذاك الجسد لا يرشدهم أحد).
هل تحتاج الجماهير الفقيرة إلى مكان تؤوي إليه? وهل يحق لها أن تطمع بسنتمترات, وهي التي ستملك عالماً شاسعاً, وتكون حرة فيه? ألا تتعظ من تجربة هذا الرجل, الذي وجد حريته?
يحكي أحد النصوص التي صيغت في بلدنا, عن ضرورة تأمين مساكن لكل المواطنين. ولا تمر مناسبة, أو يحبذ مسؤول أن يتحدث, إلا ويأتي على سيرة المساكن التي ستبنى, والتي ستقضي على هذه الأزمة. وفي كل مرة, يصدق الأخوة المواطنون, ويشعرون بأنهم على وشك استلام مفاتيح شققهم. وما أن تبرد همة المسؤول, ويشغله شاغل ما عن هموم المواطنين, حتى يعودوا أدراجهم إلى الحلم بمملكة الضياء, التي لا يعادلها مكان.
okba@ureach.com