تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أميركا تفضل النفط على القذافي..

موقع Mondialisation.ca
ترجمة
الأثنين 28-3-2011م
ترجمة: محمود لحام

« أنا مسرور جداً باستقبال موفد الرئيس القذافي هنا في وزارة الخارجية. ونحن نقدر ونحترم بشدة العلاقات بين الولايات المتحدة و ليبيا. وفي الواقع لدينا العديد من الفرص و الاحتمالات لتوسيع التعاون بين بلدينا

و أنا أرغب بحرارة بتطوير هذه العلاقات وتمتين هذا التعاون وأرحب مرة أخرى بمبعوث الرئيس القذافي».‏

بهذه الكلمات، و هذا الترحيب الحار استقبلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون معتصم القذافي نجل الرئيس الليبي في 21 نيسان 2009 وصافحته بحرارة و التقطت لهما الصور التذكارية وبجانبهما العلمان الليبي والأميركي .‏

بعد أقل من عامين، ها هي هيلاري كلينتون ذاتها تطالب وتدعو الشعب الليبي لخلع القذافي باسم الديمقراطية ودفاعاً عن حقوق الإنسان التي صارت اليوم الشغل الشاغل للولايات المتحدة وكأن لا شأن لها سوى الدفاع عن المستضعفين في الأرض. وكأن الولايات المتحدة قد أشبعت شعبها من الديمقراطية و أمنت له حقوقه و احترمت إنسانيته بحيث صار عندها فائض وها هي تحاول تصديره للمحتاجين من الشعوب.. فتارة على أفغانستان وتارة أخرى في العراق أو الصومال و السودان وها هي اليوم تنادي باحترام حقوق الإنسان في ليبيا وتدعو القذافي للرحيل، بل وتتدخل عسكرياً بغير حق، بالاشتراك مع حلفائها (أنصار الديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان) في عملية أطلق عليها اسم (فجر الأوديسا) مستفيدة من قرار بحظر الطيران فوق ليبيا كان أصدره مجلس الأمن ومستغلة لطلب الجامعة العربية (الغريب و العجيب) من مجلس الأمن بالتدخل لحماية الشعب الليبي..‏

فما الذي تغير؟ و لماذا تبدلت اللهجة الأميركية تجاه ليبيا؟‏

إن العلاقات الأميركية الليبية ورغم المناخ الإيجابي الذي يحيط بها ظاهراً، فإنها لم تكن أبداً كما تحب واشنطن وتشتهي وخاصة فيما يتعلق بالاستثمارات النفطية وحصة شركاتها العملاقة المتعددة الجنسيات. ومعلوم أن ليبيا تمتلك احتياطات ومخزونات نفطية تقدر بـ (60) مليار برميل، ولذلك هي الأضخم في إفريقيا وهذا الرقم يعادل ضعف الاحتياطي الأميركي، كما أن تكاليف استخراج النفط الليبي هي الأدنى عالمياً، إذ لا تتعدى الدولارين للبرميل الواحد و الذي يباع بـ أكثر من (100) دولار في الأسواق العالمية.‏

أيضاً، تمتلك ليبيا، مخزونات غاز طبيعي تقدر بـ حوالي (1500) مليار م3. أما الشركات التي تمتلك امتياز استثمار النفط الليبي فهي روسية وصينية وبعض الشركات الأوروبية و التي منها (N.d .t) و (E.n.i) بينماالشركات الأميركية مثل (Chevron)و(occidental petrolium) والتي تعمل في مجال التنقيب واستثمار البترول والغاز بقيت على الهامش وهاتان الشركتان المذكورتان سابقاً خسرتا حق تجديد عقودهما لمصلحة شركة ألمانية هي (R.W.Dia) مع نهاية عام 2010 وبداية 2011 اندلعت الثورات الشعبية العربية في البلاد العربية في شمال إفريقيا، حيث كانت البداية في تونس ومن ثم مصر ثم ليبيا وفي أماكن عدة من العالم العربي أيضاً، ما أثار ذعر واشنطن على مصالحها و خاصة بعد سقوط نظامي الرئيسين (بن علي و مبارك) فكان لا بد للإدارة الأميركية من التدخل وبشكل خفي للإمساك بخيوط الأحداث، ومارست ضغوطاً خفية كي تضمن انتقالاً منظماً و هادئاً للسلطة من أيدي النظام السابق إلى حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة المرتبط بشكل وثيق بالولايات المتحدة.‏

وعندما قامت أيضاً الثورة في ليبيا، تحولت يوماً بعد يوم لحرب أهلية لأن الرئيس الليبي حرض مناصريه على مواجهة الثائرين وزودهم بكل أصناف الأسلحة، لا بل استخدام الطيران لضربهم ما أحدث مجازر رهيبة أفقدت القذافي في مصداقيته كرئيس وقائد للشعب الليبي.‏

أمام هذه الظروف، استغلت إدارة أوباما المواقف المتعلقة بالأمة الليبية، فصبت الزيت على النار عندما حشدت حلفاءها وباشرت بضرب أهداف ليبية مختلفة بحجة أنها تعود لقوات القذافي التي تقتل الشعب الليبي لكن الواقع هو غير ذلك فالصواريخ والغارات استهدفت المدنيين والبنى التحتية أكثر من استهدافها لقوات القذافي و إنما يدل هذا على النفاق و الكذب والخداع التي باتت سمات خاصة بالسياسة الغربية والتي لا تعرف إلا مصالحها فقط و ليس الغيرة على حقوق الإنسان و كرامته وصوناً لحياته.‏

وزيرة الخارجية الأمريكية دعت مصطفى عبد الجليل وزير العدل الأسبق لدى معمر القذافي ورئيس الجهاز السياسي لقيادة الثورة الشعبية إلى زيارة واشنطن لبحث بعض الترتيبات و كيفية دعم واشنطن للثورة كما أن (توم دونيلون) مستشار الأمن القومي قال إن الولايات المتحدة ستحول للثورة الليبية 32 مليار دولار مودعة في بنوكها لحسابات نظام القذافي.‏

والسؤال هنا لماذا تدعم واشنطن وحلفاؤها قيادة الثورة الليبية؟‏

لأن واشنطن وباريس ولندن تريد وضع يدها على النفط الليبي، والتحكم بمنابعه لأنه يمد أوروبا بقسم كبير من امداداتها و كذلك تشكل جزءاً كبيراً من حصة الصين النفطية وكذلك يشكل اشباعاً للشركات الأميركية الشرهة جداً للذهب الأسود. ولذلك لا بد من التدخل العسكري أولاً ومن ثم إسقاط نظام القذافي وإيجاد حكومة تبدو ثورية شعبية بلباسها و أشخاصها و لكنها غربية بولائها تسهل للغرب امتصاص خير ليبيا (إعادة سيناريو العراق).. إنه الذهب الأسود صديق الغرب أولاً وأخيراًَ.‏

 بقلم: مانيليو دينوسي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية