تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قرص «دوار القمر» يعانق الشمس.. والتين يسكن المنزل

الجولان في القلب
الأثنين 28-3-2011م
سوسن خليفة

كنت أمشي كل يوم نصف ساعة حتى أصل إلى المدرسة البعيدة عن قريتنا ولا أنسى منظر دالية العنب في بيتنا التي تقف إلى جانب شجرة التفاح الحلوة المذاق

وحصدت نتيجة الدراسة وعملت معلّمة والآن تقاعدت، وتتابع أم كاظم حديثها بالقول: صحيح أنني لم أعمل في الحوش كأخوتي وبنات الجيران ولكنني أخذت في ذاكرة الطفولة صور وحكايا كثيرة، منها منظر الخضار في البستان الكبير الذي نملكه في قريتنا بالجولان الحبيب والمزروع بالبندورة والخيار ولا يغيب عن مخيلتي حتى هذه اللحظة شكل دوار القمر الذي يشبه الشمس الساطعة وعندما أمد يدي لنزع البذور وأكلها نيئة أتخيل نفسي أنني وصلت إلى الشمس ولمستها بيدي وهذا الشعور يرافقني حتى الآن وكثيراً ماحاولت أن أرسمه على الورق ولم أنجح في ترجمته بالدرجة نفسها التي أتخيلها.. وأضحك كثيراً عندما أرى حفيدي الصغير وهو يرسم قرص دوار الشمس ويقول لي: جدتي ألا يشبه رسمي المنظر الذي كنت تحبينه في قريتنا الحبيبة، وأشعر بالفرح لأن حفيدي الصغير تعلق مثلي بما أحب ويحاول أن يرضيني ويفرحني ويدل هذا على أن حب الوطن والحفاظ عليه أغلى ما يملكه المرء.. وتعيدنا أم كاظم إلى سن الطفولة المبكرة التي عاشتها في القرية ولعبتها القماشية التي خاطتها لها خالتها وتصف اللعبة بأن عيونها عبارة عن زرين سوداوين والفم زر أحمر وألعاب اليوم لم تكن معروفة في تلك الأيام وأي شيء بسيط كان يفرح الطفل وتشعر أم كاظم بالامتنان لأختها التي تكبرها ولم تكمل تعليمها كي تهتم بإخوتها الصغار ومنهم بالطبع هي.. وتقول: شاءت الصدف أن أكون معلمة لبنات أختي وأشعر من خلال اهتمامي بهن أنني أرد بعض الجميل لأختي الكبيرة.‏

وأضافت: إننا كعائلة حافظنا على بعض التقاليد التي كانت سائدة في قريتنا ومنها التكافل الاجتماعي الذي تتمثل صوره في التبادل فمن لديه قمح يرسل لجاره وبدوره الجار يبعث بالجبن والحليب وآخر بالخضار والفواكه.. وحتى هذا الوقت نجتمع في بيت العائلة بالمناسبات ونعيد أيام الضيعة وتطبخ لنا أمنا أمدّ الله في عمرها البرغل مع اللبن ونصنع نحن فطائر الكشك واللزاقيات ولكن بطريقتنا الحديثة لأننا لانخبز على التنور وتقول لنا والداتنا أنها أكلة جديدة لا تعرفها.. ونضحك ونقول مازحين: اعترفي أن أكلنا طيب!!.‏

أما حسيب أبو أيمن فيقول: خرجت من قريتي وعمري 16 سنة وما أذكره فعلاً أننا كنا نعمل كثيراً والعمل يسري على النساء أيضاً اللواتي يحملن حمل الحطب ويعملن في الحوش وفي المنزل أيضاً، ورغم العمل فإن حب الطبيعة ينسينا تعبنا والتقاط العصافير واللعب بسيل الماء وصنع طواحين الهواء، صور لاتفارقنا دقيقة واحدة، رغم حياة المدنية والرفاهية التي نعيشها.. وحتى الآن أحن إلى البيادر وشوي الذرة.. وحويز المي.. وشجرة التين.. وقال: يمكن أن لا تصدقي بأننا لا نستطيع العيش دون شجر وفتح باب الغرفة وإذا بها تطل على ساحة دار تركت فيها مساحة دون تبليط وزرعت بشجرة تين.. وقال: إنها تذكرني ببيتي وقريتي ولكنها تفرق بأنها لا تحمل التين البعل الذي تشتهر به قريتنا ويضاهي بحلاوته العسل..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية