تعتبر تجربة الشاعر حكمت حسن من التجارب الشعرية اللافتة للنظر خلال السنوات الماضية، من حيث الأغراض الشعرية التي يغوص من خلالها في عمق النفس البشرية، متأملاً حيناً، وناطقاً بفلسفته الخاصة حيناً آخر. ومن خلال القصائد التي ضمها الديوان، يبرز أيضاً التنوع العروضي لها، والذي يؤكد تشبع الشاعر بالثقافة الإيقاعية، فمن «الخفيف» في قصدتيه «وحي»، و«نزوع» إلى «المنسرح» في قصائده «خمرة للرحيل»، و»كانوا ندامى الروح»، و»آخر كأس معها». ومن «المديد» في قصيدته «الوقوف على شفة الهاوية» إلى «البسيط» في قصيدته «لقاء على ضفة المنفى». ومثلما أتقن حكمت حسن النسج على البحور المذكورة وغيرها، أتقن أيضا الكتابة على تفعيلات مختلفة أخرى مثل»مفاعلتن» في قصيدته «سندباد في رحلة أخيرة»، و»فاعلاتن» في قصيدته «تداعيات لهزائم عدة»،« وفعولن» في قصيدته «الحقائب».
وما يلفت النظر أيضاً في قصائد الديوان اهتمام الشاعر بوضع عناوين ذات طابع شعري أو يحوي شيئاً من المفارقة، مثل: «صورة جماعية لشخصٍ واحد» و «في مأتم المتنبي» و «احتمالات حب لا يجيء» و «آخر رسالة من أبي».
إن المتمعّن في قصائد حكمت، يجد اشتغاله الواضح بالصياغات الشعرية الحديثة في تراكيبها ومسرح أحداثها، منها قصيدته: «روتين» التي يقول فيها:
صديقي المذياع
قدّم لي في سهرةٍ خبزاً وبعض الماء
في جلسةٍ جميلةٍ وعذبةِ المسامره
كأنها من ألف ليلةٍ وليلةٍ مسافره
تحملني الرياح.. تلقيني بلا شراع
وعندما سلطنت وانفجرت بالغناء
فاجأني التيار بانقطاع
فاختنقت في داخلي الأشياء
واختلط البكاء بالبكاء.
يذكر أن أكاديمية الشعر أصدرت العديد من الدواوين الشعرية الفصيحة لتجارب شعرية شابة برزت من خلال مسابقة أمير، مثل ديوان أعصاب السكر لكريم معتوق وباب الجنة لحنين عمر وكلما كذب السراب لحسن بعيتي ... ومن المتوقع أن تعلن عن المزيد من الإصدارات الشعرية المشابهة قريباً.