تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من أجل مساواةٍ عاطفية... نزار قباني يترافع دفاعاً عن المرأة العربية

ثقافة
الأثنين 14-2-2011م
ميرنا سعد اليوسف

المرأة مساحة مسكونة بتراتيل البوح، وفضاءً رحبً يصدح به صوتها المكسورعنوةً، وترحال ل حق (بور) للرجل، يصطاده بين أدغاله وأدغالنا ويسحبه إلى جادة «الوأد» المتوارث منذ صغرها في الجاهلية الذكورية.

المرأة موضوع الحب وجبلته الأولى، ابتدعته على شاكلة التآلف والمودة بين الزوج والزوجة، حررته إلا من غريزته وفطرته، أحاطته عنايتها في جميع المراحل العمرية المختلفة، أخلصت له- في الدلالة عليه- ببعض صور الانفعالات الوجدانية، كزيادة عدد ضربات القلب وإحمراره بالوجه لدى رؤية المحب محبوبه.‏

بالحب بدأت الحياة بين آدم وحواء، فهوظاهرة إنسانية عجيبة وعظيمة في آن، متأصلة في النفوس الإنسانية، وهو تجربة شخصية لابد أن يمر بها الإنسان في إحدى مراحل حياته من كلا الجنسين، وهو ينزل على الشخص كالمرض، لكن معاناة الحب طيبة ومحببة بينما معاناة المرض مكروهة لأنها مؤلمة وموجعة.‏

تغزّل الرجل بالمرأة منذ بدء التاريخ، ولم يترك لها هامشاً صغيراً من الحرية يسمح لها بالتغزل به! أليست مخلوقاً مثله من لحم ودم وروح وعواطف، تشعر بما يشعر من التهاب العاطفة واحتراق المشاعر وربما أكثر منه؟ إذا كانت المساواة البيولوجية غير ممكنة فلماذا لاتتحقق المساواة العاطفية على الأقل؟ الامتيازات القانونية والسلوكية وغيرها جميعها بيد الرجل، فلماذا تُضاف إليه السيطرة على المبادرة العاطفية أيضاً؟.‏

استفحل غبنُ المرأة العربية ومعاناتها في التعبير عن أحاسيسها ومشاعرها نحو من تحبه، حيث ثقافة المجتمع العربي وتقاليده تحرّم عليها ذلك وتعتبره من الكبائر.‏

ونحن في الألفية الثالثة من عمر التفتح والتحضر، وقد أصبحت المرأة طبيبة ومحامية وأستاذة جامعية ومع ذلك كان ممنوع عليها أن تشارك في حديث الحب، أو تختار بمحض إرادتها من تريد الاقتران به في حياتها، من أجل ذلك كله ومن إحساسه بحجم هذا الغبن تطوع الشاعر نزار قباني للدفاع عنها.‏

قال الشاعر نزار: «أنا حين أتحدث عن حبي إنما أتحدث عن حب العالم كله».‏

هذا يعني أن تجربة الحب ليست قاصرة عليه وحده وإنما هي ظاهرة إنسانية شاملة.‏

ويضيف في كتابه: عن الشعر والجنس والثورة، متحدثاً عن موقع الحب عند العرب: «خريطة الحب في العالم العربي ليست خريطة من ورق وكرتون، ولكنها من الحجر.. والدخول في حوار مع الحجر.. قد يوصل إلى الجنون أو إلى الشعر.. أو إلى كليهما».‏

فهم نزار قباني علاقة الحب بين الرجل والمرأة وحللها تحليلاً دقيقاً، واستطاع بعد ذلك أن يتقمص شخصية المرأة ويعبر- على لسانها- عن أحاسيسها ومشاعرها.‏

ومن شعره الذي يصور معاناة المرأة ماقاله في قصيدة «رسالة إلى رجل ما»:‏

ياسيدي العزيز.. هذا خطاب امرأة حمقاء..‏

هل كتبت إليك قبلي امرأة حمقاء؟‏

اسمي أنا؟ (دعنا من الأسماء)‏

رانية أم زينب أم هند، أم هيفاء‏

اسخف ما نحمله، ياسيدي الأسماء‏

وفي قصيدة «رسالة من سيدة حاقدة» يقول:‏

لاتدخلي..‏

وسددّت في وجهي الطريق بمرفقيك‏

وزعمت لي.. أن الرفاق أتوا إليك‏

أهم الرفاق أتوا إليكَ؟‏

أم إن سيدة لديك تحتل بعدي ساعديك‏

ويواصل نزار مرافعته قائلاً:‏

معذرة ياسيدي‏

إذا تطاولت على مملكة الرجال‏

فالأدب الكبير- طباً- أدب الرجال‏

والحب كان دائماً.. من حصة الرجال‏

خرافة حرية النساء في بلادنا..‏

وهنالك العشرات من قصائد نزار التي تأخذ شكل المرافعة في الدفاع عن مشاعر وكرامة المرأة العربية تجاه ما تشعربه من ظلم وقهر من قبل الرجل والمجتمع معاً.‏

وإن أدلته في مرافعاته تتمثل الحقائق اليومية المعيشة في المجتمعات العربية وما تزخر به من تناقضات وسلبيات.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية