التي كثرت فيها الأيدي الداخلية والخارجية فراحت تعيش الفوضى وتعاني منها ومن تبعات التدخل الخارجي على وجه الخصوص بحجة محاربة الإرهاب وإرساء الاستقرار لسنوات...لكن الحقيقة بشهادة الوقائع والأحداث تقول أن تدخل الناتو في أفغانستان كان بمثابة الشعرة التي قسمت ظهر البعير .
رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي مهد لرغبة بلاده في البقاء في أفغانستان بشكل يعتبره رمزياً غير قتالي لدعم العملية السياسية والتنموية كما كانت الفكرة أثناء تواجد القوات الأميركية في العراق وربما يطالبون بضمانات للقتل وعدم الملاحقة لتبرئة من سيبقى من جنود وتبرير جرائم قد ترتكب بحق الشعب الأفغاني على غرار ما طالبوا فيه في العراق حيث قال ديمبسي إنه على ثقة بأن هناك عدداً كافياً من القوات الأمريكية سيبقى في أفغانستان بعد عام 2014 لإنجاز المهمة المؤلفة من ثلاث مراحل التي اتفق عليها الحلفاء في قمة حلف شمال الأطلسي التي عقدت العام الماضي في شيكاغو.
وفي هكذا أمور فإن خطاب حالة الاتحاد يكون المضمار الرئيسي لطرح هكذا قضايا يعتبرها الراعي الأميركي من القضايا الحساسة والمهمة ونحن ننتظر خطاب حالة الاتحاد للرئيس الأمريكي باراك أوباما والتي يحتمل أن يعلن فيه عن حجم القوة التي ستبقى في أفغانستان بعد عام 2014.
لكن وبحسب ديمبسي وجوقة من المسؤولين الأميركيين فإن الإعلان عن كيفية إدارة القوات في عام 2013 سيكون قريباً جداً فالسنة قد دخلت في شهرها وسيتم اتخاذ قرار بشأن حجم القوة الأمريكية التي ستبقى بعد عام 2014 قبل أي إعلان بشأن سرعة الانسحاب في2013،وهذا يذكرنا بالخطوات التي اتخذتها أميركا وحلفاؤها قبل الانسحاب من العراق وإن كان هناك فرق بين الحالتين الأفغانية والعراقية حيث يتوقع أن تتسلم القوات الأفغانية الدور القيادي بشأن الأمن في البلاد الربيع المقبل وتعتزم القوات الأطلسية تسليم المسؤولية الأمنية الكاملة إلى الأفغان بحلول نهاية عام 2014 مع انسحاب معظم القوات القتالية .وفي كل المؤتمرات التي يعقدها الغرب حول الدول التي تقع تحت الاحتلال نسمع الكلام الطنان الرنان حول محاربة الظلم وملاحقة الإرهاب والوعود المعسولة بالرخاء الاقتصادي وإرساء الأمن والاستقرار وفي الميدان لايكون أي شي من ذلك ولايتحقق أي من تلك الوعود المعسولة لا مع الاحتلال ولا بعد خروجه حيث تزداد الفوضى نتيجة ما يخلفه الاحتلال من تناقضات وفراغ وهمي يمكن أن تشغله ميليشيات أو جماعات في ضوء عدم نضوج تجربة الدولة الخارجة من تحت عباءة الوصاية والاحتلال ناهيك عن الشرخ المجتمعي والسياسي الذي يزرعه التواجد الأجنبي ويخلفه وراءه بعد الخروج من تلك الدول.
و هذا ما حدث في قمة رؤساء دول حلف الأطلسي في شيكاغو العام الماضي حيث اتفق (الزعماء) على أن تركز المهمة في أفغانستان بعد عام 2014 على عمليات مكافحة الإرهاب ضد تنظيم القاعدة وتدريب ومساعدة القوات الأفغانية ودعم العمليات الدبلوماسية والتنموية الأخرى التي تقوم بها الولايات المتحدة،والسؤال هنا هل تحقق أي من تلك الوعود التي وعدوا بها العراق بعد خروجهم منه والأمر ينسحب على أفغانستان وغيره من الدول التي تصل إليها أيدي التدخل الخارجي.ديمبسي قلل من الاحتمال الذي لمح إليه بعض مسؤولي البيت الأبيض بأن الولايات المتحدة قد تفكر في (الخيار صفر) الذي يعني سحب جميع القوات من أفغانستان وذكر ديمبسي أنه لم يقترح أحد عليه ذلك (ولن أوصي أبدا بالخيار صفر) إلا في حالة وحيدة التي يرجح فيها تبني هذا الخيار هو فشل الجانبين في التفاوض بشأن اتفاقية أمنية ثنائية مثلما حدث في العراق في إشارة إلى اتفاق أوباما ونظيره الأفغاني حامد كرزاي على أنهما يريدان استكمال اتفاقية أمنية ثنائية في العام الجاري وبحلول الربيع إن أمكن.