الحرب التي لا نهاية لها ؟؟
شؤون سياسية الأحد 17-2-2013م محمد عبد الكريم مصطفى يرى “ غلين غرينولد “ الضابط السابق في وكالة المخابرات الأمريكية والمستشار المقرب لأكثر من رئيس أمريكي : “ إن حرب الـسي آي إي ضد تنظيم القاعدة التي لا نهاية لها هي وراء أكثر الأعمال الأمريكية المسيئة في المنطقة ،
والمثير للسخرية إن الحكومة الوحيدة التي لها صلات مع مرتكبي هجمات 11 أيلول ، أصبحت أقرب حليف للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب ، في حين أن الحكومات التي لا علاقة لها بالأحداث – بدءاً من إيران – أصبحت عدواً دائماً للولايات المتحدة ، والحقيقة أنه ما من مبرر للنظر على أن إيران العدو اللدود للولايات المتحدة كما أنه لا يوجد سبب للدفاع عن أنظمة استبدادية بالمطلق في العالم العربي لمجرد أن تلك الأنظمة معادية لإيران “!!
ليس مستغرباً هذا الكلام لأننا نمتلك القناعة والدليل على أن الولايات المتحدة تتخذ من حربها على الإرهاب حصان طروادة لتنفيذ أجندات ومآرب بعيدة كلياً عن ملاحقة العصابات الإرهابية المجرمة التي ترتكب الجريمة ضد الإنسانية بدم بارد ، وبعد كل هذه الكوارث التي حلت بالبشرية في المناطق التي شملتها الحروب الأمريكية على الإرهاب المفترض في أفغانستان والعراق وغيرها ، يخرج علينا شاهدٌ من أهلِ بيت أمريكا ليُثبت للعالم من جديد كذب ادعاءات الإدارات الأمريكية المتعاقبة وبطلان المبررات التي كانت تضعها وتوهم المجتمع الدولي بها لتمرير هذه الحروب الظالمة التي تُخبئ أهدافاً مختلفة عما هو معلن ، و بات من المؤكد لدى الجميع بأن بروبغندا الحرب على الإرهاب التي أعلنتها الولايات المتحدة الأمريكية بداية القرن الحالي وجرت وراءها الأنظمة الاستعمارية الأخرى في القارة العجوز بطريقة عمياء ، ليست أكثر من برنامج عمل جديد لفرض واقع استعماري خبيث يُسهل عليها وجودها العسكري على الأرض التي ترى لها مصالح فيها ، لكن بعد الفشل الذي حصدته بنتيجة تلك الحروب وخروجها بخسائر أكثر مما كانت تتوقع أدت إلى دخول الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين في نفق أزمة مالية واقتصادية ضخمة قد تحتاج للخروج منها بسلام إلى عقود طويلة .
لذلك ونظراً لسيادة الفكر التسلطي الاستغلالي لدى حكومات الولايات المتحدة والغرب عموماً على الدعاية الكاذبة عن رعاية الحرية والديمقراطية ، وبعد أن تأكد لهم بأن الجدوى الاقتصادية من التدخل المباشر في الأزمات المفتعلة في البلدان العربية لا تؤتي أكلها ، لذلك أجرت الولايات المتحدة تحولاً تكتيكياً بديلاً عن التدخل العسكري المباشر لتحقيق ذات الغاية من الحرب المباشرة وربما أكثر سهولة في الاستيلاء على مقدرات الشعوب الفقيرة في منطقة الشرق الأوسط من خلال زعزعة استقرار الدول المستهدفة أولاً عبر ما سمته بالفوضى الخلاقة التي تقود إلى التدمير الذاتي لمقومات الاستقرار في هذه الدول ، من ثم الانقضاض عليها تحت راية حماية المدنيين أو تبديل النظام بآخر عميل موالٍ لها ثانياً ، وتحقيق غاياتها العدوانية دون أن يؤدي ذلك إلى أي خسارة مباشرة بشرية أو مادية ، وإن ما حصل ويحصل في الدول لتي استقبلت ما يُسمى” الربيع العربي “بالهليلة وانقلبت على ذاتها وعلى إرثها التاريخي بحجة البحث عن سلطة جديدة ديمقراطية تُعطي لشعوبها الحرية المنشودة في حين وجدت إنها فقدت أهم عامل من عوامل الحياة الكريمة وهو الأمن والأمان الذي هو أساس العيش الكريم ، وإن ما يجري في تونس وليبيا ومصر وسورية هو شاهد حي على فقدان تلك الدول عامل الأمان نتيجة الدور التخريبي لأمريكا وشركائها ، وأبعد ما يُمكن أن تعمل لأجله الولايات المتحدة وبقية دول محور حلف الناتو هو نشر الحرية والديمقراطية بين شعوب العالم في الوقت الذي تستخدم فيه هذه الشعارات كأغلفة مزركشة لممارسة الفكر الاستعماري المتخلف ، من هنا نجد أن التحالف المشبوه والمريب بين الولايات المتحدة كقوة عظمى تدَّعي بأنها حاملة لواء نشر الحرية مع أكثر الأنظمة استبداداً في العالم كالنظام الملكي في السعودية هو عملية تضليل منظم للعقل البشري الأمريكي وغيره من شعوب العالم الأخرى .
|