إما أن يشكل ائتلاف مع لبيد زعيم حزب «يوجد مستقبل» ويرضخ لشروطه في تجنيد الشبان المتدينين وبالتالي يخسر الأحزاب الحريدية الدينية منها والقومية ، وإما أن يشكل ائتلافا مع الأحزاب الحريدية مضافا إليها حزب الحركة بزعامة تسيفي ليفني ، ويرضخ كليا لأجندة هذه الأحزاب في عدم تجنيد الشبان الحريديم ، وعدم وقف الاستيطان والاستمرار فيه وعدم «تقسيم القدس» ، وهذا ما يتجه إليه نتنياهو وما يتوقع المراقبون إن يقدم عليه في تشكيلة حكومته المقبلة.
الحريديم «المتدينون المتشددون» يصعدون مواقفهم
على مثل هذه الخلفية صعد الحريديم «المتدينون المتشددون» وأحزابهم من موقفهم حيال التشكيلة المقبلة لحكومة نتنياهو، إذ أعلنت كتلتان من الأحزاب الحريدية «حركة حرس التوراة الشرقيون شاس » ، «ويهوداة هتوراة» أنهما ستشكلان طاقما موحدا للمفاوضات مع حزب الليكود ورئيسه نتنياهو، لطرح مطالب موحدة، لتكون مطالب ندية لما يطرحه حزب «يوجد مستقبل»، برئاسة يائير لبيد، الذي يطالب بفرض تجنيد الخدمة العسكرية على «الحريديم»، وفي المقابل، فقد قطعت رئيسة حزب «العمل» الإسرائيلي شيلي يحيموفيتش، الطريق على نتنياهو، معلنة، أن الشعب اختارها بأن تكون في صفوف المعارضة، وهكذا سيفعل حزبها.
ويذكران لبيد الذي حصل حزبه الجديد«يوجد مستقبل» على 19 مقعدا، وحلّ في المرتبة الثانية من بين الأحزاب بعد حزب الليكود الحاكم، قد كشف أكثر عن حقيقته في اليوم التالي للانتخابات، معلنا استعداده الفوري للانضمام إلى حكومة نتنياهو، رافضا طرح تكتل برلماني يواجه حكومة اليمين المتطرف، كون تكتل كهذا سيشمل كتل فلسطينيي 48، التي يرفضها.وطرح لبيد مطلب فرض الخدمة العسكرية وبدائلها على الشبان المتدينين اليهود «الحريديم»، الذين يرفضون الخدمة من منطلقات سياسية رغم توجهاتهم اليمينية، وكان خلال الحملة الانتخابية، قد دعا لبيد إلى تشكيل حكومة جديدة من دون «الحريديم».
من هم «الحريديم» ؟
تعود جذور الأحزاب الدينية اليهودية إلى ماقبل إقامة الكيان الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية، حيث تأسست قبيل الحرب العالمية الأولى في شرق أوروبا حركة المتدينين اليهودية الصهيونية «همزراحي» الشرقي وفي سنوات العشرين. وكانت هذه الحركة وجميع الحركات الدينية اليهودية الأخرى لاتؤمن أطلاقا بالمشروع الصهيوني الذي أطلقته الحركة الصهيونية في بداية القرن الماضي ، وتعتبره كفرا وزندقة ، وأنها لاتؤمن بقيام ما تسمى إسرائيل إلا مع ظهور المسيح بعد الموجة الثانية من الهجرة اليهودية إلى فلسطين تفرع عن «همزراحي» التنظيم العمالي «هبوعيل همزراحي» أي «العامل الشرقي» الذي سعى إلى تنظيم وتوحيد صفوف العمال المتدينين الذين رفعوا شعار «التوراة والعمل». «وقد رأت حركة همزراحي في الصهيونية «خطوة على طريق الخلاص» ورأت أيضاً أن من واجبها النضال من داخل المؤسسات الصهيونية على المستوى الرسمي والعملي من أجل إضفاء الطابع الديني لمجتمع الهجرة اليهودية، والحث على التمسك بتعاليم الدين اليهودي، ومن المنطلق الديني فقد رفعت حركة همزراحي شعار «أرض إسرائيل لشعب إسرائيل بموجب توراة إسرائيل».
أغودات يسرائيل (جمعية إسرائيل) حزب سياسي ديني معاد للصهيونية، أُسس سنة «1912» في بولندا على يد زعامات دينية تقليدية من ألمانيا وليتوانيا وهنغاريا وبولندا، تنتمي إلى التيار الأورثوذكسي في اليهودية، كان بينها خلافات بشأن أمور كثيرة جوهرية وثانوية، لكن جمعها العداء للصهيونية، عقيدة وحركة وبرنامجاً سياسياً واجتماعياً.قد اعتبر أغودات يسرائيل العقيدة الصهيونية القائمة على فكرة القومية العلمانية (وما امتزج بها من عقائد كالليبرالية والاشتراكية، وغير ذلك)، ودعوتها اليهود إلى التخلي عن العيش في «المنفى»، وإلى الهجرة إلى فلسطين وإقامة دولة ومجتمع عصري فيها على أُسس جديدة، كفراً ومروقاً على الدين، وتخريباً للأسس الروحية والمادية التي كانت تقوم عليها حياة الطوائف اليهودية في العالم، وتمرداً على المشيئة الإلهية،
حزب المفدال (الحزب الديني - القومي)
حزب ديني صهيوني تأسس العام «1956» وتألف من حزبين: حزب همزراحي وحزب هبوعيل همزراحي. تأسس على أساس «الولاء لتوراة إسرائيل، ولشعب إسرائيل ولأرض إسرائيل». ويؤمن المفدال بأرض إسرائيل الكاملة.
« ميماد (الأحرف الأولى - مِدِينا يهوديت - مِدِينا ديموكراتيت/دولة يهودية - دولة ديمقراطية)حزب ديني صهيوني صغير معتدل أسس سنة «1988» مع مجموعة من أعضاء المفدال الذين انشقوا عنه احتجاجاً على جنوح المفدال المتواصل نحو أقصى اليمين وتحوله من حزب معتدل دينياً وسياسياً إلى حزب شديد التطرف دينياً وقومياً. وقد طرح الحزب نفسه كحزب وسط، وخاض انتخابات الكنيست الثاني عشر «1988» والكنيست الثالث عشر «1992»، لكنه لم ينجح في اجتياز نسبة الحسم ودخول الكنيست.
يهدوت هتوراه
يهدوت هتوراه(يهود التوراة)كتلة انتخابية - برلمانية دينية أُلِّفت عشية انتخابات سنة «1992» من حزبي أغودات يسرائيل وديغل هتوراه، ممثلي الطوائف الأشكنازية الحريدية، وهي التسمية الدارجة حالياً في إسرائيل لوصف المتزمتين أو الأصوليين الدينيين)،
حركة حراس التوراة الشرقيون «شاس» : أُقيم حزب شاس سنة «1984» وهو في جوهره حزب ديني حريدي متزمت، ولكن لهذا الحزب مزايا أخرى تميزه عن الأحزاب الحريدية الأخرى، أُقيم شاس بتشجيع من الحاخام أليعازر شاخ والحاخام عوفاديا يوسف، الأب الروحي للحزب، احتجاجاً على السيطرة الأشكنازية في حزب أغودات يسرائيل، وعدم التمثيل اللائق لليهود الشرقيين فيه، لهذا الحزب ميزة الحزب الفئوي، من الشرقيين قيادة وناخبين
حزب البيت اليهودي :وهو حزب حديث جدا أسسه الملياردير نفتالي بينيت هو نجم صاعد في السياسة الإسرائيلية، انتخب في نوفمبر تشرين الثاني على رأس حزب (البيت اليهودي) المؤيد للمستوطنين. ولد بينيت لأبوين أمريكيين وحقق نجاحا في استعادة مكانة الحزب في الساحة السياسية معتمدا على خلفيته العسكرية وخبرته في مجال الأعمال. كما يظهر بوضوح معارضته لقيام دولة فلسطينية، ويعتبرها خطوة تؤدي إلى النهاية المحتومة.يتخذ موقفا واضحا رافضا لقيام دولة فلسطينية، مما يضعه على يمين حزب الليكود، الذي يتبنى حل الدولتين. كما يرفض إخلاء المستوطنات أو تقديم أي تنازلات في الأراضي. وقدم خطة تدعو إلى ضم الكثير من الأجزاء بالضفة الغربية. وخطابه يلقى أصداءً لدى الكثير من الإسرائيليين.
على أي حال ما يفرق هذه الأحزاب برغم خلفياتها الدينية التوراتية أكثر مايجمعها ما يجمعها هو كرهها الشديد للعرب ووصفهم بأشد النعوت والأوصاف ، لكن الكراهية تمتد إلى غيرهم من الأحزاب الدينية مثل كراهيه حزب «شاس» لكل الأحزاب الدينية «الاشكنازية» الغربية لأنه حزب شرقي وكراهية البيت اليهودي الشديد لحركة شاس
كراهية المجتمع الحريدي في الكيان الإسرائيلي من كراهية
ما يسمى بالمجتمع الإسرائيلي للغير
الصحافة الإسرائيلية كتبت كثيرا وخاصة في هذه الفترة بالذات حول هذه الأحزاب ومستوى الكراهية التي بشعر ما يسمى بالمواطن الإسرائيلي إزاءها فكتبت هارتس مقالا تقول فيه:« يكره المجتمع الإسرائيلي المجتمع الحريدي كراهية شديدة لأسباب شتى منها حق ومنها غير ذلك لكنه في مقابلة ذلك يعطف على مجتمع المستوطنين الذي لا يقل إضرارا بإسرائيل عن مجتمع الحريديين .إن إسرائيل كارهة. وهي تكره العرب قبل الجميع، كراهية عميقة وموحِّدة ومُطهِّرة يختلط فيها سلب الإنسانية، والقومية والخوف والعنصرية. وهي أيضا تكره المسلمين وإن جاؤوا من الشيشان. وهي تكره بقدر أقل فقط المهاجرين واللاجئين ولا سيما إذا كانوا سودا - وهي تدعوهم بصورة شيطانية متسللين. وهي تكره المختلفين فيها وفي مقدمتهم الحريديين لكن بقدر أقل.
وفي مقال آخر في هآرتس كتب نحميا شترسلر:»إن كلمة الشتم الجديدة هي «السِبط الأبيض». وهو سِبط مؤلف من اشكنازيين يعيشون في شمال تل ابيب، يكرهون الحريديين كراهية عميقة عنصرية بغير ذنب جنوه. لأن الحريديين ناس أخيار ومعتدلون ومتسامحون ومُحبون للناس، كل طموحهم أن يعيشوا في هدوء إلى جانب العلمانيين وألا يفرضوا عليهم شيئا، إلى أن جاء «السِبط الأبيض» فأحدث اضطرابات لا داعي إليها وهو يريد ان يقصيهم ويُذلهم لأنهم سود وهو أبيض.