فاز ميّاس بعدد من الجوائز الإسبانية الهامة، من بينها جائزة بلانيتا وسيسامو وجائزة الدولة في الرواية، وفاز في الصحافة بجائزة ميغيل دليبيس وماريانو دي كابيا وفرنثيسكو ثرثيدو وجائزة الصحافة الثقافية مانويل باثكيث مونتالبان . وهو كاتب معروف عنه غزارة الإنتاج، فله كل عام كتاب جديد أو أكثر، كما أنه يتعاون مع العديد من الصحف الإسبانية بكتابة عمود صحفي، أهمها «الباييس». من حوار طويل مع ميّاس نقتطف ما يلي:
- احك لي ماذا تكتب هذه الأيام وماذا يشغلك؟
-- أعمل الآن في رواية، لكنها ستستغرق بعض الوقت . وهذه الأيام يُعرض علي المسرح القومي مسرحية قمت بكتابتها ويمثلها أحد أشهر الممثلين الإسبان . وأنا سعيد بها لأنها تحقق نجاحاً يومياً . هي عبارة عن ميلودراما، مونولوج طويل يحمل ما أظنه فناً . أقول إنها عودة من جديد لكتابة المسرح، فقد كتبته منذ سنوات بعيدة ثم توقفت، وكنت أتمنى العودة إليه، وعدت . أتعرف؟ الحياة قصيرة جداً لعمل كل ما تحب، لذلك فنحن في حاجة إلى حيوات كثيرة لتحقيق كل ما نرغب .
- مطبخك الأدبي يثير فضولي على الدوام، وكثيراً ما أتساءل عند قراءتك عن كيف تتم هذه الطبخة الفاتحة للشهية والمشبعة في نفس الوقت . حدثني عن هذا ؟
-- كتبت أشياءً مبعثرة في الصحافة عن مطبخي، وأود أن أكتب عنه بشكل مرتب . في رواية «العالم» كشفتُ الكثير من تفاصيله، لأن تكنيك الرواية كان كيفية كتابة رواية، كما أنها كانت رواية ذاتية .. لقد كتبت كيف أكتب الرواية بشكل واضح . لقد فكرت دائماً في أن أكتب بجانب الرواية يوميات كتابة الرواية، مثل القبطان الذي يبحر وبينما يبحر يكتب يوميات الإبحار . لم أفعل ذلك أبداً لكنني أحب أن أفعله في يوم ما، وحينها ستكون اليوميات أهم من الرواية نفسها . أعتقد أن «العالم» رواية تضم ما كنت أفكر فيه أثناء الكتابة، لقد ضمت الخطوات والأرق، كما ضمت التفاصيل بشكل ما . طموحي أن أكتب رواية تضم بداخلها يومياتها .
- أتقصد بذلك الاتجاه نحو الميتا-سرد؟
-- لا أهتم كثيراً بالمسميات، ربما يكون المسمى ميتا- رواية أو ميتا- سرد، لكنه في النهاية هذا العمل الذي يفتح نفسه بنفسه . أنا أحب أن تفتح الرواية نفسها . كل هذه الخطابات تُستخدم عندما تفكر في الراوي، لا في الكاتب، بل الراوي، فكل رواية تضم بداخلها روايتين، واحدة هي التي تشتريها من المكتبة لتقرأها، والثانية حكاية عن الراوي الذي يعطي معلومات عن نفسه دون أن يقصد ذلك بشكل مباشر . فالكاتب بالضمير الثالث عندما يقول إن البطل في مكان ما، هذا يعني أنه بالضرورة يعرف هذا المكان وأنه يراه . أحاول قراءة الرواية من منطقة الراوي لا ما يحكيه ويبدو هذا شيقاً جداً . أعتقد أن الراوي هو المنطقة التي يمكن أن يلعب فيها الروائي الآن، خاصة أن فن الرواية فن قديم تم اللعب في مناطق كثيرة خاصة به . في منطقة رؤية الراوي هناك بعض الامكانيات لاكتشاف أشياء جديدة .
- حدثني قليلاً عن طقوس الكتابة التي تتبعها .
-- ( يبتسم ) عادة ما ينكر الكُتّاب أن لهم طقوس كتابة، لكني أعتقد أن هناك طقوساً حتى ولو بشكل غير مدرك، حتى لو أنكرنا ذلك . يومي يسير كالتالي : عادةً أستيقظ في الخامسة والنصف أو السادسة، وأول ما أفعله قراءة الشعر، سواء الجديد أو الكلاسيكي، فالشعر يضعك في منطقة حميمية ويغذي العقل . بعدها أحب الكتابة في الساعات الأولى من الصباح، ثم أتمشى لمدة ساعة ونصف وهذا جزء من عملي لأن المشي يغذي الخيال، وأعود للإفطار مع الجرائد . بعدها أكتب للصحافة وأتناول الغداء ثم أبدأ في القراءة لمدة ساعتين أو ثلاث .
- وهل تضع برنامجاً للقراءة أيضاً؟
-- في الحقيقة أنا أقرأ لكل الكُتّاب لكن بطريقة فوضوية، وأحيانا أبدأ في قراءة أعمال لا أكملها، لكنني أعتبر نفسي قارئاً فوضوياً .
- وأي نوع من الكتب تقرأ؟
-- أقرأ في كل المجالات، لكنني أفضل قراءة الكتب العلمية، خاصة أنها تحتوي علي مواد أدبية .
- هل أكون محقاً إن قلت إن العالم الذي تتحرك فيه عالم خاص وشخصي ويبدو أنه جزء من حياتك؟
-- أعتقد أن كل عمل يحتوي على جزء ذاتي، ما يحدث أننا نحوّله، نمنحه صبغة سردية . فعندما يسألونني إن كان عملي يحتوي على سيرة، أقول لا، لكن الحقيقة أنه لابد أن يضم شيئاً مني، من سيرتي .
- في روايتك الأخيرة «ما أعرفه عن القرين» يبدو العالم غريباً ومسلياً حد الرعب، أريد أن أعرف ما أهم ما سمعته عنها؟
-- أكثر ما سمعته وأدهشني أنها «رواية غريبة» ، وأنا سئلت ألا يدهشني أن يكتب أحد رواية عادية؟ وكانت إجابتي أن الرواية يجب أن تكون غريبة . ثم كيف تكون الرواية عادية؟ غرابة العمل جزء من هدفه . وكلما كانت غريبة كانت أكثر أصالة . عندما تبدأ في الكتابة تبحث عن صوتك الخاص، وتحقيق ذلك صعب جداً .
- متى قررت أو اخترت أن تكون كاتباً؟
-- ليس اختياراً ولا قراراً، بل هي لحظة تسأل نفسك فيها إن كنت تستطيع أن تكون كاتباً، هي لحظة تجد نفسك فيها تكتب وترسل عملك لدار نشر دون أي يقين في أن ما تكتبه ذو قيمة . أعتقد أنه ما من كاتب يستيقظ صباحاً ليقول : سأكون كاتباً ! ولدتُ عام 46 وظللتُ أعمل بشركة إيبيريا ( الطيران الإسباني ) حتى 93، وكنت وقتها أكتب بالليل . بدأت أولاً كتابة الشعر وأنا في السادسة عشرة، وفي الخامسة والعشرين كتبت روايتي الأولى التي لم تنشر أبداً لحسن الحظ، لأنها كانت ساذجة . بعدها كتبت الثانية وأنا في الثامنة والعشرين، ونشرت وأنا في التاسعة والعشرين . هكذا كانت الكتابة عملية مستمرة، حتى قررت في النهاية التفرغ لها .
- وما الذي دفعك أصلاً للكتابة؟
-- أكتب لأنني تعيس، لو كنت سعيداً ما كتبت .