واعترفت وثائق القمة أنه برغم امتلاك البلدان العربية الإمكانات المادية والطاقات البشرية لتنفيذ كل القرارات السابقة، وأن العمل العربي المشترك يصب في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمصلحة جميع البلدان دون استثناء إلا أن الأفعال في واد والأقوال في واد آخر، وخصوصا أن الاضطرابات الأخيرة في الدول العربية كشفت بجلاء أن معظم البلدان تعيش نفس المشكلات البنيوية الاقتصادية والاجتماعية من غياب التنمية الحقيقية المتوازنة، والفروق في الدخل، وغياب التعاون العربي.
سخاء للغرب
ويمكن استغلال الفوائض المالية لبلدان الخليج العربي في مشروعات تكاملية تعود بالفائدة على جميع المواطنين العرب، ففي بداية العام الحالي ذكرت تقارير أن حجم الأصول الخليجية في الأسواق العالمية تقدر بأكثر من 2 ترليون دولار، معظمها في شركات وتمويل مشاريع ومساهمات في صناديق استثمار مغلقة وصناديق تحوط، وتتجه هذه الاستثمارات إلى بلدان جديدة غير القارة الأوروبية التي كانت تستحوذ على 55 في المئة منها وتوقعت التقارير أن ترفد بلدان الخليج العربي الاقتصاد العالمي بما يقارب 200 مليار دولار سنوية.
وتساهم الصناديق السيادية الخليجية المقدرة بأكثر من 1380 مليار دولار بتوفير نحو 44 في المئة من السيولة الدولية، وضخت ما يزيد عن 40 مليارا لإنقاذ المصارف الغربية المتعثرة نتيجة تورطها في سندات الرهن العقاري، ويتوقع أن تحقق دول الخليج فوائض نفطية ضخمة خلال السنوات المقبلة، ما يعزز أصول الصناديق السيادية على نحو غير مسبوق..ولكن ماذا عن دعمها لشقيقاتها التي تتباكى عليها من بعيد لبعيد؟
قمم.. وواقع مدهش
ونظريا.. يمكن لو نفذت نصف قرارات القمم الاقتصادية في الكويت وشرم الشيخ والقمة الأخيرة في الرياض لتساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلدان العربية كثيرا فإمكانيات العرب مدهشة لأي مراقب، فالبلدان المنتجة لنحو ثلث انتاج العالم من النفط، وربع كمية الغاز الطبيعي بينما لا يتجاوز حجم اقتصاداتها 3 في المئة من الناتج المحلي العالمي.
ومن جانب آخر، يمتاز الشعب العربي بأنه شعب فتي يزيد فيه عدد الأطفال والشباب عن 70 في المئة، ما يعني توفر اليد العاملة اللازمة لتحقيق النمو المطلوب ويصب تعزيز التجارة البينية وزيادة الاستثمارات في البلدان العربية في خدمة الأهداف التنموية لمختلف الأطراف، فالتجارة البينية لا تتجاوز 10 في المئة حاليا بينما يصل هذا المؤشر إلى 60 في المئة في بلدان أوروبا. وبداهة فإن تعزيز التجارة بين مصر والسعودية على سبيل المثال يصب في مصلحة الطرفين حيث تنخفض أجور الشحن، ما ينعكس على الأسعار للمستهلك، ويتم توفير فرص عمل للشباب.
فجوة غذائية
ورغم امتلاك العرب 55 مليار هكتار من الأراضي الزراعية فإن الفجوة الغذائية تزداد مجددا ويضطرون إلى استيراد نحو 70٪ من احتياجاتهم الغذائية بينها نصف حاجتهم من الحبوب، وثلثي استهلاكهم من السكر وأكثر من سبعين في المئة من الزيوت النباتية، في حين لا تتجاوز حصة العرب مجتمعين من التجارة العالمية أكثر من واحد في المائة وتتجاوز نسبة الأمية 30 في المئة وترتفع عند النساء في بعض البلدان إلى أكثر من 60 في المئة وعدد العاطلين عن العمل يتجاوز 16 في المئة، وترتفع النسبة كثيرا في صفوف الشباب لتتجاوز ربع القادرين منهم على العمل.