كلنا نعرف أن تنظيم القاعدة من صنع أميركا.. تأسس على أيدي المخابرات الأميركية في أفغانستان لمقاتلة السوفييت وقتذاك.
أعطت أميركا بهذا التنظيم كل الدعم المالي واللوجستي والرجال لمقاتلة جنود الاتحاد السوفييتي الذي استمر مكوثه في أفغانستان أكثر من تسع سنوات ومازال هذا التنظيم يتلقى الدعم تلو الدعم لخلق الفوضى في العالم العربي والعالم الإسلامي.
إنهم يضربون في كل مكان ما عدا العدو الصهيوني.. «إسرائيل» خط أحمر لا يقترب تنظيم القاعدة منها.. وهذا شرط من شروط استمراره..
بعض الأحيان ينفلت التنظيم من عقال أميركا، ولكن سرعان ما يعود إليها لأنه بحاجة للمال والسلاح هم يتفاخرون بقتل أسامة بن لادن صحيح.. هذا كان عقابه لأنه وجّه رسالة إلى كوادره أن تخفف من قتل المسلمين وهذه الرسالة أعلنتها أميركا مؤخراً من بين الوثائق التي عثرت عليها في المنزل الذي كان يختبئ به بن لادن في الباكستان.
وكلما حاول التنظيم الضرب في مكان آخر تلجمه المخابرات الأميركية وتوجهّه من جديد ليضرب هنا وهناك ونرى ونسمع ونقرأ أن القاعدة تضرب الآن في الصومال واليمن وحتى موريتانيا، ومن قبل في العراق.. والآن جاء دور سورية، سورية الصامدة والممانعة ضد ما يسمى «شرق أوسط جديد» كما تتخيله الولايات المتحدة شرق أوسط متفكك، ضعيف، لا حول له ولا قوة، كي تهيمن الصهيونية على كامل المنطقة وجعلنا نحن العرب أذلاء أمام غطرسة هذا العدو.
ولكن لن يتم لأميركا انجاز هذا الحلم من أجل عيون «إسرائيل» الطامعة بنا اليوم وغداً وبعد غد.
هذه التفجيرات الانتحارية التي حدثت تباعاً كان القصد منها هز كيان الدولة السورية، وزعزعتها ما سمحت لها الظروف.. ويأتي من يصيح من اسطنبول إن هذه التفجيرات من صنع الدولة.. فهل من المعقول أن يوجه المرء مسدساً إلى صدره ويطلق النار على نفسه؟ هذا جنون بحد ذاته..
من يسمون أنفسهم معارضة، يريدون ضمناً أن تطول أيام هذه المأساة التي يتعرض لها الوطن.. دون حساب لهؤلاء الشهداء الذين يسقطون من قوات الجيش.. والناس الأبرياء من خطف واغتيال وتعد على الحرمات فقط ليس من أجل أن يحكموا البلد.. وهذا حلم من أحلامهم التي لن تتحقق أبداً هم يعرفون ذلك لكن هدفهم من إطالة الأزمة ما يتنعمون به من فنادق فخمة وأموال طائلة توضع بتصرفهم.. وكم نقلت الأخبار المتنوعة تنازعهم فيما بينهم وشجارهم مع بعض لأن هذا نال من ذاك من المال الذي يسفح أمامهم دون حساب.
الغريب بالأمر بل المدهش سكوت هذه المعارضة عن تهجير قرية مسيحية بالكامل وهي قرية.. قسطل البرج.. في ريف حماة.. حيث أقدمت مجموعة مسلحة من التفكيريين جاؤوا إلى القرية وطلبوا من السكان الذين هم عبارة عن عشرة عوائل إخلاء منازلهم تحت التهديد بالسلاح والخروج من القرية من دون أن يحملوا حتى حوائجهم الشخصية وهؤلاء سيطروا بعد ذلك على منازل القرية كلها، كما احتلوا الكنيسة الوحيدة في القرية وحولوها مقراً لهم.
حصل هذا دون أن نسمع ولو احتجاجاً خجولاً من هذه التي تسمي أنفسها معارضة.
كما أن هذا الحادث يعني على المثل القائل «الحكي إلك يا جارة واسمعي ياكنة» أي بالمختصر إنذار وللطوائف المسيحية كلها، وكما حصل في العراق سيحصل في سورية إذا تزعزع النظام لا سمح الله ولم يعد قادراً على حماية شعبه.
هذا هو مخططهم.. وما يقال في العلن لا يقال مثله في السر..
لقد أعلنت القيادة منذ أيام الأحداث الأولى أن الوطن مقدم على مؤامرة خطيرة هي تفكيكه إلى كانتونات متصارعة وطوائف تأكل بعضها بعضاً.
كانوا ينكرون ذلك ولكن ثبت حقاً أن سورية تتعرض لمؤامرة.. ولن يجهضها إلا وقوفنا صفاً واحداً مع الإصلاحات ومع حفظ النظام.. مع الحرية ومع التعددية.. كي لا يتاح لهؤلاء المتآمرين أن يفرحوا بما أثمت أيديهم من جرائم.. فالتاريخ سيلفظهم عاجلاً أم آجلاً.. وستبقى سورية منيعة الخرق من أي جهة كانت فسورية حقاً قلب العروبة النابض.