إلى مدى طغيان الأساليب الفنية الأوروبية بكل اتجاهاتها وأزماتها وحالات انبعاثها وركودها، على التشكيل الفني ولا سيما الذي يقدمه الشباب، وهذا المأزق التعبيري يمكن أن يثير نقاشاً طويلاً، حول جدوى البقاء في إطار الاستنساخ والتقليد واجترار مفردات تشكيلية جاهزة ومألوفة، بدلاً من محاولات البحث عن إيقاع جمالي جديد يغذي العين وينشر ثقافة تشكيلية بديلة ومغايرة.
فردة بعض الشابات والشبان القادمين من محترفات كلية الفنون الجميلة، إلى إحياء التيارات العبثية والدادائية والانفعالية، تساهم في هيمنة حالة من الرتابة والتراجع والضياع في موجة المعارض المحلية الفردية والجماعية. مع إضافة حركات لونية انفعالية تبدو الأكثر انفتاحاً على عوالم التخريب الدادائي، الذي عرفته بعض العواصم الأوروبية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وجاء كصرخة رفض لكوارث المجتمع الاستهلاكي بإيقاعاته الصاخبة والمتوترة والمفجعة، مع كل ما تثيره هذه الظاهرة المتنامية من إشكاليات والتباسات في الفنون التشكيلية المحلية، دون القدرة على توضيح صورة الاختلاف في النهج أو في المعطيات بين أجواء الفنون العربية وتداعيات الفنون الأوروبية الحديثة المعاصرة.
وفي الوجه المقابل لهذا التمغرب الثقافي الواضح والضعف التقني المتعثر الذي يميز اكثر ية التجارب، تبرز بعض التجارب التي تستعيد البنى الزخرفية العربية بطريقة استهلاكية أقرب الى عمل المهني أو الحرفي، وهكذا تقع تلك التجارب وبنسب مختلفة في فخ الظواهر الاستعراضية والسطحية، بدلاً من تقديم ثقافة بصرية مغايرة، تنتمي إلى ألوان البيئة المحلية، وترتبط من الناحية التشكيلية بعناصر التراث في جوانبه وتفرعاته الحضارية، مع وعي الضرورات الفنية والتقنية القادرة على كسر المتداول والمألوف والمطروح في معالجة عناصر البيئة والواقع والتراث.
facebook/adib.makhzoum.com