إنه ماقاله الأديب المصري «يوسف السباعي» واستشعرنا بأنه يخُصّنا كشعبٍ اضطرَّتهُ هذه الحرب القذرة التي استهدفته ووطنه، للتسلّح بكبريائه وعقيدته وإيمانهِ بالنصرِ المُبين.
شعبٌ أبى إلا أن يواجه أعداءه ممن بلغت سخافتهم حداً جعلهم لا يكتفون بالسعي لإبادة إنساننا وإنما أيضاً، تاريخنا وتراثنا وأوابدنا وكل ما جعل العالم يشهد، بأن الحضارة ماكانت وما انطلقت، إلا بجهدِ وإبداع وفكرِ الباحثين والمبدعين والمفكرين السوريين.
نعم، إنه القول الذي استشعرنا بأنه يخصّنا في هذا الزمن الذي نعيش فيه حرباً لايمكن تجاهل بشاعتها وأساليبها المتعدِّدة والمتفرِّدة في انتهاكها لإنسانيتنا وحياتنا وحضارتنا.
حربٌ، جعلتنا نشعر، بأننا جميعاً موتى، وسواء من كان منّا في ساحة المعركة أو حتى من كان بعيداً ولكن، يترقب باختلالٍ وانفصام وخوف وحزن وفقد وقهرٍ وآلام، النهاية التي بإمكانها أن تنتشلنا من دوامة هذه الحرب ودمويتها.
نترقب ذلك، ونحن على يقين بأن لا شيء أشدّ تدميراً وانتهاكاً لجمال الحياة والفكر والإنسانية، إلا هذه الحرب الدنيئة التي استخفّت وانتهكتْ كلّ القيم الأخلاقية والعقلية والروحية. أما الأبشع والأشنع من هذه الحرب.. الأكثر انحطاطاً ودونية وإجراماً وعدوانية، فأولئك الذين أوقدوا نارها وأحرقوا بها حتى من انقادَ بحقدهم وسعيهم لِحرق أنفاسِ الحياة وعبق اللحظات في الروح السورية..
الأكثر انحطاطاً ودونية وإجراماً وعدوانية، من يدّعون بأنهم أخوة عروبتنا وعربيّتنا، ودون أن يكونوا في الحقيقة إلا متصهينين وأخوة الشياطين. أيضاً وللأسف، من خانوا أهلهم ووطنهم وشعبهم، وانساقوا وراء أحقادهم وجهلهم وأطماعهم، ودون أن يكونوا وليتهم لم يكونوا من السوريين.
حتماً، هؤلاء هم الأكثر انحطاطاً وإغراقاً في الدونية والوحشية واللاانتماء إلا لحرامتهم وإجرامهم وتفكيرهم الموغل في بدائيّتهم.. هؤلاء هم.. فهل نسامحهم؟. حتماً لا ويستحيل أن نغفر أو ننسى أو نهادنُ أو نسامح.. يستحيل، وعلى رأي الشاعر المصري «أمل دنقل»: لاتُصالح.. لاتُصالح... ولو توَّجوكَ بتاجِ الإمارة.. كيف تخطو على جثَّةِ ابنِ أبيكَ..؟ وكيف تصيرُ المليكَ.. على أوجهِ البهجة المُستعارة؟ كيف تنظر في يد من صافحوكَ.. فلا تبصر الدمّ في كلِّ كفّْ؟.. إنَّ سهماً أتاني من الخلفِ.. سوف يجيئكَ من ألفِ خلفْ فالدمُّ - الآن - صارَ وساماً وشارة.