|
متى يكون المبدع عالمياً ..? ثقافة ولا تقترب من ادب محفوظ وانهى الكاتب الكبير محفوظ الجدل حين قال : اتذكر الآن الاحياء والحواري الشعبية وابناء البلد تحدث عن الملايين الذين عاش معاناتهم باختصار كانت الجمالية معبره الى العالمية وكان اجمل الكتب التي تناولت ادبه كتاب نجيب محفوظ من الجمالية الى نوبل. الحديث عن العالمية الآن يعود الى الواجهة في الدراسات الادبية فهذا ادب عالمي وذاك غير عالمي هذا مبدع يسعى الشرق والغرب لمتابعة اخباره وتسويقه ومع انه يكون مجرد (ظاهرة او فورة )وثمة من يحفر مجراه عميقا يقدم ,يبدع ولكنه لم ولن يصل العالمية فما الاسباب التي تجعل هذا المبدع عالميا وذاك خارج العالمية ..? ما هي المقاييس والمعايير وهل ثمة مقاييس ومعايير تحكمها مصداقية ما ..?بصيغة اخرى: لماذا شكسبير يملأ الدنيا? والمتنبي وابو فراس والمعري وغيرهم من سلسلة المبدعين لم يجدوا هذا الصدى وهذه المتابعة ,من المقصر في هذا المجال ..? مجلة عالم الفكر الفصلية توقفت عند هذه الظاهرة وناقشت كتابا صدر في فرنسا يتناول هذه القضية وقد ناقشت القضية د. منى محمد طلبة وتوقفت عند كتاب باسكال كازانوفا المعنون ب-( الجمهورية العالمية للاداب ) وقد صدر في باريس واثار ردود فعل كثيرة مؤيدة ورافضة.. واذا كنا لا ننتظر صدور هذه الدراسة للحديث عن عالمية الادب ولنسأل كيف تعمل المؤسسات العالمية حين تصنف ادبا ما بأنه عالمي ? لكننا بعد صدور الكتاب نكتشف الكثير من الدسائس والمؤامرات التي تحاك هنا وهناك ونعرف كيف تعمل مؤسسات ثقافية وعلمية وبشكل متواز من اجل تحقيق اهدافها باظهار ادب ما والتعتيم على ادب آخر .. الادب رأس ما ل رمزي يقوم كتاب باسكال على نظرية عالم الاجتماع الفرنسي الشهير بير بورديو التي تقوم على اساس نقل مصطلح رأس المال من المجال الاقتصادي الى المجال الثقافي ورأس المال هو ما يتراكم عبر عمليات الاستثمار وينقل عن طريق الميراث ويدر عائدا بحسب كفاءة صاحبه في توظيف ارباحه ولا يتحكم رأس المال الاقتصادي وحده في تاريخ المجتمعات ولكن هناك ايضا رأس مال خفي غير مرئي: هو رأس المال الثقافي او الرمزي الذي يشمل مجموعة الخصائص الفكرية والثقافة التي ينتجها النظام التعليمي والتي يجري توارثها في محيط الاسرة والمجتمع ومجموعة العلاقات الاجتماعية التي تصل بين الفرد والجماعة ومجمل الممارسات الطقسية والاحتفالية والسياسية والفنية والعادات والتقاليد التي يناط بموجبها الشرف والامتياز الاجتماعي . واذا كان بورديو يحاول تفسير علم الجمال الادبي تفسيرا اجتماعيا فملكة التذوق تصاغ اجتماعيا اذا كان يفعل ذلك فان العرب قد سبقوه في هذا المجال فمنذ ان كان الشعر صناعتهم الاولى وديوان علومهم ومعارفهم وخزانة حكمتهم ولكن النقاش الدائر حول نظرية بورديو تجاهل هذه الحقيقة وهنا ليس بمقدورنا أن نقول ان بورديو هو المسؤول بل نقادنا ومثقفونا ومنظرونا الذين يدعون انهم يقيمون جسور التواصل مع الآخر ولا تكاد تظهر مدرسة نقدية او قشور مدرسة نقدية في الغرب حتى يسارعوا الى تطبيقها في بيئة غير بيئتها وعلى ادب غير ادبها فنشأت الهوة بين النقد والادب .وتسعى باسكال كازانوفا الى اقامة ما اسمته الجمهورية العالمية للآداب التي تضم حسب دعوتها مختلف الثروات الادبية للشعوب وترى كازانوفا ان عاصمة هذه الجمهورية هي باريس وينافسهاعلى السيادة كل من برلين ولندن صاحبتي الآداب الكبرى ,اما الدول صاحبة الآداب الصغرى حسب ادعائها فهي آداب الدول التي خضعت على مدى حقب طويلة للسيطرة السياسية ولكن المفارقة كما تشير د. منى محمد طلبة ان الدول صاحبة الآداب الصغرى مثل : بلجيكا وكندا وسويسرا والنمسا هي موطن الثورات الادبية الكبرى .. جغرافية الجمهورية العالمية للآداب.. ! اذا كانت ثمة خارطة سياسية تقسم العالم الآن فان الخارطة الادبية ليست بعيدة عنها على الاطلاق والدعوة الى مثل الجمهورية المذكورة ليس الا وجها آخر من وجوه العولمة بشكل اكثر جمالية ,فعلى سبيل المثال ما من عاصمة ثقافية قادرة على ان تنافس باريس بما تصدره من كتب ومجلات وبما تقوم به ولن نجد ادبا ما قادرا على ترجمة اعمال اديب ما دون المرور بدور الترجمة العالمية التي قد لا يروقها هذا الاديب ولا الادب وعلى كل حال ليست جمهورية الادب جمهورية افلاطون ولا العلاقات الثقافية فيها تخضع لعلاقات التنافس الشريف فلنبحث : كيف تمنح نوبل وكيف تترجم الكتب وكيف يصنع النجوم هنا وهناك ثمة تقصير منا في تقديم ادبنا ومبدعينا والتواصل معهم وحمل نتاجهم الى العالم وثمة عوامل اخرى موضوعية لا علاقة لنا بها هي من عراقيل الاخر ولكن لا بد من تجاوزها والعمل على تذليلها والبحث عن مخارج لها وهذا لا يأتي بجهود فردية ولا مؤسسات ثقافية صغيرة انه عمل دؤوب وجهد متواصل تتحمل مسؤوليته وزارات الثقافة العربية التي لم تفلح لا في الداخل ولا في الخارج على الرغم من الكثير من الاخبار التي نسمعها عن هذه الوزارات وعن اجتماعات وزرائها في هذه العاصمة او تلك ويبقى الاجتماع حبرا على ورق نقرأ عن عواصم الثقافة العربية وعن عوائق التبادل الثقافي في الطبع والنشر فاذا كنا غير قادرين على اقامة جمهورية ادبنا العربي في وطننا العربي الكبير فهل سنكون قادرين على ان نكون اعضاء فاعلين او منافسين في ا لجمهورية العالمية للآداب .. بل اود ان اسأل : كم نعرف عن الادب العربي الحديث في المغرب العربي الكبير او كم يعرف هؤلاء عنا ? ولن نسأل من المسؤول عن ذلك .. بقي ان نسأل : هل العالمية جهد فردي وعلاقات وترجمات تتبناها جهة خارجية اذا لم يجد الاديب العربي مؤسسة ثقافية عربية تتبنى ابداعه وجهده وتقدمه للعالم .. هل لكل اديب عربي جمهوريته التي عليه ان يسعى لانجازها وبجهوده الفردية ومهما كان ابداعه ستظل مساحتها اضيق مما نظن ونتوقع, وبعد : هل نحن من كان الادب صناعتنا وتاريخنا وكان الابداع الاول من حضارتنا ..?
|