مشيراً أن قيمة الإنتاج الحيواني الفعلية أكبر من الأرقام الإحصائية المذكورة (على الرغم من التراجع الحاصل فيها)، وتثبت الثقل الاقتصادي لهذا القطاع في بنية الاقتصاد الوطني.
وفي هذا السياق أوضح المهندس عبد الرحمن قرنفلة المستشار الفني في اتحاد الغرف، أن نسبة مساهمة (قيمة) الإنتاج الحيواني من إجمالي قيمة الإنتاج الزراعي تتجاوز الـ 55 %، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار قيمة المساهمات غير النقدية للثروة الحيوانية في الإنتاج الزراعي، حيث توفر آلاف الأطنان من الأسمدة العضوية التي لا يتم احتساب قيمتها النقدية، إضافة إلى قيمة ما توفره من مصادر متنوعة للطاقة (التي لا يتم احتسابها أيضاً) كطاقة الجر والنقل وطاقة العمل وطاقة الوقود وطاقة توليد الغاز الحيوي، فضلاً عن عدم احتساب قيمة الوفر الذي تحققه في قيمة مبيدات الأعشاب لجهة من حيث دور الحيوانات في مكافحة الأعشاب الضارة والحد من تكاليف حرائق الغابات بفعل رعيها للأعشاب التي تنمو تحت الأشجار، والتي تشكل أهم عامل من عوامل حرائق الغابات في فصل الصيف.
وأوضح قرنفلة، أن الإحصائيات تتجاهل القيمة التي يوفرها قطاع الإنتاج الحيواني في خلق فرص العمل الإنتاجية والصناعية، حيث تصل تكلفة خلق فرصة العمل إلى حوالي ثلاثة ملايين ليرة، فضلاً عن دور الحيوانات في تحويل كثير من المخلفات الزراعية عديمة القيمة النقدية إلى لحم وحليب وبيض ذي قيمة غذائية ونقدية مرتفعتين، حيث لا يتم احتساب قيمة التفاضل بين قيمة تلك المخلفات والتي تشكل موارد مهدورة غالباً وبين قيمة اللحم والحليب وغيره، وكذلك لا تجري احتساب قيمة القطع الأجنبي الذي يتم توفيره على البلاد.
وقال المهندس قرنفلة، أن الثروة الحيوانية السورية يمكن لها أن تشكل مورداً مستديماً لا ينضب من القطع الأجنبي للبلاد ورافعة من روافع الاقتصاد الوطني إذا ما تم التعامل معها بواقعية أكثر، حيث تعكس نسبة تدهور مساهمة قيمة الإنتاج الحيواني في السنوات الأخيرة رؤية ضبابية في التعامل مع هذه الثروة التي توفر المنتجات الحيوانية في الأسواق الداخلية وتتيح كميات منها للتصدير، فضلاً عن إمداد بعض القطاعات الصناعية بمستلزمات الإنتاج، داعياً إلى المزيد من الاهتمام بمربي الثروة الحيوانية الذين يعملون في ظروف إنتاجية قاسية، وكذلك إعادة النظر في ترتيب أولويات الإنتاج الزراعي ووضع الثروة الحيوانية في مقدمة الاهتمامات والتركيز على تحسين استخدام المخلفات الزراعية في تغذية الحيوان للحد من التنافس القائم بين الإنسان والحيوان على ما تنتجه الرقعة الزراعية الآخذة بالانحسار، ودمج تربية الحيوان فيس الدورة الزراعية وتطوير الإرشاد الزراعي فيما يتعلق بالثروة الحيوانية، وتشجيع انتشار استثمار مخلفات الإنتاج الحيواني في توليد الغاز الحيوي كمصدر مجاني ونظيف من مصادر الطاقة، وتنمية وتطوير الصناعات التي تعتمد على المنتجات الحيوانية (البيض ـ الحليب) ومخلفات الحيوانات (الأسمدة العضوية) كمادة أولية في مدخلاتها.