وبعدها أيضا في دمشق الشام التي قيل إنها ستسقط في أيدي الخونة والعصابات الإرهابية خلال ساعات معدودات، عبر بث إعلامي اعتاد تزوير الحقائق واللعب بأعصاب الناس الذين اعتادوا أكاذيبهم وخداعهم المضلل، خصوصا أن الشعب السوري أصبح على ثقة تامة ، من أن هذه العصابات ومن يدعمهم ماليا وعسكريا، قد بدؤوا يستجدون اللحظة الأخيرة من أجل تسجيل نصر في زاوية ما، تقوي موقفهم الذي بات في الدرك الأسفل من هزيمتهم النكراء ،التي أوقعهم في سراديبها الجيش العربي السوري بتكتيك استراتيجي قتالي عالي المستوى، مهد لمراكز البحوث العسكرية الاستراتيجية عبر العالم، خصوصا في الدول المتقدمة، إلى دراستها وإدراجها في صفوف مدارسهم العسكرية، حيث من المعروف أن الجيوش تهيئ للحروب الخارجية، ويترك أمر الداخل لقوى الأمن الداخلي وفرق مكافحة الشغب، أما في سورية فكان الأمر مختلفا تماما. إذ أن المؤامرة كانت حربا كونية شنت على سورية من الأشقاء أولا، ومن ثم عبر التدخلات الخارجية من قوى الاستكبار العالمي، وهذا ما حدا بالجيش العربي السوري لدحر العدو المعتدي على وطنه بالرغم من صعوبة المهمة من حيث حرص الجيش على المدنيين في المدن والقرى، وحسب ما هو معروف في العلوم العسكرية أن حرب الشوارع هي من أصعب الحروب.
في عرسال اللبنانية تسابقت مفردات بعض السياسيين اللبنانيين لفبركة القصص بروايات مضللة محكومة للمؤامرة الخارجية، التي نسجت خيوطها الاستعمارية طقوسا إرهابية امتدت من سورية إلى لبنان، عبر قيام بعض المضللين من اللبنانيين بتهريب أفراد العصابات الإرهابية التكفيرية إلى الداخل اللبناني في الشمال والبقاع ، وإيجاد بيئة حاضنة لهم بعيدا عن سلطة القانون اللبناني والسوري والمعاهدات بين البلدين، وذلك بعد اندحارهم أمام ضربات الجيش العربي السوري الذي يسجل النصر تلو النصر عليهم بتكتيك مبرمج ومدروس بتقنية عالية جدا، وهذا ما حدا بأكثرية الشعب اللبناني إلى تأييد الجيش ومطالبته بالضرب بيد من حديد، على كل من تسول له نفسه التعدي عليه وقتل ضباطه وعناصره بغاية خراب الوطن والتأسيس لإمارات تكفيرية باسم الدين.
وما حدث في تونس، من اغتيال شكري بلعيد الرافض لديكتاتورية الإسلام السياسي الإخواني يصب في الخانة نفسها، كذلك ما يحصل في مصر من فتاوى تبيح قتل معارضي الرئيس محمد مرسي أيضا ، كل هذه المشهديات المنتجة للأحداث المؤلمة على الساحة العربية، تبين حجم الديكتاتورية العالمية التي تبيح قتل الشعوب باسم الإنسانية، وتحت شعارات الحرية المصادرة بازداوجية معايير، تتعاطى من خلالها تلك الدول بدعم وتصدير الإرهاب المرفوض في بلادها إلى بلادنا، حيث تفرضه بقوة المال والسلاح والقتل والاغتيالات والتدمير المباح.
فهل مفردات الديموقراطية التي تحت إبطها آلاف الشهداء في كل من مصر وسورية واليمن وليبيا وتونس وفلسطين ولبنان ومالي ..وهلم جرا، هي من مرتكزات الحرية والإنسانية التي يطرحها هذا العالم المسمى حرا ؟
إن الإرهاب المنظم، أكان من قبل أنظمة بعض الدول العالمية أو من خلال العصابات المتطرفة، مرفوض في الشرائع والقوانين ، أضف إلى ذلك ثقافة التعصب الديني المتمذهب المرفوض أيضا جملة وتفصيلا، لأن الإرهاب لا هوية وطنية له ، وما جرى في أفغانستان من طالبان والتأييد الأميركي المستمر للتطرف الديني لم يعفها من تمدد الإرهاب إليها عبر حادثة البرجين في نيويورك. السؤال المطروح بقوة اليوم: هل تمدد الإرهاب في سورية ضمانة لسياساتهم المستقبلية في هذا الشرق العربي الذي يريدونه ديموقراطيا، مع ما يصدرونه من أفكار عنصرية وتطرف ديني وجاهلية فكر وعصبية بغيضة متقوقعة لاتقبل الآخر المختلف ولا الديانات الأخرى المختلفة والشواهد كثيرة، ومنها ما حصل من تدمير كنائس في حمص وحلب وغيرها من المدن السورية ومن قتل وتهجير للمسيحيين في كل من فلسطين والعراق، الذين حافظ عليهم الرسول العربي الأكرم محمد بن عبدالله، حين حماهم ووضعهم في ذمته المباركة، حرصا وكرامة ، لتجذرهم في تاريخ هذا الشرق العربي مع أخوتهم في الدين والإيمان.
إن الفجور السياسي المتطرف والمتمذهب هو الوباء الذي ضخ في بلادنا العربية، بحيث جرى تفاعله بقوة في سورية ولبنان، تنفيذا لسياسات الفجور الأميركي والصهيوني التي تختصر في مضامينها كل العناوين الملتبسة . فكيف لعاقل عربي الاقتناع بأن حكومات الاسلام السياسي المستجدة في كل من مصر وتونس وليبيا، التي تتلقى تعليماتها من أروقة التسلط العالمي، ستقبل مفرداتها التي تحمل في طياتها دم الشهداء.