تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الحوار الوطني رؤيــة وآفـاق .. « الثـورة» تستطلع آراء شخصيات قانونية: لا خطوط حمراء في الحوار إلا وحدة الأرض والشعب وإعلاء السيادة الوطنية

صفحة أولى
الأحد 10-2-2013
إذا كان حمورابي أبا القوانين وواضعها.. فإن سورية أم الدساتير وحاضنتها ويشهد تاريخها الذي دون أول دستور لها في عام 2360 ق.م ان السوريين كانوا منارة للحضارة والقانون قبل ان تكتشف قارات وتنشأ حضارات.

سورية اليوم تتهيأ لحوار ويستعد القانونيون لتأطير ما سينتج عن هذا الحوار في أسس قانونية جديدة ترسم ملامح مرحلة قادمة تضاف الى مراحل الحضارة السورية المعتقة ومن هنا يفتح القانون السوري ذراعيه للحوار ولا خطوط حمراء لديه الا وحدة الأرض والشعب وإعلاء السيادة الوطنية.‏

الثورة تواصل استطلاع آراء شخصيات قانونية في ملفها (الحوار.. رؤية وآفاق).‏

محمد واصل - عميد كلية الحقوق:‏

نحو كيان وطني جديد يضم كل السوريين‏

منذ بداية الأحداث كان جلياً وواضحاً أن هناك خلافاً بين بعض الأطراف السورية حول مجموعة من القضايا في الدولة، لذلك وضع الرئيس في خطابه في دار الأوبرا خريطة طريق من أجل الخروج من المرحلة الراهنة التي يختلف فيها أطياف المجتمع في سورية وأول خطوات هذه الخارطة هي إعادة صياغة الدستور ووضع ميثاق جديد والميثاق هو عبارة عن عقد اجتماعي هذا العقد يحتاج إلى حوار بين أطياف الشعب كاملة دون الغاء أو تهميش ومن أجل هذا طرحت مسألة الحوار الوطني.‏

فالحوار الوطني بداية يهدف الى اعادة صياغة ميثاق جديد وعقد جديد بين أطياف المجتمع السوري كاملاً وهذا الميثاق يحتاج إلى مقدمة وإلى اطراف وإلى موضوع ونعني بالمقدمة اسس الحوار وهذه الاسس يجب أن تكون من المسلمات لدى الجميع وأولها أنه لا حوار مع المجرمين القتلة الذين يحملون السلاح ضد الدولة في مواجهة الجيش العربي السوري كما أنه لا حوار مع المتخاذلين الذين يتآمرون مع الخارج من أجل التدخل في سورية لأن هؤلاء ليس لديهم مصلحة اساساً في الحوار فهم لايريدون دولة و لايريدون أمن وسلامة وحماية الشعب العربي في سورية ولا يريدون الحفاظ على سلامة الأرض السورية.‏

إذاً الحوار يجب أن يكون وطنياً بامتياز تحت مسلمات اساسية هي وحدة الدولة السورية ووحدة المجتمع السوري والحفاظ على أطياف هذا المجتمع والاتفاق على أن سورية لجميع المواطنين دون تهميش أو الغاء الآخر فجميع المواطنين لهم حقوق متساوية وواجبات وكل حوار يجب أن يكون تحت سقف الوطن والحفاظ على الجيش العربي السوري ودعمه وتعزيزه فهو حامي الوطن وحامي حدوده البرية والبحرية والجوية وكل الشعب السوري يتفق على هذه المسألة فلا يجب ان نساوم على أي حبة تراب أو نتهاون بأي أمر يؤدي الى النيل من الدولة السورية أرضاً وشعباً وسيادة.‏

بهذه المسلمات يجب أن تذهب اطراف الحوار ولكن.‏

من هم اطراف الحوار؟! الحوار يجب أن يتم بين اطياف الشعب العربي السوري كاملة بجميع مكوناته وكل اشكاله في كل الجغرافيا السورية دون استبعاد لأي مكون فيها بعد الاتفاق على المبادىء.‏

ويجب على الشعب أن يتحاور مع بعضه ويتعاون من أجل وضع صيغة لحياته المستقبلية.‏

من حيث المبدأ الحوار لا يستثني الوطنيين الذين يحملون الهوية العربية السورية ويؤمنون بوجودها أما موضوع الحوار هو الأهم وكما طرح السيد الرئيس بأن يوضع ميثاق وطني جديد كما قلنا سابقاً ومضمون هذا الميثاق هو كل ما يتعلق بمستقبل هذا الشعب وضرورة تمكينه من سبل الحياة الكريمة وتنمية مقومات هذا الشعب.‏

وموضوع الميثاق يحتاج إلى اليات وهي كيف يمكن أن نضع هذا الميثاق الذي بمثابة عقد اجتماعي وبعد أن نتفق على مضمون يطرح على الاستفتاء العام لينال ثقة الشعب ووفق القواعد الديمقراطية المعروفة عالمياً من أجل إعادة صياغة دستور جديد ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين سلطات الدولة ويتضمن الحقوق والحريات الاساسية للمواطن إذا الميثاق هو الذي يقدم لاعادة صياغة الدستور أما آلية الحوار فإن البعض يعتقد أنها آلية صعبة ولكن أنا أقول إن الحكومة يجب أن ترى وأن لا تتدخل يجب أن توجه بإنشاء خلايا الحوار على اساس جغرافي كما يجب أن تنشأ خلايا الحوار في كل المناطق وتنبثق عنها لجان فرعية للحوار في المحافظات وتشمل هذه اللجان كل ما يرد من نقاط اختلاف وبالتالي ترفع إلى اللجنة المركزية للحوار التي تقوم بإعادة صياغة ما طرحته اللجان الفرعية وإعادة بيان المتفق عليه وما هو محط خلاف وهذا ما سيؤسس للميثاق الوطني ويوصلنا للصيغة القانونية للشكل الذي نريد.‏

فالميثاق الوطني هو مسألة قانونية محضة وهو عقد والعقد له عنوان وأطراف يتضمن مقدمة وفيه نصوص تتعلق بالدولة وشكل الدولة نظام الحكم والاسس الاقتصادية والاجتماعية والفلسفية والهوية كاملة يجب أن نتفق على أن الأرض السورية تتسع للجميع ويجب أن نعمل لان تبقى للجميع لا تفريق لا بالعقيدة ولا بالمذهب يجب أن ننضوي كلنا تحت سقف الوطن فإذا خرجنا عن ذلك نكون خرجنا عن ما يمكن أن يقوم به اي شعب بالعالم سواء الحياة المشتركة والعلاقات بين اطياف المجتمع على اساس المواطنة فالميثاق هو حالة متطورة جداً كان يجب علينا أن نوحدها منذ عام 1947 منذ الاستقلال وحالياً عندما فكر السيد الرئيس في هذا الاتجاه فإنه يصنع ثورة حقيقية فهو طرح رائع وكل دول العالم وما سينبثق عن اعمال اللجنة المركزية للحوار التي تعود لتطرح هذا الكم الوارد إليها من المحافظات وتحدد كل المسائل بعد تصنيفها كالحريات والحقوق والضمانات سلطات الدولة نوع البرلمان كل هذه المسائل بالحوار ستنتج هوية مستقبلية للشعب العربي السوري.‏

هذه الهيئة المركزية تعيد صياغة مايرد إليها عبر ارداة الشعب بكل أماكن تواجده وترفع مجلداً ضخماً عن كل هموم هذا الشعب كي تتم صياغته ويطرح الميثاق للتصويت وبعدها يعاد طرح الدستور وتتغير الحكومة إذاً أهم منتجات الحوار هو الميثاق لأنه يضع صيغة جديدة لحياة المجتمع والشعب والدولة في سورية هذه الصيغة هي الدستور هي القانون الاساسي في الدولة ويجب أن تخضع له كل القوانين ويجب أن لا يكون هناك قانون يختلف مع المبادىء الاساسية في الدستور طبعاً وعلينا عند طاولة الحوار أن نعترف جميعاً أن الأزمة لها ابعاد وهي غالباً مصطنعة وكل من يستخدم فكره وليس غريزته يقول الأزمة السورية هي ازمة مفتعلة عملت على تأجيجها اسرائيل بدعم اميركي وبمساعدة أطراف من مشيخات النفط لكن الهدف صهيوني يتضمن اضعاف واسقاط سورية واسقاط الكرامة في سورية لانه عندما بدأت فكرة المفاوضات بين العرب واسرائيل اصدر شيمون بيريز كتاباً عنوانه الشرق الأوسط الجديد وما الشرق الأوسط الجديد إلا سيطرت اسرائيل على كل مقدرات المنطقة وثرواتها والمنطقة العربية اليوم أصبحت مباحة لهم ولم تبق سوى بلد واحد في العالم العربي تقول لهم لا هي سورية نحن نعلم أنهم حاولوا كثيراً من أجل اتفاق سلام لكن الشعب السوري وقيادته لم يستسلموا لذلك صدروا اليوم لنا كل هذا الكم من الارهاب والارهابيين وغرروا بأبنائنا وعلينا أن نلفظ الغرباء من بيننا أما من هم سوريون وتلطخت اياديهم بالدماء فنحن نعلم أن هناك عدالتين عدالة في الأرض وعدالة في السماء ومن ينجو من عدالة الأرض لن ينجو من عدالة السماء ابداً الشعوب بتاريخها الطويل تعرضت لكوارث ومذابح وتهجير ولكن من اجل اعادة بنائها من جديد لابد أن تتسامح وتغفر وهناك طرفان يحق لهما الغفران هم الله والشعوب أما اصحاب الحقوق فنحن نعتمد على تسامحهم فاجراءات العدالة تأخذ حدها لأننا نعلم أن الزمن جزء في الحل ولا يمكن أن يعاد الحق كاملاً لاصحابه فالدولة لا تستطيع أن تعوض كل شيء وهي تتكفل برعاية المواطنين وتقدم لهم حقوقهم وتتكفل بشيء من تعويض اضرارهم ولكن هناك آلاف من الحالات يستحيل تعويضها.‏

القاتل في الشريعة يقتل ولو بعد حين وأنا أقول لا أحد يقول إن عفو الناس يكفي هناك مسألة داخلية ستبقى تؤثر إلى فترات طويلة وعلى هذا الأمر نقول نحن بحاجة إلى عقد اجتماعي وهو شكل من اشكال الصلح الاجتماعي والصلح في القانون هو تنازل كل طرف من الأطراف عن جزء من حقه حتى نصل الى حلول وسطية.‏

الشعب يتنازل عن جزء من حقوقه من أجل المستقبل فلا بد من التسامح وانطلاقاً من الرحمة التي يمتلكها الشعب ومن خلال ممثلي الشعب يصدر العفو العام ولكن لا يؤثر على الحقوق الشخصية أو المادية فهو حق له ومن حقه أن يطالب به إذا عرف الفاعل أما الحق العام فإن كل الدول تملكه وتمارسه بشكل دائم والعفو العام هو من حق البرلمان بإسم الشعب ورئيس الجمهورية يصدر العفو بناء على الدستور بالتالي فإن مسألة الحوار تحتاج إلى فكر واقعي وليس شعارات ونحن القانونيين نعتمد على الوقائع وما من واقعة إلا ويرتب عليها القانون اثراً قانونياً وفكرة القانون ليست وضعية بل هي فكرة لها جذور في الاخلاق والدين والتاريخ لها علاقة بالاقتصاد والسياسة فالقانون وسيلة لممارسة الحكم.‏

لذلك شكلت لجنة من وزير العدل اسمها الاعلام القانوني لأنه عندما تقوم ثقافة القانون يعرف الجميع حقوقه وواجباته ويسود النظام.‏

أخيراً أعود وأوكد أن علينا أن نبدأ الحوار والحوار يجب أن يكون ممثلاً عن مناطق واحزاب وغيرها وفكرة الحوار يجب أن تكون مفتوحة الأبواب وملزمة ولابد من وضع خريطة ومنهجية ولابد من تحديد موضوع الحوار بدقة سواء شكل الدولة وصيغة الحكم وتحديد هوية النظام والدولة والسياسة والاقتصاد والتعليم كل شيء يطرح ولكن لابد من وضع خريطة ويتم الاضافة عليها.‏

سام دله- أستاذ القانون والنظم السياسية:‏

مثالية النظام السياسي والدستور تأتي من درجة التوافق عليه‏

طالما أن هناك أزمة في البلد تم الاعتراف فيها من قبل جميع الأطراف ووصلت الى مرحلة طافت فيها الى خارج الحدود السورية فإن أي حل للأزمة يجب أن يأخذ جميع الاعتبارات سواء الداخلية أو الخارجية وأي حوار لا يمكن أن يستبعد أي طرف من أطراف الأزمة السورية سواء في الداخل أو في خارج البلاد وإلا سيبقى هذا الحوار مجتزءاً والأمور في سورية لم تعد تتحمل الحلول الجزئية فنحن بحاجة اليوم الى حل شامل وهذا الكلام قيل منذ بداية الأزمة ومنذ انعقاد المؤتمر التشاوري الأول للحوار.‏

إن أي حل بعد أزمة عميقة لا بد أن يكون جذرياً وعميقاً ويواجه الأزمة الموجودة أما إذا كان هذا الحل ترقيعياً وتجميلياً فإنه لن يكون كافياً ولن يساهم في حل الأزمة بل قد يولد أزمات جديدة لذلك يجب علينا البحث جميعاً عن حل جذري وكلما استعجلنا بالحل الجذري كل ما كان أفضل لأن ما هو جذري اليوم غداً لن يكون له أي قيمة وإن أي حل مقبول اليوم سيكون غداً صعب القبول ولا بد أن نمضي بالحل بشكل سريع لأن للأزمة السورية تداعيات خطيرة على سورية سواء على المجتمع السوري أو الاقتصاد السوري أو التنمية السورية واليوم أصبح بين يدينا أرقام خطيرة للدراسات حول تأثيرات الأزمة على البلاد وبنيتها السكانية والعمرانية والاقتصادية.‏

واضافة لذلك هناك تأثير للأزمة على دور سورية في المجتمع الدولي فالسياسة السورية والجغرافية السورية كانتا تلعبان دوراً كبيراً في المنطقة العربية وفي العالم وهذا الدور سيتغير اليوم وسنجد مقاربة جديدة لدور سورية وشكل جديد لتحالفاتها لذلك علينا أن نكون جديين في موضوع الحوار فهو يحدد مصير وطن كامل وأساس أي حوار هو الثقة والثقة المتبادلة بين جميع الأطراف وكل منطق اقصائي يجب استبعاده بكل أشكاله سواء التخوين أو الاتهام.‏

لا بد أن نبني جسور ثقة ولا بد أن تكون هذه الجسور حقيقية في أي عمل للحوار كما أن العملية الحوارية لا يمكن أن تنجح تماماً والمعركة تدور في الميدان السوري كذلك لا بد من أن يتوقف أي عمل مسلح أثناء الحوار ولا بد من الاجماع على وقف العنف والتسليح وهذا ما تضمنه البرنامج السياسي الذي قدمه السيد الرئيس في خطابه الأخير في دار الأوبرا.‏

فالحوار يجب أن يكون بين طرفين في أجواء هادئة وكل طرف يملك رؤية تطرح ويتم النقاش بالرؤى حتى نتوصل إلى نقاط الالتقاء حول سورية كما يجب أن تكون هذه النقاط سورية بإمتياز وأي طرف من الأطراف غير السورية يجب استبعاده تماماً لأنه سيعرقل الحوار.‏

وبما أننا قد بدأنا التهيئة لارضية الحوار فيجب علينا أن ننطلق من مبدأ الابتعاد عن التجريب وتجنب الأخطاء مع مراعاة السرعة بالتالي لابد من البداية الصحيحة بمعنى أنه عندما تقوم اي جهة بتنفيذ ما طرح من خطوات في البرنامج يجب أن تكون ذات صلاحية بغض النظر عن ما تطرح، فالمرحلة الآن لا تسمح بالتجريب فلا يوجد لدينا وقت كافٍ كما اننا لا يجب أن نضيع وقت الحوار بأطراف غير فاعلة في الازمة فيجب على من يتحاور أن يملك فاعلية على الأرض ويكون جدياً ومستوعباً بأن الهدف من الحوار ليس الانتصار على الطرف الاخر بل هو انتصار سورية وهو الذي سيضع سورية على الطريق الصحيح.‏

والهدف من الحوار ايضاً هو ان نصل إلى عقد اجتماعي جديد يتفق عليه السوريون الذين هم اساس الحل وفي الاجراءات تفاصيل كثيرة من قوانين وانتخابات ودستور وأهم شيء هو التوافق على هذه النقاط.‏

لأنه بأي عملية سياسية هناك مكونات اساسية في عملية بنائها ومن هذه المكونات الدستور وقد يسبق الدستور ميثاق أو قد لا يسبقه ميثاق هذا أمر يختلف حسب تجارب الشعوب بعد اي ازمة عادة يكون هناك حوار لوضع مبادئ اساسية نسميها عادة الميثاق وهو الخارطة التي نمشي عليها وهذا الميثاق يتطلب توافق كل القوى الوطنية ومايلي ذلك هو الدستور الذي سيصاغ استناداً إلى الميثاق وكان لسورية تجربة قريبة بإعادة صياغة الدستور أما الان فلابد من اعادة رسم الدستور مجدداً لأن الميثاق سوف يحدد ما يتفق عليه المتحاورون سواء طبيعة النظام السياسي أما صلاحيات هذا النظام سيحددها الدستور لذلك يمكننا القول بأن الميثاق ذو صيغة سياسية اكثر من انها قانونية أما الدستور فهو ذو صبغة قانونية اكثر من كونها سياسية بمعنى أنه تجسيد للتوافق السياسي أما الأكثر صعوبة هو قانون الانتخابات لان صياغته هي من ستحدد علاقة الأطراف السياسية فيما بينها وصياغة قانون الانتخابات هي من ستحدد في نسبة كبيرة من سيحكم بالتالي جميع الأطراف ستعمل على صياغته بما يتناسب مع مصالحها.‏

وفي سورية يجب عند صياغة قانون الانتخاب أن نضع مصلحة سورية فوق الجميع وأن يحافظ هذا القانون على وحدة سورية ارضاً وشعباً بالتالي يجب أن نضع قانوناً قائماً على عدم التمييز العرقي أو الطائفي وهناك خيارات واسعة في هذا المجال فإما أن نذهب إلى الدوائر الفردية أو النظام النسبي أو خيارات أخرى وأي من ذلك سيحدده التوافق بين جميع الأطراف.‏

أما بالنسبة لقانون الاحزاب فنحن لدينا قانون لابأس به وقد يتغير نتيجة للحوار حوله ولكن القانون الأكثر أهمية هو قانون الادارة المحلية اللامركزية وهو هام جداً فاللامركزية هي مدرسة الديمقراطية طالما نحن نتكلم عن التغيير وايجاد بنية ديمقراطية وغير ذلك فإن بقية القوانين هي تفصيل منه ما يتعلق بالتوجهات الاقتصادية ونحن لا يجب أن نستخدم في سورية فكرة أو مصطلح النظام الاقتصادي لأن ذلك يعني الغاء تداول السلطة فقد يأتي حزب لديه رؤية معينة بالتالي يجب أن يكون هناك مبادئ عدالة ونشاط اقتصادي بالتالي فإن عبارة نظام اقتصادي غير مناسب.‏

لابد أن يكون هناك انتخابات واستفتاءات على كل المكونات الاساسية التي يتفق عليها في الحوار سواء الميثاق أو الدستور ويجب أن يكون الشكل التي تخرج فيه الاجراءات مناسباً لأن الشكل هو الذي يوحي بالثقة ولابد أن نكون حرفيين لأبعد الدرجات فالأطراف السياسية هي من سيتوافق وعليهم الاستعانة بفنيين واشخاص ذوي خبرة في عملية اخراج مشروع الحوار والا سيبقى هناك مجال لعدم الثقة وفي الحوار اعتقد أن الثقة جوهر وذات أهمية عالية.‏

كما يجب أن يبنى الحوار على التسامح ونحن اليوم في سورية لدينا اعداد كبيرة من الشهداء والمتضرريين وهنا نقطة حساسة ودقيقة على الجميع أن يتسامح والتسامح كلمة اجتماعية وهي قانونياً تدعى العدالة الانتقالية وتعني أنها مرحلة من عمر البلد الذي يمر بالازمة هذه المرحلة لا تعطي انصافاً كاملاً للجميع ولكنها تحقق العدالة إلى درجة معينة وبحسب ما تسمح ظروف البلد ففي العدالة الانتقالية هناك ما يسمى التصالح والتسامح مع الحفاظ على قدر من الحقوق وعلى اساسها تصدر مراسيم العفو وقوانينه في كل بلاد العالم وفترة العدالة الانتقالية فترة محدودة، وهي تجربة موجودة في معظم الدول التي مرت بأزمات سياسية بالتالي لابد من القبول بهذا المنطق في هذه المرحلة بمعنى أن لا اهدار للحقوق ولكن ليس هناك منح كامل لها نحن بإستطاعتنا أن تكيف وتتكيف مع القانون ففي السياسة والقانون لايوجد شيء ثابت بل هو متغير بحسب توافق الجميع وارادته فعلى سبيل المثال لايوجد نظام أو دستور مثالي ومثالية النظام السياسي والدستور تأتي من درجة التوافق عليه فالأهم من الصيغة هو الاتفاق عليها وحتى نصل إلى هذه النتيجة علينا بتبادل الثقة وعدم الغاء الآخر والتسامح فطبيعة الانسان السوري انه غير متطرف وحضاري بالتالي قادر على التسامح أما من يحمل السلاح ويرفض الحوار فإن ملاحقته ومواجهته حق من حقوق اي دولة. فرض النظام واجب على الدول ولكن كل ما كنا قادرين على تحفيز هؤلاء وجذبهم إلى الحوار كل ما كانت مهمتنااسهل وكل ما استطعنا أن نرتقي بثقافتنا ونتخلص من الأفكار المتخلفة التي ظهرت على سطح الأزمة كل مااستطعنا تفعيل منتخبنا الحواري فالدستور على سبيل المثال بحاجة إلى حامل ثقافي واجتماعي لتفعيله ذلك ينطبق على معظم القوانين والقضايا وخاصة قضية الفساد المجتمعي التي هي ليست مسألة ثغرات قانونية وحسب بل هي متعلقة بجملة من القضايا أهمها الثقافة المجتمعية فقد اصبح الفساد رياضة يمارسها الجميع سواء بإرادته أم لا وأهم بند لمحاربة الفساد هو الشفافية والشفافية تحتاج إلى ديمقراطية لذلك علينا أن نؤسس للديمقراطية الحقيقية والتي عمادها اليوم هو الحوار.‏

محمد خير عكام- أستاذ في كلية الحقوق:‏

الحوار على المبادئ التي سنبني عليها سورية المتجددة‏

الحوار الوطني هو الحل الوحيد والطريق الوحيد، ولقد تحدثت في الحوار السابق عنه كحل وحيد للأزمة، وعلينا اليوم أن نتكاتف لأن الأزمة التي تعصف بسورية كبيرة ويدخل فيها الكثير من الأيدي الخارجية، واليوم سنأخذ المنحى القانوني لهذا الحل.‏

فإذا أنتج الحوار ميثاقاً وطنياً سيتم الاستفتاء عليه، وكان في تفاصيله مخالفاً لقواعد الدستور القائم فلابد من تغير او تعديل الدستور بدستور جديد لكي نطبق هذا الميثاق، يعني قد ينتج عن الميثاق أننا بحاجة إلى تعديل المواد المتعلقة بصلاحيات رئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو صلاحية الوزير تغيير شكل النظام السياسي من نصف رئاسي إلى رئاسي أو من نصف رئاسي إلى برلماني، هذا يتطلب إعادة النظر بطريقة تشكيل السلطات الثلاث في سورية وضبط اختصاص هذه السلطات، وبالتالي يجب إعادة النظر بالكثير من قواعد الدستور المتعلقة بها، فالميثاق الجديد سوف يعتبر بمثابة مبادئ لدستور سوف يصاغ، الدستور السابق قبل صياغته اتفقنا على مبادئ منها مبدأ التعددية السياسية محلاً لمبدأ الحزب القائد، وهذا المبدأ انعكس على كثير من مواد الدستور، وعلى كثير من القواعد القانونية المرتبطة بها، على مستوى القوانين العادية، وهذا الميثاق قد ينتج هكذا مبادئ تعيد صياغة دستور إن كانت هذه المبادئ تخالف الدستور، وهي صلاحيات يمكن للسيد الرئيس أن يطلق الشرارة الأولى لذلك، هذا وفق الإطار القانوني الدستوري.‏

ولكن السيد الرئيس حدد القول بـ «إذا» أي أن كل مرحلة مرتبطة بالمرحلة السابقة إذا أنتج الحوار ميثاقاً وطنياً وهذا الميثاق الوطني تم استفتاء المواطنين عليه، فمصدر السلطات هو الشعب وهو صاحب المصلحة بالتغيير إذا سيتم التغيير، فكل مرحلة مرتبطة على إنجاز المرحلة السابقة، هذا بالنسبة للشق السياسي القانوني.‏

ماذا نعني بالمحور السياسي ماذا يمكن أن ينتج، لدينا قوانين متعلقة به هي قانون الأحزاب، قانون الانتخابات قانون الإدارة المحلية، وهناك منظومة قوانين أخرى أيضاً متعلقة بمطالب الناس، فقد يكون نتيجة الحوار ضرورة لإعادة كل هذه القوانين.‏

والقوانين الأكثر أولوية في إعادة النظر، ليس فقط من ناحية الحوار بل من مصالح الناس، فأنا كشخص قانوني انتظر قانون استملاك جديد وهذا من أولويات هذه الحكومة وأي حكومة قادمة، وأعتقد أن الحوار سيتوقف كثيراً، عند إساءة استخدام السلطة التنفيذية للصلاحيات والامتيازات المعطاة لها بموجب قانون الاستملاك والاستملاكات الجائرة التي تمت في السابق، فهذا القانون أصلاً بالدستور السابق وضع فيه أنه يجب أن يكون الاستملاك على أساس القيمة الحقيقية للعقار المستملك ولكن ذلك لا يكفي من وجهة نظري فأنا مع أن تضاف مادة مستقلة بالدستور لتضع ضوابط تؤمن عدالة عملية الاستملاك لكي لا تكون على حساب المواطن، هذه الضوابط لتنتج قانون استملاك عصري وعادل، نحن نعلم أن الاستملاك ضروري وهو للمنفعة العامة والدولة بحاجة له، ولكن علينا أن نترجم كلمة العدالة الموجودة في الدستور والموجودة في قانون الاستملاك إلى ترجمة حقيقية لابد أن تكون مظاهرها كاملة في هذا القانون.‏

وهناك قانون الانتخابات بحاجة إلى تغيير علماً أنني كنت من الأعضاء الذين عملوا على مسودة القانون السابق، ولكنه بحاجة لوضع ضوابط دقيقة للمال الانتخابي في القانون، وإلى تعديل في الدوائر الانتخابية، أي شكل الدائرة والنظام الانتخابي، صحيح كانت فيه خطوات جيدة ولكنه ليس نموذجياً هو خطوة أولى في الاتجاه الصحيح، ولكننا بحاجة إلى خطوات أخرى منها إعادة النظر بشروط الترشح والترشيح، فأنا لا أعتقد أننا في العقد الثاني من القرن 20 أن يكون من يمثل الأمة والشعب يجيد القراءة والكتابة فقط من وجهة نظري، عمر المرشح والمترشح بحاجة إلى إعادة نظر والاتفاق على النظام الانتخابي (بالقائمة – على أساس الحزبي - مستقلين) يجب الاتفاق ودراسة متعمقة لدراسة كل الأنظمة الانتخابية، لكي نصدر نظاماً انتخابياً عصرياً، ليصبح أعضاء مجلس الشعب هم انعكاس حقيقي لنبض الناس، ونحن بحاجة إلى إشراف قضائي حقيقي وكامل على الانتخابات، لكي تصبح انتخاباتنا أكثر شفافية.‏

قانون الأحزاب أيضاً بحاجة للنظر، وحالياً قانون المنظمات غير الحكومية يدرس في مجلس الشعب وهو مهم جداً، وأنا كاختصاصي أرى أننا بحاجة إلى إعادة نظر بالقوانين الضريبية كلياً لأنها تتعلق بالعدالة الاجتماعية، بالضرائب المباشرة وغير المباشرة فلم يعد يحتمل أسلوب الترقيع الذي كان يسمى إصلاحاً، وأنها كانت على حساب المواطن محدود الدخل، لأنه يؤثر على الاستقرار المجتمعي.‏

وقانون الجنسية بحاجة إلى إعادة نظر، لدينا الكثير من القوانين ولكن باعتقادي الحوار سينتج عنه أولويات يجب أن تتابع ولكننا بحاجة لإعادة نظر كلية، فيجب علينا أن نبدد شعور المواطن بأنه على هامش الحياة السياسية فرأيه وصوته مؤثر، ونحن نعلم بأنه يوجد 21 حزباً في سورية ولكن ليس كل أفراد المجتمع ممثلين بهم وعند تهميش الباقي فإننا نكون قد همشنا أكثر من نصف المجتمع، وكل التغييرات والنتائج يجب أن لا تكون على حساب محدودي الدخل في سورية، فبقانون الانتخابات مذكور عمال وفلاحين وهم بنسبة 50 % وأنا أقول إنهم أكثر من 70 % ، وأنا مع هذا الشعار من حيث المضمون وليس من حيث التسمية فأنا مع إيجاد معايير جديدة لضمان مصلحة محدودي الدخل في سورية ضمن تركيبة «عمال وفلاحين» فهو معيار أصبح بحاجة إلى تطوير، وهم أقرب إلى معيار محدودي الدخل الذي يناسب التغيرات الاقتصادية في العالم، هو شعار طرح سابقاً وهو لا يناسب هذا الوقت، فنحن بحاجة إلى ضمان حقوق هؤلاء ولكن بصيغة متجددة أكثر تطوراً مما كنا عليه سابقاً، ولهذا نحن بحاجة إلى رجال سياسية يعملون في علم السياسية من أساتذة العلوم السياسية وأساتذة القانون، لكي يتفقوا على معيار يعبر عن الواقع والحقيقة ويتلاءم مع المتغيرات وهو جزء من التغيير الضروري.‏

الحوار له ثوابت ثلاثة: وحدة الوطن - كرامة المواطن - ولا للتدخل الخارجي، وأنا أضيف إلى ذلك تعميق مبدأ المواطنة فسورية هي فسيفساء، كلما غلّبنا هذا المبدأ على الانتماءات الأصغر كلما ضمنا وحدة الوطن وكرامة المواطن، لذلك هي مبدأ مهم في دستور 2012، حيث إن الغرب دائماً يتذرع بتدخله في الدول ضمن حماية أقليات وأكثريات فهي وسيلة الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وكل ما دون ذلك قانونياً مقبول الطرح على هذه الطاولة.‏

كما أعتقد أن المفصل الرئيسي في نجاح الحوار هو حسن اختيار المتحاورين، وأن يكونوا يمثلون كل مكونات المجتمع السوري، ونحن نريد حوارات وليس حواراً مركزياً واحداً فقط، حوارات تكون على كل المستويات وفي كل المجالات، وبهذا نحن نلخص المطالب والروئ لكل الشرائح التي تم التحاور معه، ويجب أن يكون هناك ممثلون عن كل الشرائح والأطياف في هذا الحوار، والبوصلة الأهم في إنجاح الحوار يبدأ من حسن اختيار المتحاورين، وعلى هذا الأساس تترتب أولويات الحوار فمنه يصدر قوانين تخدم الشرائح المختلفة الأكثر وقوانين على مستويات أصغر.‏

السيد الرئيس عندما أصدر عفواً عاماً هو من صلاحياته، والدولة تعفو أي أن الحق العام يسقط ولكن الحق الشخصي يبقى، فكل من خسر أو تضرر بهذه الأزمة على الصعيد الشخصي وفي حال تبين له غريمه فلديه الحق بالمطالبة بالتعويض، ولذلك الرئيس الأسد قرن هذا العفو بالتسامح، وقانونياً من يملك الحق يملك التنازل عنه والدولة تملك الحق العام فتنازلت عنه أما الحق الشخصي فلا تملكه الدولة لذلك لا يمكن التنازل عنه، ولكن الدولة تلتمس من الأشخاص المسامحة للمحافظة على بلدنا وهو يبقى حق فردي يقرر الشخص التنازل عنه.‏

كل ما ذكرنا في مجالات القضاء والقانون هو من الأساسيات التي نحن بحاجة لها في هذه المرحلة الجديدة للوصول إلى سورية المتجددة التي يطمح لها كل المواطنين السوريين.‏

ميخائيل نقول - أستاذ في القانون:‏

تقديس قيمة الوطن وتحصين سورية بعقد اجتماعي جديد ومنفتح‏

إذا كان الحوار مطلباً وطنياً للخروج من الأزمة الكبيرة والمأساة لا بل النكبة التي يعيشها الوطن بكل أبعاده من نسيج وطني وعلاقات وحياة بشر أبرياء يتوقون لحياة وطنية مستقرة آمنة، فإن هذا الحوار اليوم الذي نتمناه أن يكون وطنياً وفاعلاً كان ومازال وسيبقى هو المخرج الوطني الجاد والحقيقي لتحقيق مخرج مناسب يساعد في رأب الصدع ودعوة كل أطياف المجتمع السوري بكل تلويناته واحتياجاته وبكل تموضعاته السياسية لتجديد بنيتهم والتزامهم بسورية الوطن الجامع لكل أبنائه.‏

سورية الوطن، سورية الحضارة، سورية التي قدمت العقائد والقيم والحضارات للعالم غنية ومتنوعة بواقعها الوطني السياسي والثقافي والحوار الوطني فيها يتطلب عقلية إبداعية ومبادئ علمية وأسساً ليكون هذا الحوار صادقاً وفاعلاً ويحقق فعلاً المبدأ الوطني في حماية الدماء الوطنية ووقف نزفها.‏

هذا الحوار يجب أن يقوم على أسس الحياة الوطنية العادلة والمتوازنة وأن يعمل على تطوير معادلة وطنية وعقد اجتماعي يحسن آليات التمثيل الوطني ويشعر كل الأطياف المختلفة وغير المختلفة بوجودها واستقرارها وتجديد دورها الوطني في إغناء البعد الحضاري والقومي، ويجب أن نتجنب ونعالج كل المشكلات الناجمة عن التهميش والإقصاء والفساد وضعف التوازن التنموي بين المناطق والأطياف الاجتماعية السورية فالعدالة الاجتماعية ستبقى هدفاً وطنياً أسمى والتنمية البشرية عنواناً للتقدم، والتوازنات التنموية آلية وطنية لتوزيع التنمية الوطنية بشكل عادل وبشكل فاعل لتنمية مستدامة.‏

الحوار هو لغة الحضارة والتقدم والتعايش العالمي وضرورة لكل اتفاق ولتسوية كل خلاف وضرورة لكل مرحلة سياسية أزموية أو عامة، فالوطن يجمع الجميع والمشترك فيه هو التوافق والعيش المشترك ومن أحد دروس الأزمة أن ننتبه دوماً لتغذية البعد الوطني فوق كل اعتبار وفوق كل رابطة، البعد الوطني ثقافة وانتماء، البعد الوطني كشراكة حقيقية وعلاقات متماسكة ومتوازنة لأن تعقيد المشهد الوطني اليوم يدل أننا أحوج ما نكون لمفهوم الدولة ومؤسسية الدولة وتوازن سلطاتها وأن نسعى لتكريس ثقافة ومفهوم المواطنة والشراكة الوطنية الحقة وأن نحصن واقعنا السياسي بالتوافق المكرس لحقوق وخصوصية كامل الطيف الوطني الذي يعي قيمة الحياة الوطنية المتعاونة والمحصن تجاه أي مشروعات أخرى خارج إطار الدولة والوطن.‏

فلقد وعت كل هذه الأطياف أهمية تقديس قيمة الوطن فوق كل اعتبار وضرورة تحصين وتطوير العقد الوطني بعقد اجتماعي جديد يفتح فيه الجميع جعبته من التخوفات وإرادة التمثيل والحقوق الوطنية، فلقد لقنتنا هذه الأزمة الكثير من الدروس الوطنية وجعلتنا أكثر تحسساً لكل حاجة وطنية لنحصن الوطن أكثر ويستعيد ألقه ويحفظ توازن نسيجه الاجتماعي وعلاقاته التي فاخر برقيها وإنسانيتها عبر العصور المختلفة، لنخرج من كل تربصات المشككين بالقدرة على بناء حياة وطنية جادة وعادلة.‏

لابد أن ننبه في هذا السياق ونعيد على ضرورة المصداقية والثقة كأساس للحوار الجاد والملتزم وكي يكون برنامج خروج آمن من الأزمة لابد أن ندعو كل الأطياف للمشاركة الوطنية الحقة وأن نؤكد على ضرورة المصارحة وروح الحوار برؤية المشاركة والاعتراف بالآخر المختلف بمتطلباته وأساسياته وامتلاكه للحقيقة أو لجزء جاد منها وأن يجلس الجميع بمسؤولية تجاه المستقبل واستحقاقاته التاريخية، وأن يعمل الجميع بروح التعاون وليس بروح التضاد بروح المحاسبة المكللة بالمسامحة والمصالحة الوطنية، التحديات في الحوار كثيرة ومعقدة ولكن المسؤولية الوطنية أكبر، يحق لنا أن نختلف وربما يحق لنا أن نخطئ ولكن لا يحق لنا أن نضحي بمستقبل الوطن ومستقبل أبنائنا فيه لتكون سورية وطناً نهائياً موحداً وسليماً لجميع أبنائه المتساوين بالحقوق والواجبات.‏

ولابد هنا من التركيز على الجانب الواقعي لآليات وميكانزمات الحوار فيها أو بعض المعطيات فيه لأن الواقع يقول بأن الجانب الحقوقي الوطني المتوازن هو أساس الاستقرار الوطني في كل دولة، وأساس بناء المؤسسات وعملها وعلى مدى العصور.‏

لذلك اعتقد أن هذا الحوار سيصطدم بعثرات كبيرة ولكنه سينجح بالمصداقية والتضحية والجانب القانوني ضروري لتسوية الحقوق ولتحقيق التصالحات والتسويات وهي مرحلة أخرى ضرورية ويجب أن تبنى كل الحلول والاتفاقات على أسس قانونية يسهل تنفيذها وتحقيقها بعدالة للجميع فكثير من العائلات فقدت منازلها ومصادر رزقها غير التي فقدت معيلها، وبالتالي مرحلة الإنعاش الوطني والعودة للتنمية والعمل ستكون صعبة ومعقدة قانونياً وبحاجة لعقليات إبداعية متطورة ولنظرة حقوقية عميقة من الخبراء.‏

الحوار الوطني عملية معقدة وممرحلة ويجب أن ترتبط بأجندة وطنية زمنياً ومراحلياً وأن تحقق في كل مرحلة ما يجعلها تنتقل بسلاسة لمرحلة أكثر فاعلية ومصداقية وبالتالي نحن أمام ورشة عمل طويلة وفنية، يعبر فيها العقل السوري عن تميزه بالفهم والتعبير والاتفاق الصادق، علينا أن نصر على النجاح به لنخرج وطننا من النفق المظلم من الأخطار ومن الدمار والكارثة لأن الأوطان هي واحة توافق وتعايش تقوم على الرضا والقبول بالحقوق والواجبات وتقوم على المسؤولية، والمسؤولية الوطنية اليوم كبيرة وتاريخية وتتطلب مشاركة العقلاء والحكماء، ولذلك أنا شخصياً مع مجلس وطني جاد للعقلاء والحكماء فالتجربة المرة التي مررنا بها تؤكد على أهمية دور هذا المجلس وطنياً وسياسياً، فالنواب في مجلس الشعب يساعدون في سن القوانين ولكن الإشكالات الوطنية المعقدة تتطلب تمثيلاً شعبياً ووطنياً أكبر وأكثر مصداقية وشمولية.‏

بالنسبة للرؤية القانونية فتعديل الدستور لا يجوز إلا بعد مضي 18 شهراً عليه، ولكن بوجود ظرف استثنائي هذا يعني أن الحالة ممكن أن تفرض ذاتها، أكثر من التقيد بنص دستوري، فتخليص المجتمع والوطن من أزمة كبيرة بهذا، ولابد من دستور جديد نتيجة الحوار الذي سيتم ، فالدستور هو عقد اجتماعي ينظم علاقات الناس مع بعضهم، فمن الممكن تجاوز هذه كما أنه يمكن أن لا ينتهي الحوار والدستور الذي قد ينبثق عنه إلا بعد مضي المدة القانونية، وحالياً قد مضى سنة كاملة على الدستور السابق، ولكن في حالة البلد الاستثنائية والظرف المتأزم من قتل وتخريب وتدمير وتهجير، فالدستور بالأصل قد وضع لخدمة المجتمع والناس وهو عقد اجتماعي فإذا كان ممكناً يجب تجاوز الزمن في هذه الحالة لأن الأمر استثنائي.‏

أما المبادرة التي طرحها السيد الرئيس بشار الأسد وتسلسلها فهو منطقي جدي حوار سيتوصل إلى نتائج سماها الرئيس الأسد ميثاقاً وطنياً وتتشكل حكومة ثم دستور جديد وفق هذا الميثاق، فالتسلسل منطقي وعقلاني وصحيح برأيي على الأقل.‏

أهم شي شكل الحوار وآلياته وما هو البرنامج، حيث قامت هذه الحكومة بوضع برنامج تنفيذي لتطبيق المبادرة، ولكن كيف يتم هذا الحوار فهو أمر غير واضح بالنسبة لي، ولا أرى برمجية دقيقة لهذا الحوار، ويجب أن لا يكون هذا الحوار مثل الحوارات الماضية فقد كانت الطروحات فيه مطلبية من مستلزمات واحتياجات أساسية للمواطن كالغاز والمازوت والخبز أو عدم توظيف .... الخ، أما الآن الأزمة هي أزمة وطنية وقضية سياسية ولا تحل كل هذه الأساسيات إلا إذا تم حل سياسي، القضايا المطلبية مهمة وعملية التنمية ضرورية ويجب أن تكون موزعة بشكل عادل لكن هذه الأمور هي مهمة الحكومة الدائمة، كما عليها رفع مستوى المجتمع ودخل الفرد ونحتاج طبعاً في هذه الحكومة لتقاليد عمل مستقرة ومستمرة ومريحة، تهدف لتلبية كافة حاجات الناس ، قدر الإمكان ووفق إمكانيات الدولة، ولكن في هذا الحوار القضية أكبر من مطالب.‏

الميثاق هو نتيجة رؤية وأفكار وجهود المتحاورين، وسيكون عبارة عن توافقات على مسائل منها نظام الحكم هل هو برلمان مختلط، وعلى أساسه توضع المادة في الدستور بما يخدم المتفق عليه، وهناك أمور لا خلاف عليها وهو مبدأ فصل السلطات، فلا توجد دولة في العالم لا تحوي هذا المبدأ ما عدا دول الخليج، ولكن فصل السلطات كيف ولأي درجة وهل تطغى سلطة على أخرى هذا ما يجب أن يثبت بالدستور، للحق دستورنا الحالي يؤكد على مبدأ فصل السلطات وكل منها محدد لها مهامها من تشريعية وتنفيذية وقضائية، فالقضائية تصدر الأحكام وهي مستقلة والقاضي لا شيء يؤثر عليه سوى ضميره ووجدانه والتزامه بالقانون، والتنفيذية لا تتدخل بأعمال السلطة القضائية، التشريعية أعمالها محددة بإقرار تشريع القوانين ومراقبة السلطة التنفيذية، ولا يصبح هذا القانون سارياً في حال إقراره من قبل السلطة التشريعية إلا بإصداره من قبل السيد رئيس الجمهورية، ويعتبر نافذاً من تاريخ نشره.‏

مجلس الشعب أو البرلمان أو مجلس النواب الممثل للسلطة التشريعية، فهي تسن التشريعات والرقابة، وبرأيي ماذا يمنع من وجود مجلس آخر تكون له مهام أخرى وتحديداً بواقع مثل واقعنا الحالي يسمى مجلس حكماء – عقلاء – شورى – أعيان، فنحن بهذه المرحلة نجد أن المجتمع منقسم بعنف وهي مرحلة حساسة بحاجة إلى كثير من العمل الجاد، وبحاجة إلى مسامحة ومصالحة، ممكن أن تكون مهمة هكذا مجلس، والدولة مطلوب منها التعويض على كل من فقد بيته أو معيله، فالدولة مسوؤلة عن حماية المواطن وحماية أملاكه، والتعويض عن الضرر يكون بحسب إمكانية وميزانية الدولة.‏

أما بالنسبة للعفو العام، قانونياً يحق لكل من رئيس الجمهورية أو مجلس الشعب إصدار قرار العفو العام عن جريمة ولكن لا يمكن العفو عن الحقوق المدنية والتي هي التعويض المادي، وهو موجود بكل دول العالم حسب معلوماتي، لكن فقط عن الحق العام، أي حق المجتمع الذي يتضرر من هذا الفعل يجوز العفو فيه ولكن الحقوق المدنية لا يمكن أن يتم العفو عنها للدولة أو الأشخاص ولا يشملها قانون العفو.‏

قانونياً في الحوار كل شي يجوز طرحه، ولكن من شروطه وحدة الأرض السورية وسيادتها، وهو ليس من سقف الحوار، كما أن المادة الأولى من الدستور تؤكد هذا، يعني كل شيء تحت هذا السقف مقبول، ولا يمكن تغيير العلم ضمن الحوار فأنا أرى أن هناك مسألتين تعتبران خطاً أحمر من وجهة نظري هما رئيس الجمهورية وعلم البلاد لأنهما رمزان للوطن فوق النقد والحوار، ولكن تغير العلم فيما مضى زمن الوحدة مع مصر عندما تم الاتفاق على ذلك فقانونياً يمكن ذلك في حال الاتفاق.‏

بالنسبة للأزمة التي تمر بها سورية القوانين ليست إحدى أسبابها قد تكون المشكلة في التطبيق، ولكن نحن نملك في سورية قوانين متطورة وحديثة والتعديل مستمر بالنسبة لما نجده غير مناسب أو ملائم ، طبعاً لا يوجد شيء مثالي وخالٍ من العيوب ولكن المهم عندما نجد ثغرة تقوم الدولة بالتصدي لها وتصحيحها من خلال تعديل أو إصدار قانون، ولكن الفساد والأخطاء هي مسائل موجودة ما وجدت البشرية المهم الحد منها قدر الإمكان من خلال القوانين، فلا يوجد مجتمع من المجتمعات خالياً من المخالفات، وقوانيننا رادعة وكافية ومؤسساتنا الرقابية والمهنية والنقابية كافية لمتابعة أمور الفساد، ولكن يجب على هذه المؤسسات أخذ دورها وأن يكونوا حياديين، فالقانون بالنسبة لمحاسبة الفساد والتقصير كاف وواف والمهم هو التطبيق والمراقبة والابتعاد عن المحسوبيات والاستزلام، أي يجب أن يتم تطبيق القانون على الجميع دون أي استثناء، وتفعيل دور هذه الهيئات لتطبيق القانون ويأخذ القضاء السلطة الكاملة، يجب أن يكون استقلال القضاء حقيقياً ويكون القانون مطبقاً على الجميع فلا يكون أحد أعلى من آخر في الالتزام بالقانون، فمثلاً إحدى مواد قانون السلطة القضائية المعمول به لدينا تحظر على القاضي أن يظهر هوى سياسياً، فلا يجوز أن يظهر أي ميول سياسية، لذلك أقول بأن الحل هو باستقلال القضاء وتطبيقه بشكل كامل وصحيح وواقعي.‏

وأرى أيضاً أن الحوار يجب أن يكون نخبوياً ضمن منظمات ومؤسسات وأحزاب ولا يمنع من وجود بعض الشخصيات بشكل يخدم الحوار، وأن يكون الموضوع السياسي هو الحوار وما تبقى من أمور أخرى وإن كانت ضرورية فهي تأتي في المرتبة الثانية التي لا يمكن أن تحل إلا بالحل السياسي.‏

طبعاً الحوار وتسلسله لا يمكن أن يكون مسألة قانونية بحتاً بل هو خليط من القانون والسياسة والاقتصاد والثقافة، فالأمر برمته هو قضية وطن ولا يملك أحد أفراد هذا الوطن أكثر من غيره فيه، لذلك يجب المكاشفة والشفافية في الحوار، ونملك الحق في أن نعبر عن وجهة نظر ضمن هذا الإطار، فالدستور كفل ذلك من خلال حرية التعبير وإبداء الرأي والمساواة، فالإنسان يجب أن يكون في سورية هو قيمة بذاته وليس من خلال منصبه أو معارفه, هذا ما نحتاج إليه في الوقت الراهن.‏

الحوار بالطبع سيخرج إلى النور العديد من المبادرات والأفكار والمخارج الوطنية فلنعط هذا الحوار دوره وفرصته ونؤمن به وبوطنيتنا الصادقة وإرادتنا الحقة بالحياة الوطنية الإنسانية سنخرج وطناً معافى معطاء وموطناً نهائياً لكل سوري إلى أجيال وأجيال.‏

الأرشمندريت أنطوان مصلح – نائب قضائي- رئيس المحكمة الروحية:‏

السبيـــل الأنجـــع للخــــروج من الأزمـــة‏

أول الأمر نبدأ بأنه لا غنى عن الحوار، لقد تعددت السبل للخروج من الأزمة، ولكن السبيل الأنجع هو الحوار، فأي سبيل آخر هو مزيد من الدم والخراب والإشكالات والأحقاد والعذاب الذي يعاني منه الشعب السوري بعائلاته وأفراده، وتحديداً سكان المناطق الساخنة، علماً أن الشعب كله يعاني من الأزمات المعيشية، ولتجار الأزمات الدور الأكبر في هذه المعاناة، لذلك بالحوار وحده نستطيع تجاوز الإشكالات الموجودة، ومن هنا يجب أن يطرح سؤال مهم: الحوار مع مَنْ؟ فإن كان مع السوريين فلا يوجد سوى سبيل الحوار من معارضة وطنية داخلية خارجية أياً كان نوعها أو تسميتها، فالحوار بين السوريين، ولكن المشكلة الكبيرة هي بالأعداد الكبيرة من غير السوريين المتواجدين على الأرض السورية من المسلحين، فهؤلاء لا يمكن التكلم معهم بالحوار ولا يمكن دعوتهم ولا سبيل لهم سوى خروجهم من الأراضي السورية، وهنا نكون قد ميزنا بين السوري الذي سنتحاور معه، وغير السوري الذي يجب إخراجه من البلاد.‏

الحوار الذي ندعو إليه سينبثق عنه ميثاق قد يكون المادة الأولية للدستور، فنحن لدينا دستور حديث الولادة مضى عليه سنة واحدة، ونحن نقول إن الدستور مشرع القوانين، ولكن عندما نقول ميثاقاً وطنياً فهو يكون فوق كل شيء، وسيكون نتيجة ما يتوافق عليها كل السوريين من مبادئ، والتي منها سيتم تعديل الدستور وقد تعدل قوانين أيضاً لخدمة المرحلة الجديدة، فنحن نقول لدينا دستور فتي ولكن الضرورة ستكون عند الاستقرار على ميثاق وطني لينتج دستوراً جديداً، في حال وجوب تعديله، فحسب رؤيتي للدستور الحالي تجاوز بطروحاته كل ما كان مطلوباً بمرحلة ما قبل صدوره، ولكن لا يمكننا القول بأن الدستور كامل بما أنه وضع بشري، لذلك فهو خاضع للتعديل بشكل دائم، ولكن بحسب اطلاعي على الدستور لا أرى حاجة لأي تعديل.‏

الحوار ليس له سقف والحوار هو عن كل شيء، وسقف الوطن ورفض التدخل الخارجي هو سقف الحوار وكل شيء تحته خاضع للحوار، ويجب الدخول إلى الحوار دون أي شروط مسبقة عدا هذه الثوابت، اليوم لدينا أزمة فكل الطروحات هي خاضعة للمناقشة، وكل إنسان له الحق بتقديم طروحاته ووجهة النظر الخاصة به، وليس بالضرورة أن يكون محقاً، أو أن يكون الحق، فقد يكون لديه وجه حق، ولكن بالنهاية لنصل إلى الميثاق يجب أن يخضع لتوافق القوى السياسية الموجودة بالحوار، وتناقش الأفكار ونصل لنتيجة ثم تخضع لاستفتاء، حيث إنها إذا لم تخضع لاستفتاء ستبقى وجهة نظر خاصة بمن طرحها، أما عندما يحصل التوافق الشعبي على الميثاق فسينبثق عنه التعديلات الدستورية الواجب تنفيذها.‏

الحوارات السابقة كانت أغلبها مطلبية، والدستور برأيي هو دستور حاول أن يشمل كل ما يمكن أن يكون مطلباً من وجهة نظر الأشخاص والذي اعتمد من خلال الاستفتاء عليه، وأعود وأؤكد أن الحوار لا يمكن أن يحد، وقد يكون فيه العديد من المطالب والاحتياجات الشخصية، ولكن أنا متأكد أن هذه المطالب لا يمكن أن تكون السبب في خراب البلاد، أو تدمير بنية تحتية وقتل أعداد كبيرة من السوريين بسبب هذه المطالب، فنحن الآن نعيش حقيقة عبارة عن حرب عالمية ثالثة مقامة على الأراضي السورية، ولكن لا ننكر أن بعض الأشخاص هم سوريون شاركوا بهذه الأزمة بصورة أو بأخرى فمنهم من حمل السلاح ومنهم بالكلمة ومنهم بالخروج خارج البلد وطلب التدخل الخارجي، ومنهم مطالب في إصلاح الأخطاء الموجودة في مفاصل الدولة وطريقة عملها سابقاً، فاليوم عندما يطرح أي مواطن بالحوار موضوع مثل القضايا المعيشية الحياتية، فهو لم يستوعب أن الحوار اليوم على المبادئ التي سنبني عليها الوطن، ولكن لا أمنعه من طرحه، ولكنها ستبقى ضمن الطرح ولن تنتقل لتصبح مبادئ تتحول أو تدخل ضمن الميثاق الوطني، وقد تصدر نتيجة لطرحه توجيهات إلى الحكومة بحل هذه المشاكل.‏

لذلك أرى أن الحوار يجب أن يكون سياسياً ليصوغ المبادئ الأساسية لبناء سورية المتجددة، وسيكون الميثاق الجوهر الذي سينبثق منه الدستور، فإما أن نكون على مستوى أن نتحاور بالمبادئ التي سنبني عليها الوطن أو نكون أدنى من هذا المستوى وننشغل بالأمور المطلبية والاحتياجات المعيشية، ولكن رغم هذا ومهما كانت نتيجته فهو أفضل من عدم الحوار، والحوار هو السبيل للوصول إلى المصالحة.‏

فاليوم أنا أتأثر كثيراً عندما أسمع بعض الأشخاص مثل سماحة المفتي وابنه مسجى أمامه ويقول أنا أسامحكم، وكذلك أم الطفل ساري حين تقف وتردد أنا سامحتكم، وعندما نسمع تصريحات الكثير من أهالي الشهداء بأن دم أولادهم هو ثمن خلاص وقيامة الوطن، فأنا كرجل دين أشجع كل الأشخاص على المسامحة في سبيل الخير الأعظم لكي نستطيع بناء وطننا، حيث إن وجود الأحقاد ووجود النقمة على الأشخاص الذين قتل أقرباؤهم، لا يوصلنا إلى مرحلة نضع فيها أيدينا بأيدي بعض، ونقوم ببناء وطننا من جديد، فوطننا مجروح وينزف، ويجب أن نتجاوز هذه الأحقاد ويكون لدينا حياة روحية قوية لكي نتجاوز هذا الألم والضغينة، ونصل للمسامحة، فلا يستطيع المسامحة إلا القوي، والضعيف غير قادر على المسامحة، وبالتالي الرئيس الأسد عندما يصدر العفو فإنه يصدره من منبع قوة، ويجب علينا أن نساعد بعضنا البعض كمواطنين سوريين لنصل إلى المسامحة الشاملة، ولكن في حال وجد من لا يريد المسامحة فالطريق أمامه فباب القانون مفتوح وطريقه هو الطريق القانوني.‏

يجب أن نعلم جيداً أننا مهما عملنا إن كان بموضوع الحوار أو إلقاء السلاح، أو تم وضع ميثاق وطني ودستور جديد، وقوانين جديدة هي ستبقى أمور شكلية، طالما الأحقاد موجودة بقلب الإنسان فنحن نجنب المشكلة إلى وقت، فإذا تم السكوت اليوم والأحقاد مازلت بداخلنا لأسباب عدة، فلا يمكن الوصول إلى حالة العيش المشترك والسلمي بين كل المواطنين، ويمكننا تحقيق هذه الحالة ونجمع المواطنين بمحبة مشتركة لبعضنا البعض، ويجب القضاء على هذه الأحقاد لأنها ستكون كالجمرة الموجودة تحت الرماد، فعند أي نسمة رياح ستتأجج من جديد، لذلك يجب أن يكون العمل من خلال المؤسسات الدينية، على هذه النقطة لدفع الأشخاص للتسامح ليتم إبعاد الحقد والبغض والكراهية من الداخل، فالمصالحة ستكون شكلية إذا بقيت هذه الأحقاد.‏

والحالة الوطنية والعيش المشترك ليتم تحقيقها نحن بحاجة إلى ثلاثة شروط أولاً إرادة الدولة، ثانياً المؤسسة الدينية، وثالثاً إرادة الشعب، وعند اختلال أي من هذه الشروط فالعيش المشترك سيهتز وأي أزمة تأتي ستفجره، فكما نرى بالحالة التي نراها ونقرأ عنها ونحتك بها، من أشخاص تورطوا بالأحداث ممن تلطخت أيدهم أو لم تتلطخ، فكل هؤلاء الأشخاص قد خرجوا من مؤسسة دينية متطرفة كانت تزرع بهم توجهاً معيناً، وبالتالي ما كنا ننادي به قبل الأزمة بأن شعبنا محصن، لا يوجد شعب محصن، إلا من خلال الإرادة الشعبية الواعية وإرادة الدولة التي لا تلعب على التناقضات الموجودة بين الفئات، وتوفر إرادة المؤسسة الدينية التي تزرع حب الله وحب الإنسان بقلب المؤمنين الذين يرتادونها، لأن سلطة المؤسسة الدينية هي من أقوى السلطات في بلادنا الشرقية، ولأن الفكر الديني هو فكر مسيطر وقوي، وبالتالي إذا لم نعرف كيفية عيش هذه الحالة، فعلى المؤسسة الدينية بذل الجهد لتساعد الأشخاص الذين هم بحالة جرح من تداعيات الأزمة في سورية عليهم، من فقدان شخص مقرب أو خسارة مادية أو معنوية، وكافة البشاعات التي حدثت في الفترة الماضية، هؤلاء الأشخاص يجب أن يخرجوا أحقادهم ويصبحوا قادرين على المسامحة، وهذا هو دور المؤسسة الدينية، ليرجع من خلال روحانيته وينبذ عنه الحقد ليعيش التسامح بقلبه، فدور المؤسسة الدينية دور مهم جداً ولكنه سيف ذو حدين، فلها دور مهم ولكن تجاوزه يجعل منها خطر على الدولة والمجتمع.‏

وأخيراً أتمنى من الله أن تعود سورية بلد المحبة والسلام والاستقرار، ويجمعها الوئام الوطني والعيش المشترك لكافة طوائف المجتمع السوري، وأن نخرج من هذا النفق أقوى وأمنع وقد تجاوزنا كل أخطائنا السابقة وتداركناها لبناء وطننا بشكله الجديد الذي يحقق رغد العيش للمواطن السوري.‏

ممتاز فواخيري - أستاذ في القانون:‏

شـــــامل وغيــــر محــــدود لابالقــــانون ولابالدســـــتور‏

الحوار هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الحل السياسي وهنا أقصد بالحل السياسي أن تجتمع الفئات الموجودة في الوطن معاً ويطرح الجميع أفكارهم وآراءهم على طاولة الحوار في مؤتمر عام يتحاورون للوصول إلى صيغة تفاهم متفق عليها والخروج من الأزمة التي يمر بها الوطن.‏

ومن هنا أقول إن الحوار يجب أن يكون شاملاً غير محدود لا بالقانون ولا بالدستور ولايجوز وضع شروط مسبقة له، فمن حق بعض الأطراف المشاركة في الحوار أن تقترح تعديل أو حتى تغيير القوانين. فلا نستطيع أن نؤطر الحوار ونحده بحدود إلا تلك الحقوق التي تمس الإنسان بشخصه.. حق الحياة وحق التملك وحق ممارسة العقائد الدينية والتي يجب أن تصان من قبل الجميع. ولانستطيع أن نفرض على المتحاورين أن تكون أفكارهم المطروحة ضمن القانون أو الدستور الموجود حالياً لأن الحوار يهدف إلى التغيير والانتقال بالواقع لوضع أفضل.‏

فمن حق المتحاورين أن يطرحوا جميع أفكارهم حتى ولو كانت متعارضة مع القانون القائم أو الدستور. فالحوار هو وسيلة للتفاهم والوصول إلى ماهو أفضل سواء من حيث القانون أو تنظيم البلد أو هيكلية الدوائر أو التشريعات وحتى من ناحية الدستور فلا يستطيع أحد أن يدعي أنه وصل إلى الكمال أو أن يقول إن دستورنا الحالي هو الأفضل في العالم فدائماً يوجد ماهو أفضل مماهو موجود ولذلك يجلس الناس للحوار للاتفاق على أفضل صيغة.‏

فالحوار سيضم عدداً كبيراً من الأشخاص وسيطرحون أفكاراً كثيرة والفكرة الأفضل هي التي ستنتصر وليس الشخص الذي طرحها وفي النهاية الهدف هو انتصار سورية فالبلد أهم من الجميع، ويجب على الجميع أن يؤمن بأن الحوار هو عبارة عن عرض أفكار لفئات الشعب المتحاورين ولمدارسهم الفكرية وتتصارع هذه الأفكار على طاولة الحوار لتفرز الفكرة الحسنة والجيدة والمدعومة بأسبابها ومبرراتها. كما أرى أن بعض دوائر الدولة تحجم أحياناً عن اتخاذ القرار العادل والمناسب وهذا ينشىء خصومات فيتجه الطرفان للقضاء وقد يكون حكم القضاء غير صائب مايدفع البعض لأن يحمل القضاء والدولة المسؤولية في هذا الخطأ ويكون الخطأ نتيجة خوف السلطة الإدارية من اتخاذ القرارات المناسبة أو خوفاً من اتهامها بالفساد وهنا لاأحمل المسؤولية لرجل الإدارة لوحده وبحسب رأيي أن يتم تشكيل هيئة استشارية من مديرين سابقين ومن أصحاب المعرفة تساعد أصحاب القرار باتخاذ القرارات المناسبة ولتساعد في حل المشكلات التي لاتحتاج إلى القضاء وهنا يصعب الفساد والخطأ وتكون قراراتهم سريعة وهذا يحقق الإصلاح الإداري وتكون قرارات تلك الهيئة الاستشارية أكثر موضوعية ومقنعة للشخص الذي تقدم بالشكوى.‏

وبالنسبة للفساد سببه النفوس الضعيفة وليس القوانين، فالقوانين كافية وإذا احتاجت لتعديل فهو أمر طبيعي ففكرة تطويرها هي فكرة فلسفية وليست قانونية وكل مجتمع يغيره بحيث يلائم عصره وزمنه فالقوانين تحتاج إلى تطوير وتعديل باستمرار ولكن هذا لايعني أن يكون التعديل يشمل جميع القوانين فهناك بعض القوانين تحتاج إلى استقرار المعاملات ولذلك تحتاج لفترات أطول قبل أن يجري عليها أي تعديل.‏

أما بالنسبة لمايتعلق بموضوع العفو فبحسب القوانين النافذة من حق السيد رئيس الجمهورية أن يصدر عفواً خاصاً عن أي مجرم ولكن هذا لايعني إعفاءه من الحقوق الشخصية العائدة للمتضرر ولايشمل الحقوق المالية وهذا العفو الخاص يكون اسمياً يصدر باسم الشخص المعفو عنه والقانون هو من منح السيد الرئيس تلك الصلاحية.‏

وهناك عفو آخر وهو العفو العام ويكون بشكل عام عن جرائم معينة وخلال الأعوام السابقة أصدر السيد الرئيس عدداً من مراسيم العفو العام وعادة ماتستثنى مجموعة من الجرائم فلا يشملها العفو العام وهي الجرائم التي تمس شرف الإنسان وتجعل أفراد المجتمع يحتقرونه.‏

والعفو العام لاحدود له لأنه يصدر من قبل السلطة التشريعية وبمرسوم تشريعي أو بقانون ومن حق الدولة أن تصدر عفواً عاماً وتلك الصلاحيات منصوص عليها في القانون السوري.‏

وبالعودة لموضوع الحوار أؤكد أن الحوار لايجب أن يحد بأي قانون ويجب أن يشمل جميع النواحي وعلينا أن نضع خارطة طريق للحوار والهدف الخروج من الأزمة. وأما بالنسبة لتلك الجماعات التي ارتكبت القتل ولطخت أيديها بدماء السوريين فالقوانين الحالية تعاقب على تلك الجرائم ولكن قد يصدر عن الحوار ماهو يخالف تلك القوانين ومن هنا قلنا إن الحل هو سياسي وخاصة فيما يتعلق بمن حمل السلاح من السوريين أما بالنسبة لغير السوريين فهناك قوانين تنظم تلك الجرائم ويعود الاختصاص للنيابة العامة في الجمهورية العربية السورية وهي من تدعي على الأشخاص الذين خرقوا القوانين والنيابة هي من تمثل الدولة بالادعاء على من ارتكب الجرائم بحق الدولة أو أحد أفرادها. وبالنهاية أستطيع القول كأي مواطن سوري أتمنى أن نستطيع الخروج من هذه الأزمة سواء بالحوار أو بأي طريقة أخرى تكون فيها مصلحة البلد والمواطن لأننا جميعاً نتمنى لسورية السلام ففي بلدنا لم يكن هناك حقد بل كانت المحبة تعم على الجميع.‏

واليوم أعتقد أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة لإنقاذ البلد من الأزمة الحالية ويجب أن يكون مفتوحاً وأن تكون جميع القوانين قابلة للنقاش بما فيها الدستور وذلك لإيجاد حل يرضي جميع السوريين.‏

والأزمة القائمة حالياً تعني أن هناك مطالب من قبل البعض وغير راضين عن بعض الأمور الموجودة والتي تحتاج إلى تغيير وذلك بعد الوصول إلى نتيجة توافقية يتفق عليها الجميع....‏

وأخيراً أتمنى أن تدعى جميع الفئات للحوار وصولاً إلى إعادة المحبة إلى الوطن.‏

أجرى اللقاءات: - عزة شتيوي - سائد الراشد - لؤي الحافظ‏

ترحب بالمبادرات‏

والآراء والحوارات‏

لإغناء ملفها اليومي‏

حول الحوار‏

وتستقبل المشاركات‏

عبر الفاكس رقم:‏

2216851 - 11- 00963‏

أو عبر الإيميل‏

a.ka667@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية