تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في الذكرى الرابعة والستين للنكبة...العودة .. حق طبيعي ومقدس وعادل

شؤون سياسية
الأثنين 14-5-2012
د. غازي حسين

تحل الذكرى الرابعة والستون والاستيطان يجري على قدم وساق في الأراضي العربية المحتلة في حربي عام 1948 و 1967 العدوانيتين وبشكل خاص في القدس والجليل والنقب.

وفي الوقت نفسه تتركز المساعي الأميركية والإسرائيلية بالتعاون والتنسيق الكاملين مع من اسمتهم رايس بالمعتدلين العرب وعلى رأسهم السعودية وقطر والأردن لبيع ماتبقى من فلسطين وتصفيتها عن طريق خطة أوباما لتسوية الصراع العربي- الصهيوني برعاية أميركا الحليف الاستراتيجي للعدو الصهيوني.‏

وتعتمد خطته على أربعة مبادئ أساسية:‏

الأول: قبول «إسرائيل» بدويلة فلسطينية كمصلحة إسرائيلية لحل مشكلتها وتخليد وجودها وليس لإيجاد حل عادل لقضية فلسطين وذلك على أساس حدود عام 1967، وتبادل الأراضي لضم كتل المستعمرات اليهودية الكبيرة إلى الكيان الصهيوني.‏

الثاني: تخلي الفسطينيين مقابل الدويلة المنقوصة الأرض والشعب والسيادة عن حق عودة اللاجئين إلى ديارهم.‏

الثالث: ضمان أمن «إسرائيل» باعتباره مقدساً عند الرئيس الأميركي أوباما.‏

الرابع: اعتبار مدينة القدس، مدينة الإسراء والمعراج وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بشطريها المحتلين مدينة موحدة وعاصمة أبدية للكيان الصهيوني.‏

وبالتالي ألبس أوباما خطة «إسرائيل» للتسوية النهائية وتصفية قضية فلسطين بلباس أميركي لكي ينجح في تسويقها للمفاوض الفلسطيني غير الشرعي والمروض والهزيل، والذي تخلى عن قدسية فلسطين وعن الوطن والمواطن والعروبة والإسلام.‏

توجه محمود عباس إلى المصالحة برعاية مصر بعد أن وصل إلى الطريق المسدود في مفاوضاته العبثية خلال عشرين عاماً مع قادة الكيان الصهيوني، واستجاب في مطلع هذا العام 2012 إلى الدخول في مفاوضات استكشافية في عمان برعاية الأردن في ظل اقتراب موعد الانتخابات العامة في الكيان الصهيوني واحتمال عقد انتخابات مبكرة وفي ظل المزيد من تراجع الاهتمام الأميركي بملف قضية فلسطين لانشغال إدارة أوباما بالتحضير للانتخابات الرئاسية الأميركية، فالرئيس الأميركي يحتاج إلى الهدوء في الساحة الأميركية حتى تمر الانتخابات بسلام، كما يحتاج محمود عباس إلى انجاز سياسي يدعمه في الانتخابات الفلسطينية وفي العودة إلى المفاوضات العبثية.‏

وكعادة «إسرائيل» في الكذب والتضليل والمراوغة لتحقيق الاستعمار الاستيطاني تستغل الأوضاع الفلسطينية والعربية والأميركية لمواصلة فرض الحقائق الاستيطانية على الأرض وتصعد من مسيرة التهويد وبناء المستعمرات للقضاء على الهوية العربية الإسلامية لفلسطين العربية. وتعتقد بعض الأوساط الإسرائيلية أن نتنياهو يستطيع تلبية حاجة أوباما وعباس ولكنه لايريد، لأنه يتمنى خروج أوباما من البيت الأبيض ومجيء رئيس جمهوري في الانتخابات القادمة ليدعمه للاستمرار في الاستيطان، واحتلال الأراضي العربية.‏

أما بالنسبة إلى محمود عباس فهو لايزال يراهن على مفاوضاته العبثية، وهو سعيد لعدم تضرره من الحراك الشعبي العربي، ويأمل في إعادة انتخاب أوباما للعودة إلى المفاوضات لإنهاء الصراع ضمن تصور أوباما المذكور للحل.‏

وتعتقد أوساط صحفية إسرائيلية أن على «إسرائيل» إذا كانت جادة في إحلال السلام إعطاء فرصة للمصالحة الفلسطينية، فوجود ممثل واحد للشعب الفلسطيني بحسب رأيها هو في مصلحة «إسرائيل» لأن برأي هذه الأوساط أن اتفاق الحل النهائي يجب أن توقعه فتح وحماس، لأن حماس مقبولة في الأوساط الشعبية الفلسطينية أكثر من فتح التي ينخرها الفساد.‏

وتعتقد أوساط إسرائيلية أن اتفاق المصالحة ينطوي على فرصة حقيقية للعملية السياسية، فتوحيد الجهة الفلسطينية هو مصلحة إسرائيلية، لأنه بمجرد وجود هذه الجهة تستطيع «إسرائيل» تقديم مبادرة سياسية جادة على حد زعمهم، وخاصة إذا قبلت بالاتفاقيات التي وقعتها السلطة مع «إسرائيل» ومنها اتفاق أوسلو وبأقل من شروط الرباعية.‏

قبل توقيع المصالحة كانت «إسرائيل» تتحجج بعدم أهلية محمود عباس للتفاوض، لأنه لايمثل الفلسطينيين.‏

إذا كان عباس في نظر نتنياهو لايصلح شريكاً للتفاوض بسبب حالة الانقسام، ولأنه لايصلح اليوم بعد توقيع اتفاق المصالحة، فماذا يريد نتنياهو (شايلوك تاجر البندقية).‏

قدم نتنياهو شروطاً جديدة لعباس كي يتراجع عن استحقاق أيلول أي يتراجع عن توجهه للجمعية العامة للأمم المتحدة، والاعتراف بيهودية «إسرائيل» والتنازل عن حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وضم كتل المستعمرات اليهودية الكبيرة في الضفة الغربية، وإبقاء القدس بشطريها المحتلين عاصمة الكيان الصهيوني الأبدية، ويعمل في الوقت نفسه على تصعيد حمى الاستيطان في الضفة الغربية وبشكل خاص في مدينة القدس القديمة، مدينة الإسراء والمعرج وعلى الرغم من هذه المواقف التي تلحق افدح الأضرار بالحقوق الوطنية القابلة غير القابلة للتصرف لشعبنا العربي الفلسطيني لايزال محمود عباس ينتظر إشارة من نتنياهو للهرولة مجدداً إلى طاولة المفاوضات العبثية للتوصل إلى حل لمشكلة «إسرائيل» وليس لحل بقية فلسطين وبمباركة من جامعة الدول العربية التي باعت فلسطين.‏

إن عودة اللاجئين إلى ديارهم جوهر قضية فلسطين، ولاسلام واستقرار في منطقة الشرق الأوسط إلا بعودة اللاجئين إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم.‏

إن الذكرى الرابعة والستين للنكبة والمصائب والويلات والمعاناة والقتل والتدمير الذي يلحق بالشعب الفلسطيني، والتمييز الذي يعانيه في العديد من البلدان العربية يزيد من تمسكه بحقه في العودة إلى وطنه أكثر من أي وقت مضى.‏

لقد نتجت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين عن مقررات مؤتمر بازل عم 1897 العلنية والسرية (المعروفة ببروتوكولات حكماء صهيون) وعن تقرير كامبل عام 1907 وعن وعد بلفور الاستعماري علم 1917، ونظام الانتداب وعن مخطط لجان الترحيل التي شكلتها الوكالة اليهودية والحكومة الإسرائيلية، وعن الحربين العدوانيتين التي اشعلتهما في عامي 1948 و1967 والتطهير العرقي الذي نفذته الحكومة والجيش وأجهزة المخابرات الإسرائيلية واستغلال معزوفتي الهولوكوست واللاسامية لتبرير الإبادة الجماعية لشعبنا العربي الفلسطيني وترحيله عن وطنه وزرع ملايين المستعمرين اليهود محله، وحدثت نكبة 1948 ونكسة 1967، ومنذ نكبة 15 أيار 1948 ونكسة حزيران 1967 أصبحت عودة اللاجئين إلى ديارهم انطلاقاً من القانون الدولي والقرارات والمواثيق الدولية وأسوة بالتعامل الدولي جوهر قضية فلسطين، وهذا مادفع بالشعب الفلسطيني والدول العربية إلى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في 28 أيار عام 1964 في مدينة القدس، وتأسيس فصائل المقاومة فيما بعد بدمشق.‏

إن حق عودة اللاجئين إلى ديارهم الذين هجرتهم منها «إسرائيل» حق أساسي من الحقوق الطبيعية للإنسان ينبع من قدسية حق المواطن في وطنه ومن حرمته.‏

حق العودة الذي لايزول بزوال الدول أو بتغيير السيادة، وهو حق غير قابل للتصرف ولاتجوز فيه الأنابة أو التمثيل، وهو حق مقدس وعادل ولايسقط بالتقادم، وحتى فردي وجماعي أيضاً انطلاقاً من الحقوق التاريخية للعرب فلسطين، ومن حق الشعوب والأمم في تقرير المصير، ويملك هذا الحق المقدس اللاجئ نفسه وليس منظمة التحرير أو مؤتمرات القمم العربية.‏

إن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم حق أساسي من الحقوق الطبيعية للإنسان ينبع من قدسية حق المواطن في وطنه، فالقانون الدولي يؤكد على أن العودة للأشخاص الذين يرغمون على مغادرة منازلهم بسبب قوة قاهرة كالحرب ملزمة، ولامجال للطعن في حقهم في العودة إلى منازلهم، وثبتت الأمم المتحدة هذا الحق في قرارها رقم 194 وقُبلت «إسرائيل» في عضوية الأمم المتحدة شريطة تنفيذ القرارين 181 و194.‏

إن «إسرائيل» هي التي أجبرت اللاجئين الفلسطينيين على الترحيل واغتصبت أرضهم وممتلكاتهم ودمرت مدنهم وقراهم والتي بلغت نحو 530 بلدية وقرية، وأقامت على إنقاضها المستعمرات اليهودية.‏

وتعمل على ترحيل الفلسطينيين حتى اليوم، واحلال مستعمرين يهود من أصقاع الدنيا كافة محلهم.‏

وزعم الكيان الصهيوني قبل 64 عاماً ورسخ في كتب التاريخ والمناهج الدراسية إن القادة العرب هم الذين طلبوا من الفلسطينيين مغادرة وطنهم وذلك كذباً وبهتاناً كعادة اليهود بالكذب.‏

وجاء المؤرخون الجدد الإسرائيليون واعلنوا «إن ترحيلا جماعياً قسرياً قد ارتكبته « إسرائيل» بحق الشعب الفلسطيني عام 1948.‏

إن اللاجئين الفلسطينيين يصرون على حقهم في العودة إلى ديارهم لأنه حق أساسي وعادل ومقدس وجزء من العقيدة القومية والإسلامية وتؤكده مبادئ القانون الدولي والعهود والمواثيق والاتفاقات والقرارات الدولية والتعامل الدولي إن الشعب العربي الفلسطيني وبعد مرور 64 عاماً على النكبة مصرّ على التمسك بحقه في العودة إلى وطنه وزوال كيان الاستعمار الصهيوني أكثر من أي وقت مضى، ولن يسلّم أبداً باغتصاب أرضه وحقوقه ومقدساته لمستعمرين صهاينة جاؤوا من وراء البحار.‏

ويصر على إجبار الكيان الصهيوني على تحمل المسؤولية التاريخية والقانونية والمادية على نكبته، ويؤكد على أن مصير الكيان الصهيوني ككيان استعمار استيطاني وكآخر نظام عنصري وإرهابي في العالم إلى الزوال تماماً كما زال الاستعمار الفرنسي من الجزائر، وكما زالت النازية من ألمانيا والفاشية من إيطاليا والعنصرية من روديسيا والبرتغال ونظام الفصل العنصري (الابارتيد) من جنوب إفريقيا.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية