والتلاعب عن سبق إصرار وتصميم بمؤشر أسعار المنتجات الضرورية والمواد الأساسية، في محاولة يائسة وبائسة منهم (لهبش) ما يمكنهم (هبشة) من جيب المواطن، لكن السحر انقلب على الساحر والمشعوذ منهم، مع أول تحرك للدولة عندما سجلت واحدة فقط من ردود أفعالها التي أثبتت من خلالها للقاصي والداني أن هؤلاء كانوا وما زالوا نموراً من ورق ليس إلا، يسقطون ويطيرون في آن معاً كما الريشة في الهواء، مع أول خطوة تخطوها الدولة تجاههم.
ما حدث مؤخراً لم يكن إلا زلزالاً صرفياً خلبياً حاول من خلاله أصحاب العقول الخشبية والمتخلفة والقلوب المتحجرة والنفوس المريضة، بث حالة من الرعب والخوف والقلق والفوضى داخل أسواقنا، وصولاً إلى عتبة الفلتان السعري التي يحلمون بها ليل ـ نهار (أضغاث أحلام)، لكن رياح الدولة التي هبت خلال الدقائق الأولى من عمر تحركها (مجرد تحرك ليس إلا.. حتى تاريخه على أقل تقدير)، جاءت بعكس ما تشتهي وتحب سفن وأهواء ورغبات وأطماع تجار السوق السوداء، محولة إياها إلى كابوس مزعج ولعنة حلت على رؤوسهم جميعاً دون استثناء.
نعم، صالوا وجالوا ونزلوا إلى القاع، حاولوا بكل ما يملكون من خطط شيطانية خلط الحابل بالنابل، وإيقاع فأس مصالحهم الشخصية الضيقة في رأس أسواقنا، وخلق حالة من البلبلة وإحداث صدمات وهزات وخضات مقابل حفنة من الليرات أو حتى القروش التي كان من الممكن لهم أن يسرقوها من علبة دواء لعجوز مريض، أو زجاجة حليب لطفل رضيع، لكن الدولة ومع أول تدخل إسعافي لها، قطعت الطريق أمام هؤلاء المخربين، وقلبت الطاولة في وجوههم، من خلال سياستها وجرعاتها الدعمية التي لم تتوقف يومياً واحداً عبر أذرعها التنفيذية الفولاذية من منافذ وصالات وزاراتها ومؤسساتها (التموينية منها والصناعية والزراعية والتجارية...)، التي لم يتحرك أو يهتز مؤشر أسعارها قرشاً واحداً رغم كل الزوبعات اللاتجارية واللاأخلاقية التي حاول البعض إثارتها دون طائل.