اجتمعت علينا أسوأ الظروف، موت وتهجير وحصار وفقر، خسرنا خيرة أبنائنا وبناتنا، تهدمت أحياء ومدن، وبقينا نقاوم لا يعرف الاستسلام له مكانا بيننا، ربما تعبنا في مرات، ودخل الحزن قلوبنا وربما استوطنها، لكن لم يزل للفرح مساحة بيننا.
في النجاة من الموت كنا نحمد الله على نعمة الحياة، وفي نجاح أبنائنا كنا ندرك أننا مستمرون، وفي الأعياد يتسلل الفرح إلى قلوبنا من فرحة صغارنا، وابتهاجهم.
في هذا البيت صورة شهيد، وفي ذاك صورة تضم ثلاثة شهداء، وعلى حائط تلك المدرسة مئات الصور، لكن على نافذة البيت الآخر أضواء احتفالات عيد الميلاد، وعلى ناصية الشارع تنتصب شجرة زينت بالأضواء والألوان، لتعلن حقنا وجدارتنا بالفرح، مجموعة شباب وصبايا يلبسون زي بابا نويل الأحمر المعروف، يغنون في هذا الشارع، ويوزعون الهدايا في شارع آخر، والأطفال يمرحون ويبتهجون بوجودهم وهداياهم، وينتقل هذا الاحتفال إلى قرى بعيدة يحمل لأبناء الشهداء بعضا من الحب والفرح، هدايا وأغنيات.
يصطحب الآباء أبناءهم إلى أماكن الزينة يلتقطون صورا لهم مع الألوان والأضواء، رغم التعب والحزن، لأنهم يريدون لهم ولصغارهم التمسك بحقهم بالفرح والبهجة.
لم تنته الحرب، لم يتراجع الموت كثيرا، لكن إرادة الحياة مقبلة ومشيئة الفرح قوية وحاضرة، لا ننسى خسائرنا وأحبتنا، لا نتجاهل أحزاننا، لكن نترك للفرح مساحة في قلوبنا وعقولنا، لنمضي في مواجهة هذه الحرب وآثارها، ولنشهد قيام بلدنا، بمزيد من الحب والوفاء لشهدائنا الذين رحلو لنبقى، ولتبقى بلدنا شامخة موحدة.