التي تدعمها السعودية ـ لأبوظبي بقتل العشرات من قواتها في عمليات القصف.
وتمثل تلك التصرفات تصعيداً للصراع الذي يخوضه التحالف ضد أنصار الله جراء اندلاع النزاع بين الانفصاليين الجنوبيين في اليمن المدعومين من الإمارات والمقاتلين الموالين لحكومة تحظى بالدعم السعودي.
لقد سيطر الانفصاليون بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تسلحه أبو ظبي في الشهر الماضي على المقر المؤقت لإدارة هادي في ميناء عدن، ويبدو أن الغاية من الغارات الجوية الإماراتية الحيلولة دون تمكن القوات الموالية لهادي من التقدم ضد الانفصاليين.
وفي خضم هذا الواقع، دعت السعودية إلى وقف «التصعيد العسكري غير المشروع وغير المسوّغ وطلبت من المجتمع الدولي إدانة هذا الحادث». بينما ردت الإمارات في تصريح لها بأن «عملياتها العسكرية كانت موجهة ضد الميليشيات الإرهابية وفقا لمعلومات استخباراتية بأن تلك الميليشيات ترمي إلى استهداف قوات التحالف». وقالت في بيان لها «إن التصعيد الأخير ضد قوات التحالف العربي والمدنيين يشكل تهديدا خطيرا على أمن التحالف وأن ذلك دفعها لتوجيه ضربات جوية مباشرة ودقيقة بتاريخ 28 و29 آب ضد الميليشيات الإرهابية» أما صحيفة the New York Times فقد كتبت: من المفترض أن تكون الحكومة اليمنية التي تدعمها الرياض والإمارات العربية المتحدة على نفس التوجه في النزاع الطويل الأمد القائم في البلاد. بيد أنه مؤخرا وجهت حكومة هادي اتهامات إلى دولة الإمارات بقتل العشرات من قواتها في سلسلة من الغارات الجوية، وهذا بدوره قاد إلى زعزعة التحالف المنضوي تحت القيادة السعودية والذي تم تشكيله لمحاربة أنصار الله. وتزعم الحكومة أن عمليات القصف الإماراتية في ميناء عدن أسفرت عن مقتل 40 جندياً ومدنياً. كما ثمة معلومات حول عمليات قصف أبين.
من جانبها اشارت صحيفة The American conservative إلى فشل الإمارات ووكلائها في إلحاق الهزيمة باليمن، ورغم ادعائها تحقيقها بعض المكاسب ضد فصيل القاعدة فيه، بيد أن ذلك لا يتناسب مع الإخفاقات التي أنفقت لها عشرات المليارات من الدولارات لتسليح وتدريب مختلف الميليشيات المتعاونة معها في هذا البلد. وفي الحين الذي تدعي به دولة الامارات أن التغير الحاصل في استراتيجيتها قد جاء نتيجة ثقتها بعدم جدوى المشاركة، نجد ثمة أسباباً أخرى لهذا التغيير، أهمها ان القوات الإماراتية المسلحة قليلة العدد وتعتمد على المرتزقة من المتطوعين. وقد أدى تورط هذا البلد في الحرب إلى إنهاك قواتها المسلحة وجعلت قدرتها محدودة في حال نشوب نزاع محتمل مع دولة إيران. ويضاف إلى ذلك، الحساسية التي بدأت تشعر بها نتيجة الإدانة الدولية للحرب في اليمن الذي أصبح بلداً يعيش أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم بأسره. وأضافت الصحيفة: إن الإمارات وبعد مضي سنوات أربع من الحرب، تقرر سحب أعداد كبيرة من قواتها من اليمن، وبينت أنها في الوقت الحاضر ستنهج نحو اتباع (استراتيجية السلام أولاً) عوضاً عن استراتيجية (التدخل العسكري). كما سلطت وسائل الإعلام الأميركية الأضواء على نبأ الانسحاب الإماراتي وأشارت إلى تخلي أبو ظبي عن سياسة (إتمام المهمة)، إلا أننا نرى أنها لم تخرج لثقتها بالفوز بل لأن قيادتها أصبحت على يقين بتعذر تحقيق هذا الأمر. وبدلاً من مساعدة السعودية في استراتيجيتها العدوانية ذات الخطورة العالية التي تعود بنتائج عكسية وتداعيات خطيرة، ربما أن الإمارات قد أدركت ضرورة تغيير سياستها على غرار قطر وعمان. وقد يكون تغيير السياسة الإماراتية بداية لنهاية الحروب في اليمن. ومع ذلك، فإن انسحاب أبو ظبي التي تعتبر عضواً له أهميته في التحالف الذي ينضوي تحت القيادة السعودية سيفرض على الرياض إعادة تقييم استراتيجيتها الفاشلة، إلا في حال تمكن الحاكم الفعلي للسعودية وولي عهدها محمد بن سلمان من إقناع إدارة ترامب بتأدية واشنطن لدور أكبر في الحرب بهدف تعويض غياب الإمارات، بيد أن ذلك يبقى في إطار الاحتمال.