أما الموظفات فحسب مكان العمل، فبعضهن قد لا تصل إلى أبنائها قبل ثلاث ساعات. ولا يختلف الأمر كثيرا عند الآباء، بل على العكس بعضهم قد لا يعود حتى المساء، أو عمله يتطلب الغياب عن بيته أكثر من يوم.
هؤلاء المتعبون الأب و الأم والأبناء، ان لم يدخلوا الى بيت مريح، ويتوفر لهم طعام جيد وجلسات ودية، لن يزول تعبهم، بل يضاف إليه مشاعر الحرمان والعتب والغضب، بسبب النقاشات على عدم كفاية الدخل وتأمين المتطلبات، وشقاء الأب وإنهاك الأم داخل وخارج البيت، فيتفرق الأبناء غير راضين لكتابة وظائفهم، ولم تزل تصل إلى آذانهم أصوات والديهم عن نقص في بعض احتياجات البيت، وعن استنفاد القدرة على التعب وضيق ذات اليد.
إن هذا البيت المملوء بالمتعبين، لم يعد آمنا للأبناء، إنه يحتاج لأم تملك من القوة الجسدية والنفسية ما يجعلها تجالس زوجها و صغارها وتتبادل معهم التعليم والتسلية والتعاون في مهمات البيت، ويحتاج أيضا لأب يعود بعد يوم عمل شاق بدخل يسمح له بشراء احتياجات صغاره، فتنسيه فرحتهم بقدومه تعب يومه.
عاد الأمن لأغلب المناطق، فرحت البيوت لبعض الوقت، لكن ماإن بدأت الأسر بمواجهة الغلاء والصعوبات المتزايدة، والشقاء اليومي، حتى نسيت تلك الفرحة القصيرة، وأصبحت تدخل بيتا تحلم أن يكون آمنا من مخاطر القلة والفقر.