تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الخطوات الأميركيــــــة لتدويــــــر فلــــــول «داعـــــش»

الثورة
دراسات
الثلاثاء 13-11-2018
حسن حسن

يحصون أنفاسهم الأخيرة قبل أن يحزموا أمتعتهم ويرحلوا من بلادنا، من دون حمل نفاياتهم البشرية معهم، لذلك ولغيره من أبعاد الصراع على خطوط الطاقة وشرايين التواصل بين أطراف حلف المقاومة المنتصر بالنقاط، كما بالحسم الاستراتيجي،

تواصل واشنطن المنهزمة في سورية، كما في العراق، بعملية تدوير نفاياتها البشرية المعروفة بـ»داعش» بهدف تأجيل إعلان هزيمتها بعض الوقت، ومشاغلة أطراف المحور المنتصر ببعض حروب الاستنزاف الجانبية المتنقلة ...!‏

«داعش» اختراع دولي إقليمي مهمته دفعنا أكثر فأكثر إلى الانهيار والسيطرة على جغرافيا بلادنا ومواردها البشرية والطبيعية من قبل أميركا.‏

«داعش» هو التعبير المختصر لاستراتيجية «الفوضى الخلاقة» وهو يقوم بدوره البشري والجغرافي دفعاً إلى تعزيز العصبيات العرقية والمذهبية والجغرافية.‏

إن القوى المتطرفة والظلامية المتوحشة، على اختلاف مسمياتها وشعاراتها «داعش» «إخوان» «نصرة» وسواها، هي ذات منبع واحد وتحت إمرة واحدة، وممولة من جهات نفطية عديدة، بيد أنها تدار من غرفة عمليات مشتركة في دوائر الظلام الأميركية، ولا تنطلي الاختلافات والتمايزات على أي مراقب بدقة وعليم ببواطن الأمور لا بقشورها وظاهرها، أنها مسرحية مكشوفة الأدوار والسياق والحبكة والفصول، ومن غير المجدي رصد التباينات المعدة للتغطية والتمويه، فالمؤامرة متعددة الأطراف يقودها بدقة «مايسترو» واحد هو الأميركي.‏

يكشف «توني كارتالوتشي» في موقع «غلوبال ريسريش» أن «داعش» أعدته الإدارة الأميركية بمساعدة خليجية ,وأن ثمة علاقة وثيقة سرية بين هذه الأطراف ومجموعات «داعش» التي تعد رأس الحربة العلنية في الهجوم الطائفي على كل من هو خارج تقاليد الوهابية في العالم العربي والإسلامي ,ويضيف «كارتالوتشي» أن تزايد العلاقات والمصالح بين سورية والعراق وايران وموقع سورية الاستراتيجي والتاريخي العربي والإسلامي ومناهضتها للسياسة الأميركية وتهديدها لإسرائيل ,دفع واشنطن وحلفاءها في المنطقة ابتكار تسعى واشنطن إلى تدمير قدراتها ومصادر ثرواتها بحروب داخلية ,وبالمقابل نجد أن المشهد السياسي العربي يدل على أن الأدوات التي تستخدمها الإدارة الأميركية السابقة والحالية في (تفريخ) الحروب الداخلية وتوسيع دوائرها لأهداف أميركية هي نفس المجموعات والمنظمات الإسلامية المتشددة التي تنشر الدمار والقتل في سورية والعراق ودول أخرى على جدول الأعمال قريباً.‏

وبمعاينة سريعة جداً نرى أن طريقة تشكيل «داعش» تشبه بداية تشكيل الكيان الصهيوني الذي أتى إلى فلسطين على ظهر البريطانيين ,وكان عبارة عن مجموعة من عصابات اليهود «الشتيرن» و»الهاغانا» الذين ارتكبوا أبشع الجرائم والتقتيل والذبح والمجازر العنصرية ,وتلك العصابات التي تشكلت من شتات اليهود الصهاينة ,مثل «داعش» اليوم التي تجمعت وتركبت بصناعة الاستخبارات الأميركية من جميع إرهابيي العالم ومن جنسيات مختلفة لا يجمعها إلا التكفير والقتل والإجرام وعقيدة وهابية فاسدة مجرمة تكفر وتقتل كل من يخالف فكرها ماعدا اليهود الصهاينة.‏

«داعش» أصلاً جناح منشق عن «القاعدة» التي ركبت ودعمت ومولت بتنسيق سعودي أميركي بحجة محاربة الجيش السوفييتي آنذاك في أفغانستان , ثم انتقل إلى العراق ,وكان متزعمه في العراق «أبو مصعب ألزرقاوي «.‏

قيل إن الحرب على الإرهاب بدأت عام 2001 ,وذلك بعد هجمات 11 أيلول في الولايات المتحدة الأميركية .والعجب العجاب في هذا الأمر هو نسيان أو تناسي أصحاب القرارات الدولية أن الإرهاب جاء مع الاحتلال الصهيوني لفلسطين عام 1948 وما بعد ذلك من استهداف مباشر لأراض عربية أخرى في سورية ولبنان والأردن ومصر ,واحتلال غير مباشر لكثير من مصادر القرار في الوطن العربي والعالم.‏

لقد فرخ الإرهاب الصهيوني أدوات له تعد بالعشرات تحاول اليوم التمدد في بلدان المنطقة بهدف تأمين عناصر الراحة والاستقرار والاستدامة للكيان الصهيوني على الصعد كافة .. أجندات مختلفة تتشابك خيوطها بينها وتحاول تحقيق عنصر الوحدة بهدف اقتلاع المقاومة من جذورها وبتر الأيادي التي تبسط لها دعماً وإسنادا ,وصولاً لخوض مباشر في معركة المصير الواحدة الموحدة .‏

من الحركة الصهيونية إلى «القاعدة» إلى «النصرة» وكل من يدور في فلكها من التنظيمات الإرهابية ,مشهد دولي بات أسير تفسيرات متناقضة في ظل تعثر السياسات الإقليمية والدولية ,والجميع يريد رفع سقف محاربة الإرهاب . غير أن عدداً كبيراً من الدول تستخدم معايير مزدوجة في هذا المضمار ,علماً أن الإرهاب هو الإرهاب سواء بدأته دول أو جماعات ,وبغض النظر عن الخلفية الأيديولوجية أو الدينية -الطائفية أو السياسية التي يستند إليها القائمون عليها أو به ,وما يحيطونه من ادعاءات وشعارات أغلبها لا يستحق مجرد النظر إليه وفيه.‏

باختصار, لقد تصور صانعو قرار السياسة الخارجية الأميركية ـ وهم واهمون طبعاً ـ أن باستطاعتهم السيطرة على مساحات الفراغ التي ينشأ عنها عمليات هدم الدول التي قاموا بها ,إلا أنهم اكتشفوا لاحقاً أن الإرهاب لا وطن له ,لا حدود ,ولا جنسية محددة ,ولا ضمير ,وأن المنظمات الإرهابية التي رعوها وساعدوها على الانتشار في سورية وليبيا والعراق ولبنان تولدت عنها نماذج متطرفة إرهابية غير مسبوقة , وباتت هذه النماذج تهدد الغرب في عقر داره . إذاً ، باعتراف أصوات من داخل أميركا , ان أميركا تتحمل كامل المسؤولية عن كارثة تفشي التطرف والإرهاب الدمويين ,وهما من صنع يديها بالذات.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية