وكل تلك المخططات تعتمد بشكل أساسي على استثمار الإرهاب بحدود القصوى، فأنتجت دوائر الاستخبارات الأميركية العديد من التنظيمات الإرهابية على غرار داعش و»النصرة» و»الجيش الحر» و»قوات سورية الجديدة» وغيرها، وأنفقت عليها مليارات الدولارات، من الجيب الخليجي، لإضعاف سورية، ومحاولة تحييد دورها الإقليمي والدولي، وبالتالي تمرير مشاريع التقسيم المعدة للمنطقة، وأيضا ما سمي بصفقة القرن الكبرى لإنهاء الوجود الفلسطيني.
اليوم ومع دحر داعش، والاقتراب من النصر النهائي على الإرهاب وداعميه، تعمل واشنطن على تكريس عدوانها السافر على سورية، عبرمحاولة إبقاء قواتها الغازية، وتعيد انتاج تنظيم داعش الإرهابي مجددا تحت مسمى «الجيش السوري الجديد» لضمان استمرار مبرر وجودها داخل الأراضي السورية، وهي التي كانت قد أنقذت متزعمي داعش، ونقلتهم بطائراتها إلى قواعدها، وخاصة أن البنتاغون قد امتنع في هذا الصدد عن التعليق على أنباء حول احتجاز عسكريين أمريكيين لمتزعم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي ونقله إلى إحدى القواعد الأمريكية بسورية.
وقال ممثل عن وزارة الدفاع الأمريكية، الرائد أدريان رانكين-غالواي، ردا على سؤال وجهته وكالة «تاس» له بهذا الشأن أمس: لا تعليقات على هذه المواد.
مركز التنسيق الروسي في حميميم أعلن في هذا السياق عن قيام «المدربين العسكريين الأمريكيين بإنشاء وحدات مسلحة جديدة قرب مخيم للاجئين في محافظة الحسكة أغلبية أفرادها منشقة عن إرهابيي داعش» ، ما يؤكد أن هذا المخيم وغيره من المخيمات شرق سورية هو الجهة التي حطت فيها طائرات تحالف واشنطن وعلى متنها مئات الدواعش بعد أن أخلتهم بطريقة مفضوحة لإنقاذهم من الهلاك المحتم على يد الجيش العربي السوري وحلفائه.
والكشف عن تلك المعلومات يزيل كل اللبس عن الجهة التي توجه إليها إرهابيو داعش بعد الحديث عن اندحارهم في الرقة، ليتبين أن أولئك الإرهابيين، منهم من اندمج كليا مع ميليشيات «قسد»، ومنهم من يخضع لدورات إعادة تأهيل لإدراجهم في قائمة «المعارضة المعتدلة» المهجنة أمريكيا ليكونوا النواة الرئيسية التي سيتشكل منها الذراع الأمريكي الجديد المسمى «الجيش السوري الجديد» ولاستثمارها لاحقا كورقة أمريكية سيتم زجها في مواجهة الجيش العربي السوري وحلفائه بعد تحقيقهم النصر على الإرهاب وإسقاط آخر معاقله.
والدور الوظيفي الجديد الذي ستؤديه الميليشيا من المرتزقة المسماة «الجيش الجديد» بعد انتهاء عمليات تدريبه في قاعدة بريف الحسكة، كشف عنها مركز حميميم مستندا في ذلك إلى شهادات المهجرين الذين عادوا إلى منازلهم ، حيث أكدوا أن «العسكريين الأمريكيين أعلنوا أن هذه الميليشيا ستنقل إلى جنوب سورية لمحاربة الجيش السوري».
ويتابع المهجرون كشف حقيقة ما رأوه بأم أعينهم بالقول إن «التحالف الدولي يستخدم هذه القاعدة منذ أكثر من 6 أشهر وأنه يوجد هناك حاليا نحو 750 مسلحا وبينهم 400 مسلح من تنظيم «داعش» تم إخراجهم من الرقة في تشرين الأول بدعم من الولايات المتحدة» وهو ما يؤكد مجددا أن الولايات المتحدة هي الراعي والموجه لكل التنظيمات الإرهابية على اختلاف مسمياتها والتي حاربت الجيش السوري بدءا مما كان يسمى «الجيش الحر» مرورا «بجبهة النصرة» وليس انتهاء بـ «داعش» كتنظيم إرهابي أقرت هيلاري كلينتون أنه صنيعة أمريكية.
المخطط الأمريكي الجديد في سورية أكد عليه فيكتور بونداريف رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي عندما قال بالأمس: إن «الولايات المتحدة الأمريكية تريد زعزعة الوضع في سورية مجددا وهي تسعى لانشاء رأس جسر من أجل ذلك، ومن الواضح أنهم لن يتركوا سورية وشأنها ببساطة» في إشارة واضحة إلى التشكيل الإرهابي الأمريكي الجديد في سورية.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن تسمية «الجيش السوري الجديد» تعيد إلى الأذهان التجربة ذاتها التي عملت الإدارة الأمريكية على تجسيدها في تشرين الأول من عام 2015 عندما أعلنت عن تشكيل تجمع إرهابي تحت مسمى «جيش سورية الجديد» بزعم محاربة تنظيم داعش الإرهابي في شرق سورية بغطاء جوي مما يسمى «التحالف الدولي» بعد أن تلقى دعما وتدريبا أمريكيا في الأردن وبتكلفة 500 مليون دولار ولكن سرعان ما قامت بتفكيكه بعد تيقنها من الفشل الذريع في تحقيقه أي نتيجة على الأرض وأوعزت إلى مسلحيه بالانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي.
لم يعد خافيا على أحد أن واشنطن وعملاءها تثبت يوما بعد آخر أنهم صناع كل أشكال الإرهاب ويعملون على الاستثمار به في الوقت الذي تدعي محاربته.. ومسيرة الحرب المزعومة التي قادها تحالفها اللاشرعي ضد داعش الإرهابي خير دليل حيث كانت البنية التحتية والمدنيون في سورية هم وحدهم هدفا لغارات التحالف، في الوقت الذي كان فيه «داعش» يقطع مئات الكيلومترات تحت مرأى طائراتها التي كانت تؤمن الغطاء الجوي لإرهابيي التنظيم في هجماتهم على القوات الحقيقية التي تحارب الإرهاب على الأرض ممثلة بالجيش السوري وحلفائه.