أن حكومة أردوغان حولت تركيا إلى دولة أزمة في المنطقة كما أنها نكثت بجميع تعهداتها تجاه جيرانها وبالذات سورية لاسيما شعار «صفر مشاكل مع الجيران» بعد أن ارتهنت لإملاءات الغرب الهدامة وتجاهلت إرادة الشعب التركي المؤيد لأشقائه السوريين في مواجهة العصابات التكفيرية التي ترتكب أبشع المجازر.
وفي هذا الاطار وصف موقع تي 24 التركي في مقال للكاتب أيدين أنجين السياسة الخارجية التركية الحالية التي يقودها رئيس الدبلوماسية في حكومة حزب العدالة والتنمية أحمد داوود أوغلو بأنها حالمة وبعيدة عن الواقع ساخرا من أوغلو لانه أثبت بتصريحاته حول رؤية بوادر منظومة سلام جديدة في المنطقة أنه شخصية سياسية تملك مخيلة واسعة وهو مالا يراه عموم الشعب التركي الذي يفتقر للرؤية والمخيلة الواسعة التي يمتلكها أوغلو على ما يبدو.
وأعرب الكاتب عن استغرابه من حديث أوغلو عن أن تركيا ستقود موجات التغيير في المنطقة وتتزعم منظومة السلام الجديدة حولها نتيجة لما سماه ولادة الشرق الاوسط الجديد متسائلا عن اي بوادر منظومة سلام يتحدث وزير الخارجية التركي في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة حيث لاتزال فيه حكومة أردوغان تعمل على تجييش الاوضاع في سورية والعراق يهتز كل يوم بتفجيرات ارهابية تستهدف جميع العراقيين وفي ظل تزايد ضغوط القوى الغربية على ايران بغية اخضاعها وفي الوقت الذي تطلق فيه اسرائيل التهديدات بشن عدوان ضد لبنان وايران وغزة.
وقال الكاتب.. يبدو ان اوغلو الذي يتحدث عن شرق اوسط جديد يستثني منه السعودية التي تنظر إلى منح حق المرأة قيادة السيارة على أنه اصلاح ديمقراطي كبير وغير مسبوق كما يستثني منه الامارات والممالك العربية التي يحكمها شيوخ النفط ومصر التي يحكمها الاخوان المسلمون والكويت التي تدار بقبضة من حديد واليمن والسودان والاردن وينظر اليها على أنها ليست دولا شرق اوسطية.
وأضاف ان جميع الوقائع تؤكد أنه لا صحة لادعاءات داوود أوغلو بأن منطقة سلام تتشكل حول تركيا وان أوغلو يسخر من الشعب التركي بكلامه هذا لان حكومته التي خسرت جميع جيرانها في المنطقة غير قادرة على تزعم السلام وقيادة التغيير وتسعى إلى رسم صورة مشرقة لتركيا في الشرق الاوسط ولفت الانظار عن المشكلة الكردية وحق التظاهر الديمقراطي وتخلي حزب العدالة والتنمية عن تحقيق الديمقراطية في المجتمع التركي.
وفيما سخر موقع تي 24 التركي من الرؤية الاقليمية لحكومة حزب العدالة والتنمية وتناقضها مع الواقع تساءلت صحيفة وطن التركية في مقال للكاتب جان اتاكلي كيف يتحدث أوغلو عن الديمقراطية والحرية والتغيير في المنطقة في الوقت الذي يزور فيه رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان السعودية لبحث موضوع الحرية والديمقراطية في سورية مع النظام السعودي الذي لا يوفر لبلده أدنى مقومات الحرية والديمقراطية.
وقالت الصحيفة.. ان السعودية وقطر لا تملكان الديمقراطية والحرية ورغم ذلك لا نرى أي تدخل في شؤونهما من اجل تحقيق الديمقراطية والحرية ولا نسمع اي حدث ضد هذه الدول اطلاقا.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه جميع الحقائق أن حكومة أردوغان نكثت بجميع تعهداتها تجاه جيرانها ولاسيما شعار صفر مشاكل مع الجيران تنفيذا لاملاءات الغرب باعادة رسم خريطة الشرق الاوسط أشارت صحيفة وطن إلى أن التناقض الكبير بين ما أعلنه أوغلو أمام مجلس الامة التركي يأتي في سياق توكيل حكومة حزب العدالة والتنمية القيام بمهمة الضغط على سورية تمهيدا للانتقال إلى الضغط على ايران التي تشكل العقبة الاخيرة في المنطقة في المرحلة المقبلة.
وسخرت الصحيفة في مقالها الذي حمل عنوان حكومة أردوغان.. اي شعب سوري تدعم من ادعاءات أوغلو بأن مواقف تركيا لا توجهها الولايات المتحدة وأن حكومته تقف إلى جانب الشعب السوري مشيرا إلى أن أوغلو يتجاهل الرأي العام التركي ويبني سياسة ومواقف حكومة العدالة التنمية حيال سورية على أساس المعلومات التي ينشرها الاعلام العربي والاقليمي المعادي لسورية والمنحاز لواشنطن والغرب.
وختمت الصحيفة مقالها بالقول.. اننا لا نحصل على معلومات اكيدة حول الاحداث الجارية في سورية وجميع الاخبار الذي يتناقلها الاعلام حول سورية مشبوهة.. وماذا يعني حديث حكومة أردوغان عن وقوفها إلى جانب الشعب السوري وعن أي شعب تتحدث.. ويجب البحث عن الاسباب التي دفعت الحكومة التركية إلى اتخاذ موقف معاد لسورية التي كانت تعتبرها دولة صديقة قبل عام.
في غضون ذلك شدد عدد من المثقفين والكتاب والصحفيين الاتراك على أن الحكومة التركية باتت الذراع التنفيذية لمشاريع الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل في المنطقة وأن أسلوب وخطابات وزير خارجيتها احمد داوود أوغلو المتعجرفة تثبت يوما بعد يوم فشل وهزيمة هذه الحكومة في كل مواقفها المعادية لسورية محذرين حكومة أردوغان من مغبة الانسياق وراء هاجس الدولة العظمى أو الكبرى في المنطقة.
وأكد أوزجان ينيتشري الكاتب الصحفي التركي أن داوود أوغلو أثبت من خلال حديثه الاخير أمام مجلس الامة التركي أن حكومته تحولت الى حكومة صغيرة للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة فهي تلعب دورها نيابة عن الولايات المتحدة وقال ان حكومة رجب طيب أردوغان باتت تابعة لامريكا بشكل كامل وسياستها بعيدة كل البعد عن الاهداف الجيوسياسية والمبادئ الاسلامية.
ونبه الكاتب التركي ينيتشري في مقال نشرته صحيفة يني تشاغ التركية الى أن الهدف الحقيقي وراء استخدام داوود أوغلو عبارات عن الديمقراطية وحقوق الانسان في حديثه عن سياسة الشرق الاوسط وشمال افريقيا هو شرعنة سياسة الاستعمار العالمي التي تتبعها الولايات المتحدة حاليا في المنطقة.
وشدد ينيتشري على أن وزير الخارجية التركي بدأ بذلك يلعب دور الوزير المشارك للشرق الاوسط الكبير وقال ان داوود أوغلو حاول خلال شرحه للوضع في سورية تسويق الشعارات والعبارات الديمقراطية بينما غض النظر عن مطالب الشعب البحريني بتحقيق الديمقراطية والحرية والهجمات التي يشنها الجيش السعودي ضد الشعب البحريني المعارض.
ولفت ينيتشري الى أن داوود أوغلو عندما تحدث عن نظام الحكم في سورية كان حريصا على عدم التطرق الى بعد الانظمة السعودية والقطرية والكويتية وغيرها عن المبادئ الديمقراطية والانسانية وعندما تحدث عن أحداث العنف في سورية تناسى جرائم القتل التي ارتكبها جيش الاحتلال الامريكي بحق أكثر من مليون مواطن عراقي وتشريد ملايين اخرين واغتصاب مليون امرأة عراقية فكان بذلك مرتاحا جدا لما يحدث في العراق خلال السنوات العشر الماضية.
واختتم الكاتب التركي مقاله بالقول: شاهدنا في مجلس الامة التركي وزير خارجية دمويا يؤمن بما يقوله وفاقدا لرباطة الجأش وهو يستهدف سورية وحديثه يفتقد الاسلوب الاكاديمي والمجاملة الدبلوماسية حيث أملى آراءه على المجلس ووجه اتهاماته بصوت عال مع الاخذ بعين الاعتبار أن بامكان أعضاء مجلس الامة دحض الذرائع التي قدمها داوود أوغلو بسهولة ولكن حديثه كشف حقيقة ما تشهده سورية ومن هو المجرم الحقيقي الذي يحرض على القتل والعنف في سورية فأسلوبه المتغطرس والمتعجرف يثبت هزيمة تركيا فيما يتعلق بالمسألة السورية.
من جانبه انتقد الكاتب الصحفي التركي دنيز قاووقتشو أوغلو في مقال له نشرته صحيفة جمهوريات التركية بشدة حديث داوود أغلو أمام مجلس الامة التركي حول دور تركيا المركزي وزعامتها في المنطقة مؤكدا أن مثل هذا الكلام أصبح مصدر سخرية للدول الاجنبية لان الدول تتجه في سياساتها نحو الديمقراطية والحرية والتطور في العصر الحالي ولا تلهث وراء هاجس العظمة.
وقال قاووقتشو ان أي انسان متابع للاحداث العالمية سيكتشف أن حديث وزير الخارجية التركي هو عبارة عن كلام فارغ وأن تركيا لا تستطيع أن تخطو خطوة واحدة في الشرق الاوسط دون موافقة أو اذن الولايات المتحدة الامريكية.
ولفت الكاتب التركي قاووقتشو الى أن الدول المتقدمة لا تسجن الصحفيين والكتاب بسبب آرائهم بينما السجون التركية مليئة بالكتاب والصحفيين والعلماء والطلاب الجامعيين المعارضين معتبرا أن ادعاءات الحكومة التركية حول عظمة الدولة التركية لا تقنع الا الجماهير الامية وشريحة المثقفين الليبراليين الذين يتغذون على النظام فيها.
وأضاف قاووقتشو ان تركيا هبطت وفقا لاحصائيات عام 2011 الى المركز 92 ضمن 187 دولة عالمية من ناحية التطور البشري حيث كانت تحتل المركز 83 ضمن 196 دولة عالمية عام 2010 محذرا الحكومة التركية من مغبة الانجرار وراء فكرة الدولة الكبيرة والزعيمة والعظيمة وتحويلها الى هاجس في سياسة تركيا الخارجية.
بدوره كشف الكاتب الصحفي التركي أرسلان بلوت في مقال نشرته صحيفة يني تشاغ التركية عن أن أردوغان حاول اصدار قانون لتأجير الاراضي الملغمة على الحدود التركية السورية الى احدى الشركات الاسرائيلية لازالة الالغام منها مؤكدا أن هدف أردوغان الحقيقي من ذلك هو خلق فرصة لانتشار الاسرائيليين على الحدود السورية التركية.
وقال بلوت ان النائب التركي محمد كونال من حزب الحركة القومية تحدث في كتاب له عن محاولات أردوغان هذه لتأجير الاراضي لاسرائيل بينما اقترحت رئاسة الاركان التركية استدعاء الناتو من أجل ازالة الالغام متذرعة بأن القوات المسلحة التركية لا تملك المعدات والعاملين المختصين لفعل ذلك مبينا أن رفض المحكمة الدستورية للقانون الذي قدمه حزب العدالة والتنمية هو ما منع انتشار اسرائيل وحلف الناتو على الحدود السورية التركية.
وفيما يتعلق باستجداء أردوغان التدخل الخارجي في سورية أكد الكاتب التركي بلوت أن سورية لا تشكل تهديدا لتركيا وانما المجموعة الامريكية التي تقود تركيا تهدد سورية بالنيابة عن الولايات المتحدة الامريكية.
ونوه بلوت الى الحقائق التي بينها كمال كليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي خلال الحملة الانتخابية عام 2011 مخاطبا أردوغان حيث قال له: أنت الرئيس المشارك لمشروع الشرق الاوسط الكبير وأنت من حاول ايجار الاراضي الملغومة لاسرائيل ومن منع نواب حزب العدالة والتنمية في اخر لحظة من ركوب سفينة مرمرة التي تعرضت لهجوم اسرائيلي.
كما بين الكاتب أن سيناريو قمة دافوس وموقف أردوغان في هذه القمة كان يهدف الى التغطية على ألاعيبه التي بينها زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي وكشفها أمام الرأي العام انذاك لاول مرة وقال ان أردوغان قابل أيهود أولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق في أنقرة قبل انعقاد قمة دافوس بشهر حيث أكد أولمرت لاحد الصحفيين المرافقين له ان أردوغان يحتاج الى نجاح دبلوماسي عالمي من أجل تمكين مشروعيته أمام المعارضة التركية المتصاعدة.
وتابع الكاتب التركي بلوت ان العرض المسرحي الذي قدمه أردوغان في قمة دافوس تم تضخيمه من قبل الاعلام التركي واظهاره كنجاح دبلوماسي حققه لافتا الى أن الرأي العام العربي اقتنع بهذه المسرحية التي عرضها أردوغان.
وختاما أكد الكاتب أن أردوغان داس على الالغام بعد تدخله في الشأن السوري وقال ان رفع أردوغان قدمه من على اللغم فسينفجر به وان لم يرفعها فمن سينقذه منه مشددا على أن أردوغان مهما حاول فلن يتمكن من تغيير نفسية الشعب التركي الرافض للتدخل في سورية.