أجل الوقت الآن مناسب بالتمام للسيد نتنياهو لتنشيط أفكاره العدائية و سلوكياته الاستعمارية فوق الأراضي الفلسطينية لاسيما و أن الإدارة الأميركية غارقة في التحضير للانتخابات الرئاسية، و الاتحاد الأوروبي هو الآخر مشغول بتضميد جراحاته الاقتصادية النازفة، و أما العالم العربي فمنجدب في غالبيته إلى الأحداث الغريبة التي تعصف في سمائه..
تتناقل الأوساط الإسرائيلية و الفلسطينية خبراً مفاده أن مجموعة مستوطنين يهود كانوا قد اقتحموا منذ أيام قليلة أحد البيوت الفلسطينية جنوبي القدس في مدينة Helron .. إيهود باراك، وزير الدفاع الإسرائيلي تملكه الشعور بالخوف و القلق من توقع تفجر العنف هناك حيث يستوطن أكثر من 700 يهودي برعاية الجيش الإسرائيلي! كعادته في الحرب لكسب الوقت، انحاز نتنياهو لأداء وزير دفاعه عقب إصدار المدعي العام الإسرائيلي قراراً يؤكد لا شرعية سكنى أولئك المستوطن الـ 700 في أرض ليست لهم.. و هنا لابد من التساؤل: ماذا ينوي نتنياهو القيام به؟ بالطبع ودون طول تفكير سارع يناشد المدعي العام لابتكار حلول قانونية تحيل دون هدم بيوت الجماعة اليهودية المستوطنة على كثرتها في أراضي بيت إيل، شمال شرق رام الله، و إعطاء إذن شرعي بالاحتفاظ بثلاث مستوطنات في الضفة الغربية بروشين- صنصرة- وريشاليم..
هذا الالتفاف المخزي من جانب نتنياهو ساهم بلا ريب في تلبد الأجواء الفلسطينية بالحذر و الشكوك، الأمر الذي دفع برئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لتسليم نتنياهو رسالة خطية من قبل المفاوض سليم فياض، مؤخراً..
الرسالة واضحة وذات مغزى، تقول «واجب علي كرئيس للسلطة الفلسطينية أن أعيد إلى أذهانكم صيغة مطالبنا المشروعة الأربعة:
1- موافقة حكومتكم على مبدأ حل الدولتين استناداً لخطوط 1967، مع تبادل متفق عليه للأراضي، 2- إنهاء العمليات الاستيطانية بشكل عام في الضفة الغربية كما في القدس الشرقية، 3- إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين بمن فيهم الموقوفون قبل اتفاقات أوسلو عام 1993. 4- العودة إلى وضع ما قبل عام 2000 مع وجوب احترامكم للسيادة الفلسطينية على المنطقة «A» في الضفة الغربية..
وفي ختام الرسالة عاد السيد عباس ليذكر نتنياهو أيضاً بمسؤولية حكومته من فشل عملية السلام، وضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات، مع توجهه له بسؤال جدي منطقي هو التالي: إذا كنتم حقاً تريدون دعم تأسيس دولتنا العتيدة، فلم تحاولون وتستمرون في بناء متسوطنات على أراضيها؟؟ اللهم إلا إذا أردتم السعي لتفريغ السلطة الفلسطينية من مضمونها عل كل الصعد السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية وكذلك الأمنية و الاقليمية..
تلك هي الرسالة باختصار وقد علقت عليها صحيفة هاآرتس الإسرائيلية اليومية بالقول: «جوهر الرسالة ينطوي أساساً وعلى نحو خاص على تهديدلحل السلطة الفلسطينية ما لبثت أن خفت على نحو واضح بعد ممارسة الإدارة الأميركية ضغوطات شديدة على عباس عبر محادثة هاتفية بينه و بين باراك ليسارع الأخير إلى تحذير سليم فياض، المفاوض الفلسطيني من الاتيان بأي فعل تحريضي! لكن عباس حاول طمأنة باراك، وإدارته أن رسالته تلك ليست إلا لتذكير حكومة نتنياهو و بالتزاماتها حيال الاتفاقيات المؤقتة، و أن كل الخيارات المطروحة على الطاولة تخص الشعب الفلسطيني، ما عدا حل السلطة الفلسطينية التي لا تسعى بالطبع لعزل «إسرائيل» بل عزل سياستها التوسعية الاستعمارية لأراضينا المحتلة..
«إسرائيل» تريد استئناف المفاوضات بدون أي شروط وكأن بها تفرض سياسة الأمر الواقع!! وفي المقابل يرى الشعب الفلسطيني أن المفاوضات و الحالة هذه لن يكون لها طعم أو مذاق إن لم تتطرق أصلاً لقضية الاستيطان.. حنان عاشوري تقول في هذا السياق: «إنه لمن المتوقع أن تكون محاولة عباس تلك الأخيرة من نوعها للتوصل لحل الدولتين، و كلنا نأمل أن يكون الرد الإسرائيلي إيجابياً، وإلا ستكون لدينا إستراتيجية أخرى..»
بقلم: بيير باربانسين