تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


البحرين وسورية... وازدواجية المعايير الغربية

الاندبندنت
ترجمة
الأربعاء 2-5-2012
ترجمة: خديجة القصاب

يعتبر الكيل بمكيالين من ابرز المواقف التي تتميز بها سياسة كل من واشنطن ولندن على صعيد ردهما على ما سمي الربيع العربي وقد ترجم هذا الموقف على ارض الواقع من خلال ردود فعلهما على ما يحصل في كل من سورية والبحرين معاً

فعندما يتعلق الموضوع بما يجري في سورية يبدي كل من الرئيس الاميركي اوباما ورئيس وزراء لندن ديفيد كاميرون دهشتهما من المشاحنات بين ممارسات السلطات السورية والمتمردين معاً رغم تكرار مسؤولين اميركيين و بريطانيين بضرورة تغيير النظام في دمشق ولم يرد حتى الان اي حديث لهم حول اي تدخل عسكري لقواتهما في سورية، لكن عندما يتناول الناطق الرسمي باسم اوباما مشاكل البحرين والمواجهات التي اندلعت بين المتظاهرين البحرينيين وقوات حفظ الأمن في المملكة تتغير لهجة هذا الناطق كلياً لتحمل في طياتها عبارات شجب لأعمال العنف الموجه ضد رجال الشرطة البحرينيين واستنكار لما تتعرض له المؤسسات الحكومية نتيجة الاشتباكات بين الجانبين بينما في الواقع تقوم قوات حفظ الامن البحرينية باستخدام الغاز المسيل للدموع للتخلص من المتظاهرين وضربهم بقوة السلاح.‏

وقد تلقى كل من ديفيد كاميرون رئيس وزراء حكومة لندن ووزير خارجيتها “ وليم هيغ” صفعة في مجلس العموم عندما سألهما اعضاء هذا المجلس عن تطور الاحداث في البحرين وعن انتهاكات حقوق الانسان في تلك الجزيرة المملكة فكان جوابهما الدفاع عن جدية برنامج الاصلاحات الذي تبنته عائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين والتي تتمتع بسلطة مطلقة بالنسبة لمقاليد هذه الجزيرة.‏

وتفيد منظمة العفو الدولية في احدث تقرير لها نشر قبل أيام ان ادعاءات الحكومة البحرينية بالنسبة لقيامها بإجراء اصلاحات جذرية على مفاصل الدولة المملكة امر لا يمكن تصديقه فأعمال العنف التي تمارسها قواتها النظامية ضد المتظاهرين البحرينيين الذين يعارضون حكم عائلة آل خليفة مستمرة ولم تتغير الامور كثيراً هناك، لابل قامت الحكومة البحرينية باتخاذ اجراءات صارمة ووحشية ضد المتظاهرين المناوئين للحكومة وانطلقت تلك الاعمال منذ شهري شباط واذار 2011 .‏

ويرجح المراقبون ألا تعير اسرة آل خليفة أي اهتمام للتقريرين ، الاول صدر عن منظمة العفو الدولية والثاني نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش ووزع هذا الاخير قبل اسبوعين ماضيين.‏

هذا وقد عمدت الحكومة البحرينية مؤخراً الى استضافة الفورميلا واحد فوق اراضيها لتؤكد للعالم استقرار الاوضاع الامنية في البحرين لكن ما حدث على الواقع كان العكس تماماً فالأمن لم يستتب حتى اليوم وبعكس ما وعدت به الحكومة البحرينية من السماح بالتعبير عن الرأي بشكل حر اذ اشارت منظمة العفو الدولية انه منذ شهر كانون الاول 2012 قيدت السلطات البحرينية حركة دخول الصحفيين الاجانب ومندوبي منظمات حقوق الانسان الى مملكة البحرين كذلك عمدت الى تأجيل زيارة محقق اللجنة التابعة للأمم المتحدة للبحرين حتى حزيران القادم أي بعد توزيع الجائزة الكبرى لسباق السيارات الدولي فورميلا واحد ومن المعروف ان هذا المحقق الاممي سينقل مشاهداته حول سجون التعذيب الذي تمارسه القوات البحرينية ضد المتظاهرين البحرينيين والمعارضين لنظام آل خليفة.‏

وتستفيد الحكومة البحرينية من وجود قناة الجزيرة في قطر المجاورة لها التي تقوم بتضليل اعلامي واسع بالنسبة للأحداث الجارية في مملكة البحرين كما ويقف تلفزيون الجزيرة وراء ظهور ما سمي بالربيع العربي .‏

وقد عمدت اقنية هذا التلفزيون الى تغطية ما يحدث في سورية يومياً وبشكل واسع وشامل بينما تجاهلت التظاهرات الاحتجاجية في مدن وشوارع البحرين والتي تفاقمت حدتها في 14 شباط 2012 ولم تتخذ مطالبها سوى صفة الاصلاحات السياسية والاقتصادية .‏

ومن الممارسات التعسفية التي لاتزال ترتكبها السلطات البحرينية ضد المتظاهرين في مدن تلك المملكة اعتقال عبد الهادي الخواجة وزجه في سجونها علماً انه من ابرز الشخصيات البحرينية التي تدافع عن حقوق الانسان وادى هذا الاعتقال وتعرضه للتعذيب الى اضرابه عن الطعام استجداءً لحريته، وقد تمخضت تلك الحادثة عن تزايد المواجهات بين المتظاهرين ورجال الشرطة البحرينية عندها رفضت السلطات البحرينية طلباً كانت قد تقدمت به الدنمارك للسماح بإرسال الخواجة الى كوبنهاغن كونه يحمل جنسيتين البحرينية والدنماركية حالياً.‏

وقد وجه كاتب هذا المقال سؤالاً الى المدعو نبيل رجب وهو رئيس مركز حقوق الانسان في البحرين يتعلق بإصرار السلطات البحرينية الاحتفاظ بالخواجة داخل سجونها في حين تقتضي مصالحها اطلاق سراحه، فأجاب: تتشدد الحكومة البحرينية في موقفها هذا لأن الخواجة من أوائل المدافعين عن حقوق الانسان الذين تجاوزوا الخطوط الحمراء المسموح بها كما تقول السلطات البحرينية اذ وجه انتقادات للعديد من الشخصيات التي تنتمي الى العائلة الحاكمة في البحرين مع ذكر اسمائهم ، ومن المعروف ان تلك الخطوط الحمراء تعد قبلية بالنسبة لآل خليفة.وترغب شريحة واسعة من العائلة الحاكمة في البحرين من مواجهة الخواجة مصير الموت.‏

هذا وتقوم كل من حكومة واشنطن ولندن بالتنصل من قضية الخواجة ومن ازمة البحرين بادعاء كل منهما ان ليس لديها أي نفوذ او سلطة للتأثير على حكومة البحرين ودفع تلك الاخيرة لإجراء اصلاحات فعلية على ارض الواقع وعلى الصعد كافة .‏

ويعتقد نبيل رجب ان كلاً من واشنطن ولندن تملك ما يكفي من النفوذ والتأثير على البحرين لإقناع سلطاتها إطلاق سراح الخواجة وسواه من قادة المعارضة البحرينية التي زجت بها في السجن.‏

وتتظاهر كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة علانية بأنها تعتقد ان هناك مملكة بحرين ولدت من جديد اليوم تتمتع بإصلاحات غاية في التطور وترتبط بشكل اساسي بالمشاريع التجارية ، لكن الاعتراف بهذا الامر غير صحيح على الاطلاق.‏

 بقلم : باتريك كوكبورن‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية