وهكذا حتى انتقل هؤلاء من الأزقة والحواري الضيقة إلى الساحات والشوارع الواسعة، ورفعوا سقف المطالب قليلاً، علّهم يجدون آذاناً صاغية لتلك المطالب ، وكان ما كان من قمع واعتقالات هنا، وتنكيل وقتل هناك، لا على أيدي السلطات البحرينية فقط، بل والسعودية أيضاً التي جاءت لإغاثة «الملهوفين» من آل خليفة، في الوقت الذي لم يرف لأي عربي جفن، ولم يخرج أحد منهم عن صمته دعماً للمحتجين في دوار اللؤلؤة أو دوار الخواجة.. ففي سورية الغنائم، وسقوطها يعني الرفعة والفخار لآل سعود وخليفة، وآل ثاني وثالث والخامس عشر منهم وحتى المقمط في السرير.
فما يحصل سواء في البحرين أم السعودية، لم يخرج حتى الآن عن نطاق المطالبة بالحقوق السياسية والفكرية والاقتصادية، في ظل ما يعانيه السواد الأعظم من الشعبين في المملكتين، من فقدان للهيبة والعمل الذي يكفي هؤلاء حاجة الآخرين، أو حتى المناصب في مؤسسات تلك الممالك، ورغم ذلك لم توفر السلطات أي جهد لإخماد نار الاحتجاجات هناك، واستخدمت أسوأ أساليب العنف ليبقى الحكام في عروشهم ويحافظ الأمراء على سهرهم وترفهم وكروشهم، «بالطبع هذا لا يعني أن الأمر في قطر أو غيرها من إمارات النفط أحسن حالاً «.
والسؤال لماذا تصر تلك الدول على الرغبة بتقديم دروس في الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وتحشر أنفها وتتدخل في شؤون غيرها، وتمد الإرهابيين بالمال والسلاح لارتكاب المجازر وإزهاق الأرواح، وتخريب المؤسسات في دول أخرى بحجة الدفاع عن الحقوق في تلك الدول، ولا تعير أدنى اهتمام لشعوبها؟ ولما لا تتنطح للدفاع عن الأراضي والمقدسات العربية والإسلامية التي تنتهكها إسرائيل في فلسطين، مادامت أهلاً للنخوة والمروءة كما تتوهم؟ الجواب واضح للجميع كون تلك الأنظمة الاستبدادية لا يهمها إلا مصالحها فقط، وتخاف من خيال أذنيها، وعليها أن تترك العرب وشأنهم، وإلا فهي على موعد مع فصول حارة لا ينفع فيها الندم.