تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل اتخذ القرار بإجهاض خطة أنان..؟!

شؤون سياسية
الأربعاء 2-5-2012
عبد الحليم سعود

رغم توافق المجتمع الدولي عبر مؤسسة مجلس الأمن على تكليف الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان بمهمة إنضاج حل سياسي للأزمة في سورية، ورغم قبول الحكومة السورية بهذه المهمة وشروعها بتنفيذ بنودها الستة واضعة كل إمكاناتها بتصرف بعثة المراقبين الدوليين..

هاهي ذات الدول تقوم بإجهاض مهمة أنان وخطته قبل أن يباشر فيها، وما التصريحات والوعود التي أغدقها مؤتمر ما يسمى «أصدقاء سورية» الذي انعقد في باريس قبل أيام سوى الجزء المعلن من عملية إفشال خطة أنان ومساعيه ونقل الأزمة إلى مكان آخر.‏

الحكاية بدأت منذ سريان مفعول اتفاق وقف إطلاق النار في الثاني عشر من الشهر الجاري، حيث اتضح منذ الساعات الأولى أن المعارضة المسلحة التي تأتمر وتدعم من الخارج ومن دول وجهات باتت معروفة للجميع متمسكة بإفشال خطة المبعوث الدولي، وإن خرج بعض رموزها ليعلن التزامه بوقف النار، فالعصابات المسلحة التي يقودها المجرم الفار رياض الأسعد والتي تتبع مجلس اسطنبول وتستخدم الأراضي التركية منطلقا لهجماتها الإرهابية لم توقف أعمالها المسلحة حيث سقط العشرات من المدنيين والعسكريين في تفجيرات وعمليات إطلاق نار متعددة في رسالة واضحة لبعض الدول أن انتقلوا إلى الخطة التالية بعد فشل خطة أنان، وهذا ما تلقفه مؤتمر باريس لأعداء سورية مباشرة لنشهد مناخا من التوتر لا يمكن أن يسمح بإنجاح مساع سياسية أو دبلوماسية، وخاصة تلك التصريحات التي أطلقها كل من وزراء خارجية فرنسا والولايات المتحدة وقطر وتركيا والتي تزامنت مع تصعيد كلامي من وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا التي حدد فيها مواعيد لأحلامه وأحلام إدارته الشريكة في سفك الدم السوري.‏

وكما يبدو فإن هذه الجهات لم تكن تتعامل مع خطة أنان إلا من باب أخذ العلم رغم أنها وافقت عليها، لأن الموافقة على الخطة يتطلب التزاما من هذه الأطراف بوقف عمليات الدعم والتسليح للمعارضة السورية والضغط عليها لقبول مبدأ الحوار بدل الانجرار أكثر فأكثر نحو العمل المسلح الذي لا يمكن للدولة السورية أن تتعامل معه سوى بالمثل انطلاقا من واجبها في الدفاع عن مواطنيها والحفاظ على السلم الأهلي الذي يخرقه المسلحون في كل المناطق الساخنة، وهذا ما شددت عليه روسيا مرارا وتكرارا من ضرورة وجود ضامن لهذه المعارضة لكي توقف العنف والعمل المسلح وتهيئ الظروف الملائمة لانطلاق حوار يفضي إلى حل الأزمة.‏

كذلك فقد كانت أهم مطالب المبعوث الدولي لإنجاح مهمته خلال زياراته لموسكو وبكين وطهران هو الطلب مباشرة من تركيا والسعودية وقطر التوقف عن دعم هذه العصابات الإرهابية، وهنا كيف يمكن الفصل بين ما يطالب به أنان وهو الدبلوماسي الخبير في الأزمات الدولية وبين ما تقوم به كل من أنقرة والرياض والدوحة من أدوار قذرة إذا كان الأمر متعلق بخطة أنان، فرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي حافظ على اتجاه تصعيدي في الأزمة السورية يبحث اليوم عن دور ما للناتو في سورية وعندما يذكر أردوغان الناتو فهو يعني استدعاء العسكرة وقطع الطريق على الحلول الدبلوماسية، وهذه مراوغة أردوغانية باتت مكشوفة للجميع، في حين أن حاكم مشيخة قطر المنقلب على أبيه والسارق السلطة منه لم ير حلا للأزمة السورية سوى بتسليح المعارضة معتبرا أن السوريين بحاجة للسلاح وليس لحل سياسي وهذه دعوة للحرب الأهلية لا لبس فيها، في المقابل كان وزير آل سعود في المملكة المسروقة من شعبها يحاول أن يتقمص دور القرضاوي عندما اعتبر أن تسليح المعارضة السورية واجب ولم يكن ينقصه سوى القول أنه واجب شرعي وديني حتى ينجح بأداء هذا الدور القذر..؟!‏

فمع تتالي محاولات الانقضاض على خطة انان من قبل هذه الدول، يمكن القول أن القرار بإفشال الخطة قد اتخذ فعليا، وما رشح عن مؤتمر باريس الأخير يكشف أن ثمة سيناريوهات معدة سلفا في مطابخ أطراف المؤامرة تتحين الفرصة المناسبة، وأما التصعيد الذي تنتهجه دول مثلث التآمر ضد سورية «تركيا والسعودية وقطر» في مقابل الانكفاء الظاهري للدول الكبرى الوازنة في مجلس الأمن فما هو سوى تبادل أدوار ومهمات بين هذه الأطراف ليس إلا، فهل يمكن لعاقل أن يصدق أن السعودية أو قطر يمكن أن ترفض أو تماطل في تنفيذ مهمة قذرة توكل إليها من قبل الولايات المتحدة، ولعل الغاية الأساسية من هذه السياسة هي زيادة القطيعة والعداوة بين العرب، فكلما ازدادت هذه العداوة والقطيعة استطاعت الولايات المتحدة أن تحقق الكثير من المصالح والمكاسب التي لا تغيب عنها المصالح الإسرائيلية، وإذا كان بالإمكان دفع العرب لقتل بعضهم أو دفع كل بلد عربي إلى أتون الحرب الأهلية كما يحدث في عدد من الدول العربية فلماذا تكلف الولايات المتحدة نفسها عناء التدخل العسكري هنا أو هناك إذا كان سيفضي بالنهاية إلى الفشل كما جرى في العراق.‏

من الواضح أن بعض الدول العربية وخاصة قطر والسعودية بالإضافة إلى تركيا تنفذ مهمات أميركية إسرائيلية بالوكالة، وما على السوريين الذي انخرط بعضهم في مثل هذه المهمات سوى الالتفات إلى مصالح وطنهم وعدم الزج به في معترك المصالح الصهيونية والأميركية، والذهاب إلى الحوار سبيلا وحيدا للخروج من الأزمة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية