باختصار .. هل أسّست الفضائيات لما يسمّى ثقافة ( الصورة ) .. ثم ما الحاصل بهذا الخصوص .. ما هي ملامحه .. وصولاً إلى معرفة نسبة تأثير الصورة (الفاعلة ) و الموظّفة بجودة عالية .. في تثقيف المتلقي ..
هل تشتغل القنوات العربية على هذا الجانب ..؟
بمعنى .. هل لدينا توظيف حقيقي و حيوي للجانب البصري ( الصورة ) في عموم برامج ذات طابع ثقافي ..؟
لكن .. ما المقصود تحديداً ( بالطابع الثقافي ) .. ؟
ثم إن وُجِد فعلياً هذا التوظيف البصري الحيوي .. في أي الاتجاهات يذهب .. ؟
و الأهم .. هل هناك عملية فرز لطبيعة المعلومة المنقولة إلينا فضائياً .. ؟
بعض القنوات يذهب باتجاه التخصص ( رياضية ، فنية ، غنائية ، إخبارية ، طبية ، إعلانية ، ثقافية ..).
و بعضها يبقى ذا طابع عام .. يبث كل تلك الاختصاصات السابقة .. و بين هذه و تلك لا عائق في تحصيل المعلومة .. الفرق في الكيفية و السياق .
دائماً .. تحصيل المعلومة متاح في مختلف المحطات .. المهم ملاحظة أن هذا التحصيل يتناسب عكسياً مع رفاهية الصورة .
فالبرامج التي تُعنى بتقديم مخزونٍ معرفي تبدو فقيرة من حيث التخديم البصري .. و العكس هو الحاصل في نوعية برامجية أخرى تهتم برشرشة الترفيه .. و بديهي أن يتسع مجال الترفيه ليشمل الصورة .
لاحظوا .. كيف تُقدّم برامج مثل ( سكووب ، كوك أستوديو ) ..
و عاينوا .. تابلوهات ( Arab.s got talent ) ..
الجود المادي يبدو أكثر من ظاهر .. إنه لافت .. مبهر .. يقلع عين المشاهد .
المفارقة الأدهى .. أن هذا الترف و الترفيه البصري لا يترافق بنشر ما يوازيه على صعيد بث المعلومة أو رفع السوية الثقافية للمتلقي .. فذلك آخر همّ شلة ( mbc ) .. الحاضنة الأساسية لتلك البرامج .
أكيد العائدية المادية ( الربح ) لن يكون متساوياً بين نوعية تسلوية تجتذب الإعلانات .. و أخرى ثقافية تقل فيها فرصة تحقيق جذب دعائي .
كيف يمكن نشل تلك القلة القليلة من برامج ذات محتوى ثقافي فكري من بئر الفقر الإنتاجي الذي تغرق فيه .. ؟
الأخطر .. لا يكمن في انعدام سياسة واضحة بهذا الخصوص فحسب ، إنما في السياسة المتّبعة .. الحالية .. القائمة على بسط نفوذ نوعية ( تناغش ) العين .. و تطرح العقل جانباً .
و إن حصل و حاولت مخاطبة فكر المتلقي .. فإمّا أن تتبع سياسة ( التقشف ) الإنتاجي .. تطفيشاً لهذا المتلقي الصنديد .. أو أنها تكرّس أسلوبية التصريح و المجاهرة وصولاً إلى نفور متابعها منها .. كأن تبث عبر فضائية تصف نفسها ب( الثقافية ) .
ما يعني : تحافظ عقلية الفضاء على أن تكون كلمة ( ثقافة ) مرادف حقيقي لمعاني الصرامة و العبوس و الجدية الزائدة .. و هي من أولى أسباب هجر هذه النوعية من البرامج و المحطات إلى أخرى تفعل فعلها في جذب العين .
فيا أيها المثقفون و أشباههم ممن تديرون برامج و محطات ثقافية .. ألا تدركون أن جذب العين هو بوابة أولى لجذب الفكر و الحواس الأخرى .