تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


زمن الخرافة الفضائية

فضائيات
الأحد 1/4/2007
في هذا الزمن الذي الذي باتت فيه الفضائيات تغزو منازلنا , كما كان يغزو الطاعون البلاد في القرون الوسطى , ربما صار جدير برب الأسرة المسؤول عن تربية أولاده أن يأخذ إجازة بلا راتب, ليجلس ويراقب كيف يمكن له أن يتفادى مرض الفضائيات الذي يجتاحنا دون رأفة أو هوادة .

لم يتوقف الأمر عند الفضائيات الخلاعية وأشباهها من فضائيات الأغاني الهابطة, والأخرى الكفيلة بنقل أجواء أردأ الملاهي الليلية وأرخصها للمنزل, فبينما تنفرد واحدة بمهمة التسلية لتأخذ على عاتقها تشويه كل ما بقي سليماً من اللغة العربية. يقوم مذيع قناة تطلق على نفسها اسم الجرس تيمناً بالمفردة العامية (جرسة) أي الفضيحة وهي اسم على مسمى , أقول يقوم ذلك المذيع بتناول بعض الفاكهة أمام الكاميرا وهو يقدم برنامجاً عن الرسائل القصيرة , ظناً منه أن ممارسة وظيفة الهضم أمام الكاميرا تصنع منه مذيعاً مهضوماً للغاية. بينما تتلقى مذيعة أخرى في قناة الفضيحة أقذر الشتائم الممكنة على الهواء مباشرة من مشاهديها.‏

طبعاً كل ذلك يمر بسلاسة أمام خطورة ما تبثه قناتي( شهرزاد وكنوز) رغم رداءة المشهد الفضائي العربي , لكن يمكن لمتابع الفضائيتين المذكورتين أن يجد حلاً مباشراً لأصعب المشاكل التي يمر بها مع حبة قوية تخدر له كل ما يمكن أن يساهم في إعمال عقله لحل تلك المشاكل .‏

منذ فترة وبعض المحتالين يجدون ضالتهم في برامج دورية بشكل يومي على أمثال تلك القنوات التي تطلق على أولئك ببساطة شديدة لقب: دكتور..!!‏

وبمجرد الاتصال من أي مواطن يشكو الألم, أو الفقر, أو حتى عدم المتعةفي حياته الزوجية, يطلب الدكتور اسمه واسم أمه,والتوقف عن الكلام لأنه يعرف كل شيء, بعدها بثوان قليلة يردد طلاسم مثل (شنهق شنهق) ليعطيه الدواء العجيب بقراءة نصوص معينة, لو حاول صاحب الوصفة قراءتها لأخطأ على عدد أحرفها, والجزء الثاني من الدواء العجيب إما بتناول الزنجبيل, أو اليانسون, أو برشق المياه في الممرات,مع رعاية الشيخ الدكتور الخاصة للأصوات التي تستهويه, وأحياناً يكون الحل بأن يضع المواطن المسحور دائماً رأسه داخل حظيرة مخصصة للتيوس, وينتظر حلبهم حتى يشرب ليصبح معافى تماماً.‏

وصفة العباقرة تحاذيها دهشة المذيعة التي لا ينقصها الخلاعة وكثيراً من الادعاء بالبلاهة ?!! العباقرة من أمثال (الشيخ أيمن وكاوى وغيرهم...) صاروا تقليداً يومياً لترويج الخرافة والجهل وكل ما بقي من ذاكرة جداتنا اللواتي يداوين المرض بالبخور والحجب التي يكتب فيها طلاسم جهابذة تلك القنوات.‏

وبما أن هذا المجال صار محط منافسة فقد تجاوزت قناة (كنوز) كل التوقعات وحطمت كل مقاييس الإعلام الناجح ,عندما استقطبت الشيخة المختصة( أم وائل) وهي اختصاصية بالتوليد خريجة جامعة جمهورية (ديرسراس) التي كان عمي العجوز البسيط, المحب للدعابة يدعي أنه كان رئيس جمهوريتها!! وأم وائل اختصاصية بالنساء من حيث النصيب والولادة فلا يمكن لعانس, أو أخرى مصابة بالعقم إلا وتداويها بنفس الطرق السابقة إلا أنها تختلف عن سابقيها باصطحابها وعاء تملؤه ماء البركة, تستمد منه معرفتها ودواءها كذلك ثقتها بنفسها التي تجعلها تهنئ المتصلة قبل أن تتم حديثها فهي ترى حملها أو عريسها بشكل واضح . أم وائل تتفوق على نظرائها بكمية الأخطاء الفادحة إذا ما حاولت ذكر آية قرآنية فهي تبيح لنفسها الاختصار كذلك تخلط بعض الأمثال الشعبية القديمة بالأحاديث النبوية الشريفة , بينما تداوي مرضاها بعصير (الخبيزة) للاغتسال و حليب الفرس الذي يضمن حمل العقيمة مهما كان.‏

دكتورة العصر الشيخة (أم وائل) وعلى ذمتي لم تحصل سوى الابتدائية, وهو ما يكتشفه المتابع لمجرد سماع جملتين من أم وائل بالفصحى , ووصفها البخور وعصير الخبيزة.‏

تضرب أم وائل والقائمون على هذه المحطة كل ما توصل إليه العلم الحديث عرض الحائط, كذلك تنحي العقل و التفكير الصحيح جانباً ليحل محله الحل الأسهل عبر الخرافة والطلاسم , بل ترسخ كل ما تحاول الدراما والصحافة وغيرهما فضحه من شعوذة ضيوف تلك المحطات ونظرائهم المنتشرين بكثرة .‏

ربما يكون حرياً بالمسؤولين عن البث الفضائي العربي قبل الاحتفال بإطلاق الجيل الرابع للأقمار الصناعية (بدر) تنظيف تلك الأقمار من فضائيات الخرافة والجهل.التي تعطل العقول البسيطة و تسهل لأي غزو ثقافي واستعمار فكري.‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي |  dalatione@hotmail.com | 01/04/2007 07:16

كان الأولى أن ينتشر الوعي الإجتماعي قبل غزو الفضائيات لمجتمعاتنا, لكننا تركنا هذا الأمر وركزنا على تجنيد الجماهير سياسيا, فجاءنا الغزو بغير استعداد منا.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية