تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أميركا .. تجارب الاستثمار في الإرهاب!

متابعات سياسية
الأحد 3-1-2016
دينا الحمد

لم يكف الولايات المتحدة مساهمتها في تأسيس تنظيم داعش الإرهابي ومده بكل أسباب البقاء والتستر على جرائمه وتزويده بالأسلحة مرة عن طريق الخطأ المزعوم ومرة بشكل سري وثالثة بطرق غير مباشرة ،

بل وصلت درجة الاستثمار والمتاجرة بقضية محاربة التنظيم المتطرف إلى مطالبات غير مسبوقة بغزو المنطقة والعودة العسكرية المباشرة إليها تحت هذه الحجة المزعومة.‏‏

فقد كانت أميركا في السنوات القليلة الماضية التي تلت تأسيس داعش الإرهابي تستثمر الأمر لابتزاز حلفائها مالياً وخصوصاً دول الخليج ، فنراها تؤسس التحالف الدولي لمحاربة التنظيم المذكور ، ثم الإعلان أنها قامت بأكثر من تسعة آلاف طلعة وغارة جوية ضده مع أنه يتمدد وتزداد جرائمه بشاعة على مستوى المنطقة والعالم.‏‏

أما اليوم فيصل الأمر بساسة أميركا إلى حد المطالبة بتأسيس تحالف يضم الولايات المتحدة وتلك الدول التي خاضت حرب عاصفة الصحراء في أعقاب غزو الكويت بحجة محاربة داعش ، وكأنها مطالبة مبطنة لدول الخليج العربي وأوروبا واليابان من أجل تحمل أعباء القضاء على التنظيم الإرهابي، وهو ما طالب به السيناتور الأميركي رون جونسون، الذي أعرب عن اعتقاده بأن العالم بحاجة إلى تحالف على غرار التحالف الذي قاده الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في حرب الخليج الأولى، في سبيل إنهاء التنظيم المتطرف.‏‏

وهو التحالف الدولي الذي شكل بوشه الابن وضم آنذاك أكثر من 30 دولة غربية وعربية، وشن حملة لإخراج قوات الجيش العراقي من الكويت تحت اسم عاصفة الصحراء وتحملت ألمانيا واليابان وممالك الخليج القسم الأعظم من الفاتورة المالية للتحالف، في حين استعرضت الولايات المتحدة قواتها وأسلحتها في الحرب المذكورة.‏‏

والسؤال الذي يشير إلى بوصلة هذه المطالبة الغريبة هو هل يحتاج القضاء على تنظيم إرهابي إلى مثل هذا التحالف الدولي الذي خاض حرب تحرير الكويت ؟!.‏‏

بالتأكيد هو لا يحتاج ذلك ولكن التحالف المشار إليه حقق للولايات المتحدة استثماراً غير مسبوق بالحرب وتجارة الأسلحة وما أعقب ذلك من غزو للعراق وأفغانستان بالذرائع ذاتها وبلغت نسبة الإنفاق أكثر من ثلاثة ترليونات دولار حسب الاعترافات الأميركية.‏‏

ورغم أن أميركا ومؤسساتها تسرب أن الميزانية الأميركية هي الخاسرة لكن ثبت فيما بعد أن الدافعين كانوا حلفاء أميركا وأدواتها في المنطقة وأن واشنطن كانت المستثمر رقم واحد في كل اللعبة من عملية غزو الكويت إلى تحريرها إالى ذريعة محاربة القاعدة ولاحقاً غزو العراق وأفغانستان.‏‏

واليوم يكاد يتكرر السيناريو ذاته وبالحجج نفسها أي محاربة داعش المتطرف وهو المقترح الذي صدر على لسان جونسون الذي اعتبر أن إنهاء الحرب ضد المتشددين الإسلاميين غير ممكن من جانب واحد قائلاً إن الرئيس الأميركي باراك أوباما يريد إنهاء الحروب التي تخوضها البلاد، ولكن لابد من طرفين للقيام برقصة التانغو، حيث لايبدو أن المتطرفين يريدون وقف الحرب ضد أميركا على حد زعمه.‏‏

المفارقة أن السيناتور المذكور يعترف بحجم المساهمة المالية الكبيرة لحلفاء بلاده في التحالف إياه حين شرح فكرته حول تكرار تجربة ذلك التحالف قائلاً: (فكرتي، الآن، هي بجمع تحالف على غرار تحالف حرب الخليج الأولى حيث قام حلفاؤنا بالخليج وشركاؤنا الدوليون، بتوفير الثلث فيما يتعلق بالقوات، ودفعوا 85 في المئة من التكلفة).‏‏

إن الولايات المتحدة التي تريد العودة إلى المنطقة عبر الغزو المباشر تتبع اليوم أكثر من طريق لتحقيق ذلك فمرة تؤسس ما يسمى جيش سورية الديمقراطية وتمده بالعتاد والغطاء الجوي، ومرة تدرب ما يسمى المعتدلين في المعارضة السورية ومرة بتأسيس التحالف الدولي الذي تقوده اليوم ضد داعش وأخيراً من خلال هذا الطرح الذي يأتي به جونسون بتأسيس تحالف جديد على غرار تحالف عاصفة الصحراء ، وربما يأتي التحالف الإسلامي الذي شكلته السعودية بطلب أميركي تمهيد لذاك التحالف الذي قصده السيناتور الأميركي، وربما تكون الدعوات التي جاءت من واشنطن مؤخراً لإرسال قوات برية من الدول العربية والإسلامية لقتال داعش تحت غطاء طيران التحالف الدولي يصب في الاتجاه ذاته فهدفها جميعاً ليس محاربة الإرهاب بل الاستثمار فيه وتحقيق الأجندات الأميركية العدوانية ضد شعوب المنطقة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية