بعد أن استباحت مساحات ملونة كانت مخصصة لممارسة طقوس فرح عيد أطفأت أنواره و خمدت زينته .. احتراماً لدم شهيد و مشاعر أم ثكلى و انكسار يتيم و هزال رضيعٍ حُوصر دونما لقاح و حليب ..
منذ أيام قليلة لملمت حقائب الرحيل و حزمت أمتعة السفر المثقلة بأحزاننا ، فهجرت حاضرنا المنهك فقراً و تشرداً مكانياً و تبعثراً وجدانياً ، و دخلت دهاليز الذكريات المظلمة لتحط رحالها في صفحات الماضي ، نقاط سوداء مدادها من راحة بالنا و انكسار أحلامنا رغم براءتها .. بعد أن رسمت في دفتر ذكرياتنا إشارات تعجب لما آل إليه حالنا .. كما تلوت ألماً كعلامة استفهام لماذا نحن ضحايا تلك الأوراق المتساقطة لخمس سنوات .. و إلى متى نحن و المأساة في دائرة حرب ظالمة ضحية و ظل ؟
قبل الرحيل أودعناها الكثير من الوصايا كأخواتها الخمس الراحلات .. بألا تعود متقمصة أيامنا القادمات .. و بأن تصطحب معها في رحلة اللاعودة ربيعها المزهر من دماء شبابنا على الجبهات و أشلاء أحبتنا على الطرقات .. و رجوناها أن تترك لنا فصولنا السورية الخيّرة بالمحبة و التآلف و العطاء .. حلفنا أيامها الراحلة أغلظ الأيمان ألا تتكرر مجدداً و لا تعتدي بأحزانها على أوراق في علم الغيب ربما تحمل تباشير انتصار و انفراج ..
لوحنا لسنة مضت غير آسفين عليها .. لنفتح أذرعنا من جديد غير يائسين لاستقبال عام جديد نأمله نقطة نهاية لأحزاننا و معاناتنا .. لنبدأ أول سطر من أمل و ندون : كانت أزمة و مضت .. كانت دروساً و عبراً ..