في 25 أيار العام 2000 أغمض القائد المؤسس حافظ الأسد «رحمه الله» عينيه «الحالمتين بغدٍ أفضل للأمة» مطمئناً إلى حال المقاومة التي ساهم في تأسيسها رداً على حالة التخاذل والتنازل والضعف العربي كي تكون عدة الأمة القادمة في النهوض والتحرير والانتصار، وهو الذي في رصيده أول انتصار عربي للجيوش النظامية في العصر الحديث عام 1973 عندما قهر جيشنا العربي السوري البطل أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي قيل كثيراً أنه لا يقهر.
اليوم تعبرنا الذكرى الخامسة عشرة لرحيله ونحن نتلمس في كل يوم سداد رأيه وصوابية قراراته وتوجهاته في مختلف المجالات والميادين بدءاً بدولة المؤسسات والقانون التي أشاد بنيانها المتين والتي باتت لغزاً محيراً لأعدائها، مروراً بالجيش العقائدي الباسل الذي يسجل في كل يوم المزيد من الانجازات والانتصارات في مواجهة الإرهابيين التكفيريين ومن يقف خلفهم من الطامعين والمتآمرين والأعداء، وصولاً إلى الوحدة الوطنية الراسخة بين أبناء سورية والتي تجسدت قولاً وفعلاً عبر احتضان الشعب لجيشنا الباسل ومؤازرته ودعمه والوقوف خلفه كي يدافع عن الأرض والعرض والمقدسات ويحفظ الدماء والأرواح والممتلكات، وليس انتهاءً بقائمة الأصدقاء الأوفياء والأحرار والشرفاء من الأمة الذين تعززت أواصر العلاقة معهم بعد الحركة التصحيحية المجيدة والذين وقفوا إلى جانب سورية في هذه المحنة الصعبة وشاركوا شعبها في إفشال أهداف هذه الحرب الكونية القاسية.
لا شك أن رحيل القائد الخالد حافظ الأسد أثر كثيراً في مسار الأحداث وترك فراغاً كبيراً على أصعدة مختلفة، ولكن البيت الوطني والإرث النضالي الذي تحدّر منه هذا القائد لم يبخل على سورية بمن يملأ هذا الفراغ، حيث شاءت الأقدار وإرادة الشعب أن يحمل الراية ويكمل المسيرة قائد شجاع من نفس المدرسة الوطنية ونفس النهج التحرري النضالي لتبقى سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد السور المنيع والقلعة الحصينة التي تدافع عن قضايا أمتها وترد كيد المعتدين إلى نحورهم.
ولأنه قائد عظيم يستحق كل الاحترام والتبجيل فمن حقه علينا أن نتذكر ونذّكر العالم ببعض إنجازاته الرائعة وقيمه النبيلة وأن نحاول الإضاءة على أبرز ملامح نهجه القومي وفكره العروبي الأصيل.
- لقد آمن القائد المؤسس بأمته وبطاقاتها الكامنة وقدرتها على الانتصار وصمم على تحرير الأرض المحتلة وكان مدخله إلى ذلك تحرير الإرادة العربية مما علق بها بعد نكسة حزيران وبعث روح التحدي فيها وقد تحقق ذلك خلال حرب تشرين التحريرية عام 1973 وخلال الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 والحصار الذي ضربته الأساطيل الأميركية والأطلسية في عرض المتوسط لإرهاب سورية والضغط عليها، وكانت له عبارته المشهورة المليئة بالعنفوان والتحدي»الأشجار لا تموت إلا واقفة».
- كما آمن القائد المؤسس بأهمية الجيش العقائدي المؤمن بقضايا أمته وعلى هذا الأساس بنى جيشاً قوياً مؤمناً وأمّن له كل سبل الدعم والتسليح والتدريب والروح القتالية ما جعله صخرة صلبة في حماية شعبه وسوراً منيعاً في مواجهة أعدائه في الخارج وقد أثبتت سنوات الحرب الأربع الماضية صحة هذا النهج وصوابيته وبما عزز من صمود سورية وقدرتها على هزيمة الإرهاب.
- كذلك أسّس القائد المؤسس مدرسة سياسية رائدة في التعاطي مع الأزمات والصراع مع العدو الصهيوني، وكان له أسلوب بارع في إدارة المفاوضات تجلى بقوة الحجة والحنكة السياسية من جهة والحفاظ على المبادئ والثوابت الوطنية وعدم التفريط بحقوق الأمة والإصرار على استعادة كل شبر من الأراضي المحتلة من جهة ثانية.
- كما آمن القائد المؤسس بالمقاومة الشعبية ومن هذا المنطلق ساند واحتضن فصائل المقاومة الفلسطينية وشارك في تأسيس المقاومة اللبنانية ودعمها بكل الأشكال وكان شريكاً أصيلا بكل إنجازاتها وانتصاراتها باعتراف قادة المقاومة وجمهورها.
- كذلك آمن القائد المؤسس بقيم الشهادة وقدس تضحيات الشهداء وكرم ذوي الشهداء وأبناءهم، وكان من أمنياته «أن لا تنتهي حياته إلا بالشهادة، ومن ينسى وصفه الرائع للشهداء «الشهداء أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر».
- أمضى القائد المؤسس حياته بحثاً عن أي شكل من أشكال الوحدة والتضامن بين العرب محاولا استنهاض ماضي الأمة العريق لبناء غد أفضل ولم يألُ جهدا في هذا المجال، وغدت سورية في عهده موئل ومعقل الشرفاء والأحرار من كل الدول العربية.
- سعى القائد المؤسس لبناء أواصر الصداقة والتعاون مع كل الدول الداعمة للحقوق العربية ونجح في نسج تحالفات وصداقات متينة على المستوى الإقليمي والدولي ما أمّن لسورية موقعا مميزاً على الساحة الدولية وجعل منها لاعبا مهماً لا يمكن تجاهله.
هذه الانجازات العظيمة والمآثر الخالدة لهذا القائد، ونهجه الصائب في قيادة سورية جعل منه شخصية استثنائية وقائداً تاريخياً كبيراً يثير الإعجاب، الأمر الذي جعله خالداً في ذاكرة الأمة وفي وجدان الشعب العربي وشرفاء وأحرار العالم.