فسورية التاريخ والموقف، التي تنجب الأبطال، والعلماء، وبناة الحضارة عبر التاريخ، سورية مهد الديانات السماوية كافةً مستهدفة بكل إرثها الثقافي والحضاري والإنساني وبذاكرتها وبتنوعها، والمؤامرة تريد محو تراثها وإبدال حضارتها بالتخلف وإعادتها إلى عصور الجاهلية.
مدرسة القائد المؤسس كانت وستبقى منارة للعلم وموئلاً للبطولات، وستهزم كل مشروعات محو الهوية التاريخية التي تخوض أبشع الحروب لإسقاط كل رموز سورية.
والرئيس المؤسس حافظ الأسد من أكبر رموز سورية الذي استشرف المستقبل وحمى سورية في عشرات الحروب التي خيضت لإركاعها، فكان القائد الفذ الذي وضع نظرية التوازن الاستراتيجي بمواجهة العدو الصهيوني، وواجه السلام المنفرد في مؤتمر مدريد عام 1991 وتصدى للمشروعات الإمبريالية وأذيالها من الإخوان المتأسلمين الذين قتلوا باسم الإسلام وذبحوا الشيوخ والأطفال باسم الإسلام، والذين ارتضوا أن يكونوا عملاء للأعداء مقابل المال، وبعد التخلص من المشروع الإخواني الصهيوني في الداخل شهدت سورية منذ نهاية الثمانينيات استقراراً لم تشهده أي دولة أخرى في العالم في التاريخ الحديث، وبنى الاستقرار على أسس عديدة، منها التوازن العسكري مع الأعداء وردع اعتداءاتهم من خلال رفع جاهزية جيشنا العقائدي ورفده بأحدث الأنظمة الصاروخية، ومنها أيضاً منظومة القيم والمفاهيم التي تكرس التضحية والمقاومة والعمل والعلم وتحقيق نهضة اقتصادية مثلى وإيلاء الأمن الغذائي الأهمية القصوى، إضافة إلى شبكة علاقات مع دول صديقة كثيرة وتعزيز العمل العربي المشترك، وكان القائد الخالد ذا نظرة استراتيجية بعلاقة سورية مع الثورة الإسلامية في إيران واعتبر أن الحرب التي شنها العراق في عهد صدام حسين تدمير شامل لمقدرات الشعبين العراقي والإيراني وحين غزا العراق الكويت رأى أن هذه الحرب تجعل الدم العربي «رخيصاً ومهدوراً في سبيل وخدمة الآخر أي العدو الصهيوني».
ومنذ قيام الحركة التصحيحية فعّل القائد المؤسس المؤسسات الدستورية ودور مجلس الشعب وشكل الجبهة الوطنية التقدمية ليكون العمل الوطني مشتركاً بين كل الأحزاب الوطنية. وقام رحمه الله بشن حرب تشرين التحريرية عام 1973 والتي أعادت للعرب كرامتهم بعد نكسة حزيران، فاستعادت سورية أجزءاً من الأراضي في الجولان منها مدينة القنيطرة، وفي عام 1976 أرسل القوات السورية إلى لبنان لإنهاء الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975، وتصدت القوات السورية في لبنان للغزو الإسرائيلي عام 1982 ولعبت الدور الأكبر في إنهاء الحرب الأهلية في تشرين الأول 1990، وعملت سورية بالتزامن بين البناء والاستقرار والدفاع عن الوطن على التخطيط لاستعادة الحقوق العربية المغتصبة لأن كل حرّ يؤمن بأن التراب مقدس، وكانت بوصلة القائد المؤسس دوماً فلسطين كما دعم المقاومة اللبنانية للاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، إلى أن نجحت في طرد قوات بالاحتلال الصهيوني من لبنان في أيار 2000.
وأولى التعليم والصحة أفضل عناية ورسخ دور المرأة بحصولها على مكاسب ثقافية واقتصادية واجتماعية والنهوض بواقعها فأعلى شأنها فتكرست قوانين منحتها حقها كإنسان، لتمارس دورها في كل مناحي الحياة فتعززت حقوقها المرأة بمختلف جوانبها، فأخذت دورها في الحياة الفكرية والإبداعية.
سورية تسير على نهج القائد المؤسس، نهج المقاومة والتصدي للمشروعات الاستعمارية، نهج الجذور والقيم العربية الأصيلة ولذلك تشهد أكبر عدوان يخاض بحقها في تاريخ الأمم، وتجابه آلاف التكفيريين الإرهابيين الذين يحاربون بالوكالة عن النازية الجديدة والصهيونية والأحلام العثمانية، لترسم شرقاً جديداً عنوانه المقاومة يجعل هذه المؤامرة شيئاً من ذكريات الماضي.
هذه الذكرى العطرة في ضمائرنا وأننا على العهد أوفياء ومخلصون لمسيرة القائد الخالد حافظ الأسد الذي لا يزال الملهم والموجه في ضمير كل الشعوب الحرة، التي تقتدي بالملحمة النضالية المتكاملة التي ترسم ملامح عالم جديد متعدد الأقطاب، والنصر القادم نهديه لروح القائد المؤسس حافظ الأسد، ولكل شهداء الوطن.