يقول أحد مديري المسارح في روما: إن هذا لا يعني انخفاضاً في أعداد الرواد بل على العكس فإن عدد رواد المسرح ازداد خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية وهنا الغرابة.
ويشعر المواطنون في المؤسسة التي تنظم مهرجان روما الأوروبي السنوي بالحيرة والارتباك، فقد أحدثت سنوات الأزمة الاقتصادية تأثيراً سلبياً في التمويل وأدت لتقليصه، بيد أن هذا الأمر لم يؤثر في أعداد رواد المسرح.
ويقول رئيس هذه المؤسسة:
إنه خلال السنوات العشر الماضية وبالرغم من آثار الأزمة نجد تنامياً في الإنتاج وتكمن المشكلة في الطلب المتزايد على مشاهدة العروض.
وفي خلال السنوات العشر الماضية التي انقضت بنهاية عام 2011 زاد عدد رواد المسرح بنسبة 17٪ بينما ارتفع عدد مرتادي دور السينما إلى ضعف تلك النسبة.
وفي اسبانيا يصعب الحصول على تذاكر مسرحيتي (الملك الأسد) و(سيكامو) في كل من مدريد وبرشلونة ويشهد المسرح الجاد في إسبانيا حالة ازدهار.
وبالرغم من الأوضاع الصعبة إلا أن المواطنين الإسبان يتدفقون إلى المسارح بأعداد قياسية وبلغ عدد رواد المسرح في برشلونة في العام الماضي 2.8 مليون شخص ويعد أكبر رقم لحضور العروض.
يقول: أحد أعضاء اتحاد المسارح الكاتالونية.. يعتبر المسرح في برشلونة أحد القطاعات القليلة التي لم تحافظ على مبيعاتها فقط بل زادت تلك المبيعات.
وقد ارتفعت مبيعات التذاكر بنسبة 8٪ بالرغم من تدني الانفاق الاستهلاكي.
وهذه الظاهرة غريبة، ففي الوقت الذي يجتاح فيه التقشف أوروبا نجد أن المؤسسات الفنية والثقافية الأوروبية ظلت من بين القطاعات التي خضعت لإجراءات تخفيض النفقات وواجهت المسارح ودور الأوبرا وصالات عرض الأعمال الفنية تهديداً لوجودها بتخفيض ميزانياتها وانخفاض الدعم الحكومي بنسبة كبيرة ولكن الوضع فيما يختص بالرواد ظل في حالة أفضل.
قال مدير مهرجان أفينيون المسرحي في فرنسا: (قدم فنانونا أعمالهم ولثلاثة أسابيع أمام مسارح ممتلئة بنسبة 90٪).
وفسر بعض الخبراء هذه الظاهرة بأن خفض أسعار التذاكر وتطوير أساليب التسويق وتنوع العروض من مسرح وباليه وموسيقا ساهم في ازدياد عدد الرواد.
غير أن جميع ما سبق لا يفسر ما يحدث.. فيشير المتابعون في إسبانيا إلى هذه الحالة إلى وجود عوامل معقدة تشجع الناس على ارتياد المسرح،... وكما يقول خبير في هذا المجال! لا توجد نظرية واحدة لتفسير ما يحدث، أعتقد أن رواد المسرح هم من الطبقة الوسطى ممن لديهم وظائف مستقرة وبدؤوا في تقليص النفقات في جوانب من حياتهم فلم يعودوا يشترون سيارات جديدة أو ينفقون على السياحة والسفر وبالتالي بات لديهم قدر من الدخل يمكن انفاقه ويستخدمونه للترويح عن أنفسهم ومحاولة نسيان مشكلاتهم.
تشرح إحدى الفنانات ما يحدث بالقول:
أعتقد أن الكساد يعد مثل شرخ في الحائط حيث ينتابنا قلق بأن الحائط على وشك السقوط وبعدها نرى أن الجانب الآخر حديقة لم نكن نعرف بوجودها بينما يقول ممثل آخر: «ربما كانت لدى الناس حاجة أكبر لكي يكونوا معاً».