تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إيمانويل كانط يرسم لوحات جاحظية

فضاءات ثقافية
الثلاثاء 18-9-2012
من كان يظن أن الفيلسوف الألماني «إيمانويل كانط« قد اهتم في بعض كتاباته بالحيوانات، وهو المشهور بفلسفته في مجال الأخلاق. كانط لامس اتجاه الجاحظ وأيضا أرسطو في بعض مما جاء في مؤلفاته.

يجمع مؤرّخو الفلسفة والمهتمّون بشؤونها على أن الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط «1724-1804»هو الذي وضع الأسس للفلسفة، مؤثّراً بذلك في مجمل التيارات التي ظهرت منذ الفترة التي عاش فيها، وحتّى هذه السّاعة.‏

ولا تزال مؤلّفاته مراجع أساسيّة لجميع فروع الفلسفة، والميتافيزيقيّة منها بالخصوص. وهو الذي مهّد لظهور فلسفة التّنوير عبر نصّ شهير يقول فيه: «اعملوا عقولكم أيّها البشر! لتكن لكم الجرأة على استخدام عقولكم فلا تتواكلوا بعد اليوم، ولا تستسلموا للقدر، والمقدّر، والمكتوب. تحرّكوا، وانشطوا، وانخرطوا في الحياة بشكل إيجابيّ متبصّر، فاللّه زوّدكم بالعقل، لذا عليكم استخدام هذا العقل.»‏

ويرى كانط أن التّنوير نقيض للمعتقدات الدّينيّة. لذلك حذّر من الطّاعة العمياء للقادة السياسيين ولرجال الدين الذين يستخدمونه لإقناع النّاس بصواب أفكارهم وآرائهم. ومستكشفاً ماهية التّنوير كتب كانط. يقول: «إنّه- أي التّنوير- خروج الإنسان من مرحلة القصور العقليّ وبلوغه سنّ النّضج، أو سن الرشد».‏

والقصور العقلي عند كانط هو «التّبعيّة للآخرين، وعدم القدرة على التّفكير الشّخصيّ سواء في السّلوك، أم في الحياة، أم في غير ذلك. لذلك فإنّ الإنسان الذي يحتاج إلى من يسيّره ويرشده، هو في الحقيقة قاصر عقليّاً.»‏

ولد كانط في 22 نيسان 1724. ينتمي إلى عائلة فقيرة. وبتأثير من والديه، تعرّف على مكارم الأخلاق التي سيهتم بها فيما بعد في مجمل مؤلّفاته. وبعد حصوله على الدكتوراة في الفلسفة، درس بعمق أعمال الفلاسفة الذين سبقوه خصوصاً جان جاك روسّو، لتركيز هذا الأخير على الأخلاق وجعلها في مرتبة العلم، والدّين.‏

وقد أمضى كانط الجزء الأعظم من حياته في مدينة كونيغسبارغ، مسقط رأسه فلم يغادرها أبداً. وفيها كان يقوم بجولاته اليوميّة ملتزماً بوقت محددّ لم يتخلّ عنه حتى النّهاية.‏

وإلى جانب المواضيع الميتافيزيقيّة، والدينيّة، والأخلاقيّة اهتمّ كانط بنظام الرّياح، وبالأمكنة الجغرافيّة للقارّات، وبشكل الكرة الأرضيّة. وفي المجلّد التّاسع عشر من مؤلّفاته الكاملة، خصّص صاحب «نقد الفكر الخالص» فصولاً للحديث عن الحيوانات الغريبة والمجهولة بالنسبة له بالخصوص, فعن الخروف السّوري يقول إن له «أذنان تتدلّيان حتى تلامسا الأرض».‏

ويوجد مثل هذا الخروف اليوم في شمال المغرب الأقصى وجنوبها, وفي إيرلندا هو يشير إلى أنّ هناك خرفاناً بأربعة قرون. ويعتبر أن صوف الخرفان الإسبانيّة أكثر ليونة ونعومة من صوف بقيّة أنواع الخرفان.‏

كما يتحدّث كانط عن الخروف العربي الذي له ذيل عريض، وعن آخر له ذيل طويل. ويولي صاحب نظريّة التنوير اهتماماً بالخنزير المكسيكيّ الممسّك، وبنمل الكونغو الذي يذكر أنه كبير الحجم حتى أنه قادر على أن يأكل بقرة أو إنساناً ميّتاً.‏

كما يولي اهتماماً باللّقام، أو الغلّطون «حيوان لاحم يعيش في شمال أوروبا وشمال أميركا»، وبالكندور «نسر أمريكي كبير الحجم»، وبسمك القرش بالفيل. وخلافاً لأرسطو، والجاحظ اللذين قدّما معلومات مفصّلة ودقيقة وعلميّة عن الحيوانات التي تناولاها بالدّرس، اكتفى كانط بالوصف فقط، لكنه فعل ذلك بشكل طريف للغاية.‏

فالفيلسوف الذي كان يكره السفر والتنقّل، والذي كان يتحرّك في مسافة محدّدة كان يطلق العنان لخياله ليسافر به بعيداً وينقله من قارّة إلى أخرى ليصف الحيوانات العجيبة والغريبة فيها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية