إلا أنها في الفترة الحالية وفي ظل ماتعيشه سورية من أحداث فقد اكتسب العمل التطوعي معاني أخرى جديدة وبلور صفات أبناء مخلصين لوطنهم، حيث لم يدع الشباب والجامعيون فرصة إلاوشاركوا فيها، فها نحن نراهم في المسيرات ونراهم يشكلون حملات تطوعية عبر شبكات التواصل الاجتماعي فتحارب بالكلمة ، ولم يقف الأمر عند هذا الجانب إذ لم يغب الشباب عن فعالية من شأنها أن تعود بالفائدة على الوطن في أي مجال وكلها عبرت عن إقدامهم وانتمائهم وتمسكهم بسيادة الوطن خصوصاً أن هذه الظروف تتطلب العمل من الجميع وقد تضاعف دور الثقافة التطوعية لخدمة الوطن وتجاوزت الحملات التطوعية الجديدة والكثيرة الحملات المألوفة سابقاً حيث خرجت للنور فعاليات جديدة ومختلفة تلبي متطلبات ونداء الواقع الجديد ومايحتاجه وفي اتجاهات متعددة بدءاً من التطوع لمساعدة الأطفال في مراكز الإيواء وتطوير مهاراتهم ثم المشاركة في أنشطة متنوعة ترفيهية من شأنها أن تشغل أوقاتهم الحزينة بأشياء مفرحة ومفيدة لهم كما تطور من فكرهم وانتهاءً بتوزيع الموارد والمساعدات المختلفة وإيصالها إلى مستحقيها ، إضافة إلى إزالة المخلفات من الأماكن المنكوبة ، ثم حملات التنظيف للشوارع وغيرها...
حيث اهتمت وسائل الإعلام بكل تلك الأنشطة والفعاليات العفوية وغالبية من قام بها هم شباب طلبة، فجميعهم يبدون اندفاعهم ورغبتهم بالمشاركة في العمل التطوعي الذي يساعد ولوجزئياً في التخفيف من آثار الأزمة بأي وسيلة كانت إذ يعتبرونه بكل أشكاله خدمة للوطن مثلاً حملة يوم من أجل البيئة قامت بها كلية الهندسة الزراعية، وقد حملت الكثير من التفاصيل التي تعلم الطلبة الالتزام وروح الانتماء والعمل المشترك عدا عن الفائدة الاختصاصية وقال حول ذلك الطالب أوس منصور: شاركت في هذه الحملة وكانت مجموعة كبيرة من الطلبة تقوم بزراعة الأشجار والورود وقد أعطتني التجربة الميدانية خبرة اختصاصية في العمل الميداني من جهة ومن جهة أخرى تضمن برنامجها الذي رعته الهيئة الإدارية في الجامعة آليات جعلتني أستفيد منها في جوانب أخرى وقد توزع العمل ضمن مسارات فهناك من قام بالحفر وآخرون بالزراعة إلاأن فائدتها كانت كبيرة في عدة اتجاهات وقد لفتت نظر الطلاب المشاركين إلى أهمية الوعي البيئي وضرورة منحه الاهتمام الخاص ليتم تعميمه ويصبح سلوكاً يومياً نمارسه دوماً في كل تصرفاتنا حيال محيطنا ، وهذه الحملات تلعب دوراً مهماً من ناحية أخرى كونها تتم ضمن جو تشاركي، وأتمنى أن تتكرر حتى تنجز فائدة أكبر على نطاق واسع، لأنه يمكنها استغلال طاقات الطلبة ورغبتهم بالعمل التطوعي في مجالات أخرى لأن تلك الفعاليات يمكنها أن تصنع الكثير وأي عمل يكون مردوده إيجابياً لاشك يصب في مصلحة خدمة الوطن .
> أما الطالب دياب جوهر -حقوق قال :
شاركت في أكثر من حملة تطوعية دعت لها الجامعة كان آخرها حملة تطوعية لتنظيف الكلية وقد ضمت متطوعين من كافة الكليات الجامعية فكان هناك طلاب من الحقوق وكلية الفنون الجميلة والآداب اوالتربية وغيرها، وإذا ماأمعنا بذلك الفعل البسيط فإننا نجده فعلاً ذا جدوى رائعة لجميع المشاركين بما يتركه من أثر في كل الاتجاهات من جراء تلك التشاركية وحضور الحس الجماعي، وخصوصاً في هذه الفترة من أحداث وطننا ، الأحداث تحث الجميع على التمسك بكل ماهو إيجابي وقد جمعنا كطلبة فعل تطوعي ينمي مشاعر الانتماء والإحساس بالمسؤولية وقد شهدنا مبادرات الطلبة وإقدامهم على هذه الحملة وعلى غيرها من الفعاليات التطوعية للمشاركة في معركة الوطن، وهذه الحملات تؤسس مع غيرها لشعور المواطنة والإحساس بالآخرين وقد كثرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة وهذا يعبّر عن رغبة الشباب في الذود عن الوطن بأي وسيلة وبأي شكل من شأنه المساهمة ولوبجزء منه.
والتطوع في أي نشاط يترجم هذه الحالة عدا عن إيجابية هذه الحملات بشكل عام حيث يشعر الطالب عندما يشارك مع غيره بأهمية هذا الفعل وفائدته الوطنية كما الاجتماعية مثل المشاركة في حملة أطول رسالة تقول وتحمل تواقيع نعم للوطن، أيضاً المشاركة في حملة رفع أطول علم، ثم المسيرات وغيرها قد أثبتت حضور الشباب في كل المساحات والأعمال التطوعية،إن كان باسم الجامعة أو خارجها إن هذا العمل التطوعي هو بمثابة موقف قوي يتمسك بالوطن وسيادته ومافعله الجيش الالكتروني في خدمة بلده والدفاع عن كرامته وتعزيز تماسكه بالكلمة والموقف عبر شبكات الأنترنت ليس إلا تجليات واضحة لثقافة التطوع وجدواها على أرض الواقع، فقدمت معاني الاندفاع والإقدام والشجاعة تجاه ملمات قد تصيب الوطن خصوصاً أنها أتت بالشكل العفوي.
> أما الطالبة ندى محمد طالبة أدب انكليزي سنة ثانية قالت:
العمل في المجال التطوعي لايقدر بثمن ونتمنى تعميم هذه الأفكار لمافيها من تأثير متميز على المحيط كما على النفس وقد قدمت للآخرين أشياء مفيدة خلال المشاركة بدافع ذاتي عبر صفحات الفيس بوك للدفاع عن موقفنا ورد الهجمات المغرضة على بلدنا عبر تلك الشبكات وقد كان لشباب السوري موقفه القوي في هذا السياق ثم المشاركة بصفحات تهتم بأزمة الوطن وكل تفاصيل أحداثه والتي شكلت رداً حقيقياً لكل المواقف المزيفة والمفبركة بحق الوطن ، وقد كثرت إلى حد يفوق الخيال فيشارك الشباب والطلبة ويشكلون جبهة دفاع حقيقية من خلال تلك الصفحات منها : أنا لست مسلماً ولامسيحياً ولا...أنا سوري/صفحة تحية وفاء / وغيرها الكثير وقد لمسنا وعبر هذا الجانب الحالة التطوعية الواسعة التي أبداها الشباب السوري فأظهرت أهمية التعاون والتشارك في الهموم العامة والتي تشغل الناس وكيف يمكن للحملات التطوعية تلك أن تبلور الدوافع النبيلة في الأوقات الصعبة، هذا عدا عن نتائجها في توحيد الجهود للوصول إلى الأهداف وتوحيد المشاعر لذلك علينا أن نتمسك بمفردات وأساليب ثقافة التطوع لما فيها من نضج حقيقي للمفاهيم في كل المجالات.
الفعاليات التطوعية حالة هامة ومن الضروري على الشباب أن يعيشونها ليتم التمسك بها وترسيخها وممارستها ضمن سلوكيات تتكرس في حياة الفرد الاجتماعية وتصبح ثقافة عامة، حيث تتحمل مسؤوليتها المؤسسات المعنية الثقافية والإعلامية وغيرها وليس الجامعات فقط، فهناك مايدعو لحضورها في حياة كافة الشرائح والفئات والقطاعات كي تنجز الحملات التطوعية فائدتها من أكثر من منظور، وقد أكدت جميع فعالياتها على الأرض أهمية تعميم ثقافة التطوع في مجتمعنا الذي يحمل بذورها أصلاً في مفاهيمه ، لكن تنظيمها في إطار منسق وموجه ومستمر وإن كانت تعني الكثير في شكلها العفوي، من شأنه أن يوصلها إلى أميز النتائج المرجوة لأنها بميزاتها تحمل كافة الأوجه الإيجابية في كل أبعادها وقد أنجزت مايفوق المستحيل في الأزمة السورية وكانت تعبيراً صادقاً عن محبة الوطن والانتماء والإقدام على الدفاع عن كرامته وسيادته.