ولكن هل مقتل السفير الأميركي هو الذي أيقظ حمية واشنطن أم أن مقتله ذريعة للتدخل الأميركي من جديد في ليبيا ليتسنى لها كسب المزيد من الغنائم دون مشاركة حلفائها، ولعل الأيام القادمة كفيلة بكشف المستور.
وفي هذا الإطار كشف مسؤول عسكري في سلاح الجو الليبي عن اختراق واستباحة نحو عشرين طائرة امريكية بدون طيار للاجواء الليبية بشكل متواصل منذ مقتل السفير الامريكي وثلاثة اخرين من موظفي السفارة الامريكية في بنغازي ما تسبب بايقاف الرحلات الجوية في الاجواء الليبية.
حيث ان هذه الطائرات تحلق فوق بنغازي والبيضاء ودرنة ومصراتة واجدابيا والنوفلية وأحيانا طرابلس والزاوية بشكل مستمر الامر الذي دعا أمريكا لمطالبة السلطات الليبية بايقاف الرحلات المدنية الداخلية والخارجية حتى يتسنى لها اكمال مهمتها موضحا أن أكثر المدن التي تركز عليها هذه الطائرات هي بنغازي حيث تقوم سبع طائرات بدون طيار بجمع معلومات استخبارية وبمسح وتصوير شاملين لمواقع يعتقد أنها للكتائب المسلحة في بنغازي والجماعات الاسلامية المتشددة وللاهداف المحتملة التي قد يكون لها علاقة بالهجوم على القنصلية الامريكية في بنغازي الذي أودى بحياة السفير الامريكي لدى ليبيا كريستوفر ستيفنز وثلاثة أمريكيين اخرين.
كما أوضح المسؤول العسكري الليبي أن الجانب الامريكي سيقوم بتسليم هذه المعلومات الى الحكومة الليبية على أن يقوم الجيش الليبي بوضع حد لهذه الكتائب.
واقر المسؤول العسكري الليبي بأن تحرك هذه الطائرات وعملائها على الارض بزي مدني هو انتهاك لسيادة الاراضي الليبية مطالبا المؤتمر الوطني الحاكم في ليبيا بوقف هذه الطائرات واحترام سيادة البلاد.
واشار المسؤول العسكري الليبي الى أن ما يسمى اتفاقية أصدقاء ليبيا تنص على حماية الحدود وليس الاستطلاع في الاجواء الليبية وتصوير مواقع عسكرية.
بدوره حذر محمد المقريف رئيس المؤتمر الليبي العام من الاخطار المحدقة بليبيا بسبب عدم قدرتها على انشاء جيش وطني متماسك وبعد ان كشف الهجوم على القنصلية الامريكية في بنغازي عن وجود فراغ امني، وانه شعر بالصدمة لعدم وجود خطة شاملة تستند الى رؤية واضحة لبناء الجيش وقوات الامن وقضية جمع الاسلحة من الميليشيات مشيرا الى ان الموقف الذي تشهده ليبيا يبعث على الحزن ويجب الخروج منه على وجه السرعة وإلا فان العواقب ستكون وخيمة.
وتابع المقريف ان التأخير في فرض سيادة القانون وانعاش الاقتصاد الليبي لن يزيد الشعور بالاحباط من قبل الليبيين العاديين فحسب بل سيصب ايضا في مصلحة جماعات متطرفة تستلهم نهجا خارجيا.
هذا واثار تقديم المسؤولين الاميركيين والليبيين روايتين مختلفتين تماما حول تفاصيل الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي والذي ادى إلى مقتل السفير الاميركي وثلاثة اميركيين آخرين تساؤلات حول اذا ما كانت تصريحات المسؤولين الاميركيين تهدف إلى حماية سياسات ادارة الرئيس باراك أوباما من تحمل اللوم على الهجمات.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المندوبة الاميركية في الامم المتحدة سوزان رايس قولها: ان الهجوم بدأ بتظاهرة عفوية احتجاجا على الفيلم المسيء للاسلام بعد احتجاجات مماثلة في مصر.
وقالت رايس في تصريح لشبكة اي.بي.سي ردا على سؤال بشأن العناصر الأولية للتحقيق الذي يجريه مكتب التحقيقات الفيدرالي الـ اف بي اي بشأن الهجوم.. وفقا لما لدينا حاليا من معلومات فان الامر بدأ بتحرك عفوي وليس متعمدا اقتداء بما كان يحصل في القاهرة حيث اندلعت قبل ذلك ببضع ساعات تظاهرة عنيفة ضد هذا الفيلم الصادم للغاية. واضافت رايس ان مجموعة من الناس جاءت إلى القنصلية وبعد ذلك اندلع العنف وانضم بعض الاشخاص الذين لديهم توجهات متطرفة إلى الفوضى وجاؤوا باسلحة ثقيلة والتي هي منتشرة كثيرا حاليا في ليبيا وبعد ذلك خرجت الامور عن السيطرة مؤكدة انه لا توجد في هذه المرحلة مؤشرات بان هذه خطة منسقة وان الهجوم متعمد وسننتظر نتائج التحقيق ولا نريد ان نتسرع في الحكم على الامور قبل ذلك.
ونفت رايس التلميح إلى ان الولايات المتحدة تبدو عاجزة عن وقف الغضب المنتشر في العالم الاسلامي بسبب الفيلم المسيء للاسلام والذي ينصب على رموز النفوذ الاميركي في المنطقة مثل البعثات الدبلوماسية والشركات ومطاعم الوجبات السريعة.
وزعمت رايس ان موجة الغضب التي اندلعت في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وبعض الدول الاسيوية سببها الوحيد هو الفيلم المسيء للاسلام وليس ضعف شعبية الولايات المتحدة في العالم الاسلامي وان الهجمات هي نتيجة مباشرة للفيديو البشع والمسيء الذي تم نشره على مستوي واسع والذي لا علاقة للحكومة الاميركية به.