تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نزاعات على خلافة ساركوزي

Financial Times
ترجمة
الأربعاء 25-4-2012
ترجمة: خديجة القصاب

تشترك النزاعات التي تجتاج حملة انتخابات الرئاسة الفرنسية اليوم بأنها تسري كذلك على نظيراتها الجارية على امتداد قارة أوروبا.

فقد اجمعت تعهدات المرشحين الفرنسيين لخلافة ساركوزي في الاليزيه خلال حملتهم الانتخابية الحالية على الالتزام بنهج السياسة الأوروبية على الصعد كافة سواء كان بالنسبة لمناقشة تلك القضية أو سواها أو استبعاد تلك السياسة عن جدول أعمال بروكسل علماً أن أي خطوة في هذا الاتجاه أو ذاك ستنعكس سلباً على الأسواق الأوروبية المعتمدة وقد لا تلقى تلك المبادرات والخطوات قبولاً غداً في مدينة« شابلايس» الفرنسية حيث ستنعقد أول قمة للاتحاد الأوروبي بعيد صدور نتائج الانتخابات الفرنسية مباشرة فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا هل يتطلب الأمر النظر إلى تلك التعهدات على انها ليست أكثر من سراب متخيل على هامش احتدام معركة انتخابات الرئاسة الفرنسية؟‏

ربما هي كذلك لكن ما من امرئ يستطيع استبعاد احتمالات اعتراف رجالات السياسة الفرنسية بالحقيقة على هامش تحررهم من قيود مناصبهم في مرحلة حامية الوطيس كانتخابات رئاسة الإليزيه وتصريح كل من هؤلاء بما يفكر فيه أكان هذا التفكير مطابقاً لما يريده الشارع الفرنسي أم لم يكن ، من هنا جاء وعي هؤلاء المرشحين للرئاسة الفرنسية بضرورة السعي للإيفاء بتعهداتهم في المستقبل ويبدو أن الانتخابات الرئاسية الفرنسية ستجري في ظل ظروف صعبة ومعقدة خلال شهر أيار القادم خلافاً لأجندة المشروع الأوروبي المعلن ومن المحتمل أن يستثمر هذا الموضوع أي الانتخابات لصالح مرشحه حزب الجبهة الوطنية« مارين لو بين» التي ترغب في عودة فرنسا لاستخدام نقدها القديم« الفرنك» المتداول قبيل تبني اليورو.‏

أما مرشح حزب الاشتراكيين الفرنسي « فرانسو هولاند» فتساءل خلال حملته لمنصب رئاسة الجمهورية عن مدى صلاحية السياسة المدعوة« بالماركوزية» أي اتفاق « انجيلاميركل» مع ساركوزي نظراً لتخوف الشارع الفرنسي من ابتعاد المانيا عن فرنسا سياسياً واقتصادياً مما يهدد مستقبل تلك العلاقة‏

هذا بينما يشهد هذا الشارع صعود نجومية « جان لوك ميلا تشون» أحد المنافسين الصاعدين للرئيس الحالي ساركوزي ويستخدم « ميلاتشون» لغة منمقة تدافع عن البيئة واستقلالية قرار باريس وقد بلغت المشاحنات اليوم اوجها بين« مارين لوبين» و« ميلاتشون» ومن المتوقع أن تحتل لوبين المركز الرابع في الجولة الانتخابية الرئاسية الأولى وفي حال وصلت « لوبين» زعيمة الجبهة الوطنية إلى هذا المركز الرابع سيصبح وضع المرشح الاشتراكي« فرانسو هولاند» صعباً وسيدفع ثمن صعودها إلى هذه المكانة غالياً علماً أن المراقبين يرون أن « هولاند» سيكون المرشح المحتمل الذي سيفوز بالجولة الانتخابية الثانية نظراً لمصداقيته طبعاً لاستطلاعات الرأي العام الفرنسي.‏

هذا ولا يولي« جان لوك ميلاتشون» السياسة الأوروبية الأهمية التي يعطيها « هولاند» منافسه لأن مرشح حزب جبهة اليسار« ميلاتشون» يطالب بوضع مصرف أوروبا المركزي التابع للاتحاد الأوروبي تحت سيطرة السياسة الأوروبية وليس الأميركية علماً أن هولاند لم يذهب في طروحه إلى مطالبة اخضاع هذا المصرف لإدارة الاتحاد حصراً كما يرغب مرشح الحزب الاشتراكي في منح المصرف المركزي الأوروبي تكليفاً ثنائياً تملك فيه السياسة كلمة والمالية كلمة على غرار ما يتمتع به المصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي مع إعطاء الأولوية لتوفير فرص عمل لأكبر شريحة في دول الاتحاد الأوروبي دون الاعتماد على مقترحات أميركية حول هذا الموضوع كما كان عليه الحال في السابق وستشكل هذه القضية ركناً هاماً في حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية بحيث تسمح بإعادة النقاش حول تبادل الحكومات الأوروبية المواقف السياسية المشتركة.‏

ويواجه المرشح الاشتراكي هولاند العديد من الانتقاد جراء تصريحاته المعادية للمعاهدات الأوروبية المشتركة بعد أن اعتقد خصومه أنه في حال فاز في الرئاسة الفرنسية سيعمد إلى التنكر للمعاهدات الثنائية الموقعة مع كل من ألمانيا وجاراتها من أعضاء الاتحاد الأوروبي ليتساءل هولاند من ثم عن كيفية استمرار دوران عجلة العلاقة الفرانكوالمانية علماً أن هذا الدوران يتم كبحه اليوم في أروقة الإدارة الفرنسية وليس داخل حزب الاشتراكيين كما يتردد.‏

ويساور الطبقة السياسية الحاكمة في باريس الشك حول شروط المعاهدات الاقتصادية الفرنسية الالمانية في محاولة للتملص من تبعات هذه العلاقة الحميمة بين البلدين أي بين باريس وبرلين.‏

كما يتخوف الفرنسيون على غرار الاقتصاديين الأوروبيين من السير على النموذج الاقتصادي الألماني الذي يتسم بالصلابة والتقوقع على ذاته.‏

وقد صرح ساركوزي على هامش حملته الانتخابية لتجديد بقائه في الاليزية لولاية ثانية قائلاً ستقلص فرنسا مساهماتها في ميزانية الاتحاد الأوروبي وذلك إثر نقاش محموم بين باريس ولندن مؤخراً حول هذا الموضوع كما طالب بتأمين حماية أوروبا الغربية لمواطنيها من الإرهاب والجميع يعلم من يغذيه وذلك إلى جانب العمل للتخلص من الأزمة الاقتصادية التي ضربت مجموعة دول الاتحاد الأوروبي تقريباً وأدت إلى إفلاسات واسعة في كل من اليونان واسبانيا وايرلندا وبريطانيا.‏

وتطرق ساركوزي كذلك إلى تعديل اتفاقية« مشينيغن» التي أرست قواعد قيام الاتحاد الأوروبي وذلك في مدة اقصاها سنة واحدة هذا بينما تعارض المانية بشدة إدخال أي تعديلات على تلك الاتفاقية بينما ترى بريطانيا أنه كلما كان هناك تغيير كلما سارت الأمور نحو الأفضل.‏

 بقلم:« هيورد ديفييس‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية